إن الفكر الذي يبني آمالاً واقعية، قد يكون للمرء أو الإنسان دور في محاكاة ذلك الواقع من خلال التأمل الذاتي الذي نستطيع من خلاله إيجاد الوسائل المناسبة لتجاوز محطات الشعور بخيبة الأمل. فعندما يكون الإنسان قادراً على التعامل مع معترك الحياة السياسية والاجتماعية بمزيد من الصبر والحكمة، قد يمكن له أن يضع صورة حقيقية للأفكار التي على ضوئها يصاغ الفكر الملائم لطبيعة تكوين شخصيته، والتي لن تكون بمعزل عن التأثيرات الجانبية للمحيط الاجتماعي؛ لنجد ذلك في "أحمد حلمي: ميدو مشاكل" الذي يتوه في "لخمة رأس" في "قصة الحي الشعبي"، ونقترب من رائعة صموئيل بيكيت "في انتظار غودو: Waiting for Godot" أو "المهدي المنتظر". إن المسافة الفاصلة بين العمل الدرامي والتأثيرات الناجمة عنه قد يكون للمشاهد العادي دور في وضع التصورات اللازمة لإيجاد خطوط التماس بين الحدس والواقعية؛ لنتأمل مفارقة "إيناس الدغيدي" في "نزوة" الراحل "أحمد زكي"؛ لندرك من خلالها حكمة "الزير سالم" في "فلسفة الوصاية" و"ثقافة التملك". إن اللحظات العابرة التي يسود فيها الاحتكام للعقل قد يكون للعاطفة لحظة مماثلة في استيعاب الدور (الواقعي) أو حتى (الافتراضي) للإنسان المستوعب لتجارب الماضي، وتطلعات المستقبل؛ ليكون للانضباط الذاتي دور آخر في إيجاد مقاييس الاستيعاب للحيز المكاني في قلوب الآخرين. إن مشاعر الحب أو الكراهية قد تتجاذبها أرجوحة الفكر في "ليه خَلّتني أحبك"، و"أغداً ألقاك" في ظل ضبابية شديدة حول جاذبية العندليب الأسمر "موعود"، ولكي تظل تلك الحالة من الشفافية يمكن أن يكون للموسيقى الداخلية الناجمة عن التلاقي الافتراضي بين ما نريد وما نتطلع إليه دور في إبراز نوع من التصالح مع الذات، ولنجد على ضوء أنغامها أروع الكلمات التي ليست كالكلمات للمرأة الرومانسية "أنا اعتزلت الغرام"، ولتأكد وميض رائعة الماجد "المسافر" في "الوسادة الخالية"؛ ليدنو من القيصر "كاظم الساهر" في أعذب لحن له "زيديني عشقاً" في "مدرسة الحب"؛ لتزول تلك الضبابية التي ينبعث عنها بريق "قوس قزح"، في ألوان متعددة، ولكون القلوب الحائرة ما زالت تبحث عن لون واحد يصدح بصوت "أمير الغناء العربي: هاني شاكر"، "نسيانك صعب أكيد"، ولنجد أن ذلك البريق يخشى من مآلات "رد قلبي"، ومقولة "إحسان عبد القدوس: الحب الأول وهم كبير"؛ ليتذكر "روزاليوسف" في رائعة المخرج المتميز "وائل إحسان" في "أمير البحار"؛ ليصل مع "نوارس البحر" إلى شاطئ "جزيرة الورد"، وليشرب من "عصير قصب السكر" في مدينة "الست أم كلثوم" وتحفتها الفنية "أنت عمري"؛ لتتماهى تلك التحفة الفنية مع أروع ألحان لـ"الأخوين الرحباني" في عيد ميلاد "السيدة فيروز الـ81"، في رحلة أشبه بسمراء "نوبية" بلون الليل من أعالي "جبل سانت كاترين" ليشع نورها في السماء "مدد.. مدد مثلك في الوجود لا أحد" ليرد الهضبة "عمر دياب: تمللي معاك". لتظل تلك الحكاية كرواية "الطيب صالح: موسم الهجرة إلى الشمال"، لتكون بداية التعامل مع المستجدات في الحياة العامة، ويكون في سياقها دور الشباب في المشاركة في معترك الحياة السياسية والاجتماعية، بعيداً عن الافتراضات المسبقة أو القصص الخيالية لروائع "أمير الأدب الروسي: بوشكين"، التي قد تجعل النشء والشباب بعيدين كل البعد عن جوهر المشاكل التي تواجههم في مجالات "القيم والهوية"، وقد يكون للحوار الذاتي واتساقها مع المبادئ الأساسية للمكونات الإنسانية والجغرافية عبر منظومة الفكر، الذي ينسجم مع "البعد التأويلي"، الذي تبرز من خلاله أهمية المكان في إدراك "التطور الذاتي" في الزمن الحاضر من منظور ثقافي واجتماعي. وتأتي الزيارة التاريخية لبابا الفاتيكان للقاهرة في 28 - 29 أبريل/نيسان 2017م لتُشكل علامة مضيئة في مراحل تطور الدولة المصرية عبر التاريخ، وبذلك تكون الأيديولوجية هي "الصورة المخططة للنظام الاجتماعي"، في ظل الرؤى المتنافسة خلال تلك المراحل، والتي يستخدمها المسؤولون السياسيون كدليل لإدارة البيئة الاجتماعية. وفي هذا السياق، يطرح موضوع سبب ظهور الدين كقاعدة للحشد السياسي، وهذا صحيح في حالة أخصائي علم الاجتماع المصري "سعد الدين إبراهيم" الذي يوضح بقدرة فائقة كيفية وسبب تأثير السياق المادي المتغير على التغيرات في الفكر الديني، الذي أصبح أساسَ مثل هذا النشاط وليس الموارد الأيديولوجية الأخرى.. أم أن تلك الزيارة وبتلك التجليات - العفوية - تُمثل عنواناً بارزاً للترويج للسياحة الدينية؟! * للتأمل: اللغة في ضمير الوطن تنتزع اللفظ من لسان المعنى.. وسرايا المشيئة تُنقب عن وطنٍ بديل.. والسحاب المثقلة بالهموم تدرك سر بقايا الشرود والظل باسط ذراعيه في المدى.. يتلمس أوجاع الأرض.. والقلوب التائهة.. ما زالت تبحث عن صوتٍ خافت يُشعل جذوة الحب المزيفة.. في مواثيق العهود والرسائل المتراكمة في صدى الخلود لتسافر مع "زهرة اللوتس".. عبر الدروب العتيقة.. التي تشدو بترانيم الوجود.. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :