نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية تقريراً حول ما وصفتها بأول معركة سياسية كبيرة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي تسليح الأكراد السوريين الذين يعتبرهم الأتراك أعداء، وتساءلت كيف سيكون رد أردوغان -الذي وصفته بالزعيم العنيد- على هذا القرار. تقول الصحيفة -في التقرير الذي أعده باتريك كينجسلي وآن برنارد إن البيت الأبيض اتخذ خطوة تسليح المقاتلين الأكراد رغم الاعتراضات الصاخبة من تركيا، لأنه يعتبرهم وكيلاً عسكرياً مؤثراً في المعركة ضد تنظيم الدولة، لكن القيام بذلك قد يأتي على حساب قطع العلاقات مع الحليف الهام في حلف الناتو الذي تتودد إليه روسيا، وربما يكون له تأثير غير متوقع على المعركة ضد تنظيم الدولة والحروب في سوريا والعراق. وأشار التقرير إلى أن أردوغان ومساعديه حذروا على مدار شهور من اتخاذ إجراءات أكثر عنفاً ضد المسلحين الأكراد، حتى وإن كان ذلك في معقل مختلف وهو العراق، لافتة إلى أن محللين يرون أن مثل هذه الخطة تحمل أهمية من الناحية الاستراتيجية. وفي يوم الأربعاء الماضي، حذر رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، من أن تسليح الأكراد يمكن أن يكون له «نتائج سلبية» و»عواقب» على الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن أردوغان سيناقش هذا الأمر حين يجتمع بالرئيس ترمب في البيت الأبيض الأسبوع المقبل. كما انتقد أردوغان بشدة قرار إدارة ترمب في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام التركية، وأعرب عن أمله في «أن يتم العدول عنها في أقرب وقت ممكن». وبحسب محللين وخبراء، ربما يسعى أردوغان الآن للحصول على تسوية من أجل ابتلاع القرار الأميركي، وذلك بالعمل بشكل أوثق مع الأكراد في سوريا. وفي المقابل، يمكن لأردوغان الحصول على ضوء أخضر أميركي لتدخل قوي ضد خصم تركيا في العراق، وهو حزب العمال الكردستاني. ونقلت الصحيفة عن سونر كاغابتاي -الخبير التركي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى- قوله إن الأتراك قد ينسقون عملية أرضية من المحتمل أن تقوم بها قوات كردية صديقة لتركيا. وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن مسلحي حزب العمال الكردستاني خاضوا حركة تمرد داخل تركيا بمساعدة قواعدهم في شمالي العراق، وقامت الجماعة بالتنسيق مؤخراً مع الميليشيات العراقية المدعومة من إيران، وهي قوة أخرى تعتبرها تركيا تهديداً لها. ونقلت الصحيفة عن أرون شتاين -المتخصص في الشأن التركي بالمجلس الأطلسي، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن- قوله: إنني أثق في كلمات الرئيس التركي، إذا قال إن بإمكانه القيام بشيء في العراق، أميل للاعتقاد بأنه يستطيع فعلاً القيام ذلك. ويقول محللون إن تنفيذ ضربات في العراق لن يفعل شيئاً يذكر لمنع توطيد مناطق الحكم الذاتي الكردية داخل شمال شرق سوريا، إلا أنه سيعزل تلك الكانتونات عن المناطق الكردية في العراق. وقد يمنع أيضاً الأكراد من توسيع قوتهم في المنطقة، وتعزيز الحركة القومية الكردية داخل تركيا، وهو الأمر الذي يشكل القلق الأكبر لأردوغان. كما أنه سيجعل من الصعب على إيران الحفاظ على ممر مستمر من النفوذ يمتد من طهران عبر العراق وشمال سوريا إلى البحر الأبيض المتوسط. ونقلت الصحيفة عن جيمس جيفري السفير الأميركي السابق لدى تركيا قوله: «يمكن لأردوغان أن يتعايش مع وجود دويلة لقوات «وحدات حماية الشعب» الكردي في شمال سوريا، لكنه لا يستطيع التعايش مع دويلة تدعمها الولايات المتحدة الأميركية، ومرتبطة بإيران».;
مشاركة :