ريال مدريد كان في ورطة كبيرة لإيجاد بديل قوي يخلف روبيرتو كارلوس، بموهبة مماثلة وقوة بدنية وتسديدات خارقة، دائما حينما تبحث عن نفس المواصفات بنفس الوضع والطريقة فإنك لن تجد مرادك. لم نحصل على رونالدو ليما الجديد أو ريفالدو الجديد، دائما هناك تطلعات وأعباء كبيرة توضع على الشباب دون أن ندرك أن مواهب كرة القدم لا ولن تتكرر. انضم مارسيلو إلى ريال مدريد وحظي بفرصة رائعة للتعلم من مثله الأعلى، كان دائما يطلب أن يلعب دور نفس اللاعب الذي جعل قميص رقم 6 في البرازيل محفورا في الوجدان بسببه، في الشارع كان يرغب في أن تتم مناداته باسمه كارلوس. في موسم 2006-2007 قرر كارلوس الاستمرار مع ريال مدريد خلال هذا الموسم، نية النادي الملكي كانت إرسال مارسيلو إلى ريال مدريد كاستيا، وذلك ليتعلم أسلوب اللعب ويتكيف أكثر على طريقة الكرة الإسبانية، لكن فابيو كابيللو مدرب الفريق في ذلك الوقت رفض ذلك الأمر. فور انضمامه للنادي الملكي صرح مارسيلو لشبكة "جلوبو" البرازيلية قائلا "الحب قد بدأ". وسائل الإعلام الأوروبية عناوينها كانت "روبيرتو كارلوس الجديد". خاصة بعدما سجل للبرازيل ضد ويلز في مباراة ودية دولية على ملعب وايت هارت لين. حكى مارسيلو بعد ذلك عن أيامه الأولى قائلا: "حتى وإن لم أكن ألعب كثيرا ولم أتواجد في قائمة المباريات، تعلمت الكثير في ذلك الوقت". فيما بعد قال عنه ماسيمو نيري المدرب البدني المساعد لكابيللو في تلك الفترة: "لدى مارسيلو ذلك الخليط من الخجل والثقة الكبيرة في النفس". وأضاف "إنه سريع للغاية، وفنيا جدي، ولديه روحا رياضية، أتذكر أنه دائما كان محترما، في الفريق الأول كان يتحدث قليلا واستمع كثيرا". خلال التدريبات تدخل ديفيد بيكام بقوة على زميله كارلوس في أول أسبوع من يناير ليقع كابيللو في حيرة من أمره، إنه يشعر أنه لازال الوقت مبكرا لمارسيلو لكي يلعب، فدفع بسيرخيو راموس كظهير أيسر. وفي مواجهة ديبورتيفو لاكرونا شارك سالجادو على الجانب الأيمن وراموس يسارا، وقبل نهاية المباراة بـ33 دقيقة أشرك كابيللو مارسيلو بدلا من سالجادو، لكن الملكي كان قد خسر بنتيجة 2-0. عاد كارلوس مع بداية شهر مارس، وشارك مارسيلو كبديل في مواجهة خيتافي بدلا من جونزالو إيجواين في الدقيقة 88، جماهير سانتياجو بيرنابيو شاهدوا كارلوس ومارسيلو في الملعب لأول مرة في مباراة رسمية. قرر كارلوس الرحيل إلى فينيربهاتشة، ولم يلعب رفقة كارلوس مجددا في المنتخب، نظرا لأن كارلوس كان قد تقاعد بعد بطولة كأس العالم 2006، تقاعد قبل أشهر قليلة من مواجهة ويلز الودية التي شهدت تألق مارسيلو. تولى بريند شوستر مهمة تدريب ريال مدريد في الفترة من 2007-2008، وضم جابرييل هاينزه ورويستون درينتي ليشركهما في مركز الظهير الأيسر، بعدما اعتقد الجميع أنه مركز مارسيلو نظرا لأنه قد أتى لاستبدال كارلوس وليس بديلا للثنائي الأرجنتيني والهولندي. مع الوقت تزايدت الضغوط على مارسيلو، الجميع يتساءل أين بديل كارلوس؟ وأصبح الأمر عبئا بعدما كانت قصة ودرية، مارسيلو لم يكن قد أتى لاستبدال ظهيرا أيسر، بل واحد من أفضل من شغل هذا المركز على مر التاريخ، بطل الدوري الإسباني 4 مرات و3 بطولات دوري أبطال أوروبا وبطولتي كوبا أمريكا مع البرازيل وكأس العالم. كارلوس لم يمتلك تاريخا أو اسما كبيرا فقط، عرضيات متقنة، انطلاقات قوية، مساندة لصناع اللعب، اعتراضات ممتازة للكرة، تفهم كامل لمركز الظهير الأيسر، ثم الضربات الثابتة التي تسكن الشباك. قال فيسنتي ديل بوسكي عن كارلوس: "روبيرتو كارلوس بإمكانه أن يغطي الجانب الأيسر بالكامل وحده". مع كل ذلك الإرث كان على مارسيلو التعايش مع تلك الحقيقة، أنت لن تكون كارلوس جديد أنت مارسيلو فقط، وعانى اللاعب من تلك الضغوط مع تقديمه لمستوى باهت. لم تعد الجماهير مقتنعة أن مارسيلو بإمكانه استبدال كارلوس أو أن يملأ مكانه، على الجانب الأخر اعتاد الفتى البرازيلي تحدي أراء الجميع نحوه، عمل بكد وحاول بناء اسمه وليس العيش في ظل مواطنه. فجأة جعل مارسيلو مركز الظهير الأيسر له، وفاز بمدربه ثم الجماهير، بنهاية موسم 2007-2008 كان قد بدأ يبني اسما قويا في إسبانيا، وبدأ 11 من أخر 16 مباراة في ذلك الموسم الذي حافظ خلاله ريال مدريد على لقب الدوري. بعد ذلك ظهرت بعض العيوب، إنه لا يدافع بطريقة جيدة، يهاجم بامتياز ويدافع بصورة ضعيفة للغاية. قال مارسيلو: "أحيانا أذهب للبحث عن الكرة وأتقدم كثيرة، ثم أنسى العودة للخلف". وتابع "أحيانا أجرى في اتجاه واحد، لكن هاينزه وكانافارو دائما ما يتأكدون أنني لست بعيدا عن مركزي". واصل العمل محاولا تطوير نفسه، لكن خواندي راموس مدرب ريال مدريد في 2008-2009 لم يكن راغبا في تطوير اللاعب الشاب، خاصة وأنه لم يكن واثقا من قدرته على الحفاظ على منصبه والاستمرار كمدرب لريال مدريد للانتفاع بعمله مع مارسيلو. عوضا عن اللعب بمارسيلو كظهير أيسر قرر اللعب به كجناح. صرح صاحب الـ20 عاما في ذلك الوقت :"في البداية تفاجئت بأن أشركني في مركز الجناح الأيسر، لكنني أحببت الأمر لأنني دائما كنت أهاجم وأخلق الفرص". ساهم ذلك في تسجيل مارسيلو أول أهدافه مع الملكي في فبراير 2009 ضد سبورتنج خيخون في فوز فريقه بنتيجة 4-0. أضاف مارسيلو: "مركز الظهير الأيسر هو مركزي الطبيعي لكنني استمتعت باللعب في مركز الجناح أيضا". رحل راموس ليتولى مانويل بيللجريني مهمة تدريب الملكي في موسم 2009-2010، كانت سياسة غريبة في تلك الحقبة من تاريخ ريال مدريد اشتهرت في الصحافة بـ"موسم جديد؟ مدرب جديد". عمد بيللجريني للعمل مع مارسيلو لتطوير مهامه الدفاعية، ولعب به في بعض الفترات في مراكز هجومية، في ذلك الموسم تألق مارسيلو في صناعة اللعب، وصنع 9 أهداف وسجل 4 وكانت فاعليته تقارن بفاعلية الثنائي كريستيانو رونالدو وكاكا. لم يحقق الملكي شيئا مع بيللجريني سوى منافسة قوية فقط، وصرح مارسيلو بعد ذلك: "إن استمر بيللجريني في منصبه سأكون سعيدا". وأضاف "ليس لأنني ألعب كثيرا، لكن لأنه شخص مؤمن بأفكاره، ولا يسمح لنفسه بأن يؤثر عليه شيء ما". تولى جوزيه مورينيو مهمة تدريب ريال مدريد، وجلب معه ظهير بنفيكا ومنتخب البرتغال فابيو كوينتراو. في موسم 2010-2011 لم يكن أحد قادرا على الوقوف في طريق مارسيلو، قد نضج فعليا، سجل 5 أهداف وصنع 10 في 50 مباراة مع الملكي. وفي الموسم التالي كان مورينيو قد قرر ضم كوينتراو بمبلغ 30 مليون يورو من بنفيكا. وصرح المدرب البرتغالي لصحيفة "آس" قائلا: "كوينتراو يؤدي بطريقة جدية، ضمه كان مثل ضم مارسيلو البرتغالي، أفضل الجودات الأخر، أعرف أنه لاعب كبير ذو مستقبل كبير". غاب مارسيلو عن مواجهتي بايرن ميونيخ في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا للإصابة مع مورينيو كان ذلك في موسم 2011-2012، وشارك كوينتراو. ثقل خلافة روبيرتو كارلوس كان قد انزاح عن كتفي مارسيلو، اللاعب في تلك الفترة كان يبني اسمه، كان يحاول شق طريقه وأيضا كتابة تاريخه الخاص والمنافسة على مركز ضد كافة التهديدات. على الرغم من الهالة الكبيرة التي اكتسبها كوينتراو، إلا أن مارسيلو كان قادرا على المنافسة وضمه لقائمة أمثال راؤول برافو وميجيل توريس ورويستون درينتي وهاينزه، جميعهم خسروا المعركة ضدة. صرح مورينيو قائلا: "لم أكن واثقا في البداية، لكنني أحب مارسيلو". أصبح مارسيلو تاسع أكثر لاعب استخدمه مورينيو في فترته مع ريال مدريد، على الجانب الأخر كان كوينتراو رقم 15 في قائمة اللاعبين الذين اعتمد عليهم مواطنه. أتى كارلو أنشيلوتي لتدريب ريال مدريد في موسم استثنائي، 2013-2014، كان الملكي على موعد مع لقب دوري أبطال أوروبا العاشر، وفي نهائي البطولة خشى المدرب الإيطالي من الدفع بمارسيلو بسبب تقريره الطبي وكان يرغب في إشراك كوينتراو. من سجل أهداف نهائي دوري أبطال أوروبا لريال مدريد؟ البعض يتذكر هدف راموس لأنه الأيقونة، ثم جاريث بيل وربما احتفال رونالدو، لكن هل يتذكر أحد هدف مارسيلو؟ إن كان في ذلك الوقت لاعبا كبيرا للنادي الملكي، إلا أنه وبتسجيل هدف في نهائي دوري أبطال أوروبا في التتويج باللقب العاشر وضع قدمه على طريق الأساطير. لم يقاوم أنشيلوتي رغبته في إشراك مارسيلو بدلا من كوينتراو في الدقيقة 59 من تلك المباراة التاريخية، والبرازيلي كعادته كان في الموعد. رحل أنشيلوتي في صيف 2015، ومارسيلو أصبح نجم ريال مدريد الأوحد في ذلك المركز خاصة في موسم 2015-2016، كان يمتلك قدرة كبيرة على التحكم في الجانب الأيسر، قدرة تحدث عنها فيسنتي ديل بوسكي من قبل. هيمنة مارسيلو على الجانب الأيسر سمحت لرونالدو بتقليل مهامه الدفاعية، وأيضا الدخول إلى منقطة جزاء الخصم أكثر من اللعب على الأطراف. على الجانب التكتيكي كان أحد رجال زين الدين زيدان الذين نجحوا في قلب موسم 2015-2016 رأسا على عقب وتوجوا أبطالا لدوري الأبطال للمرة الـ11 في تاريخ النادي. فيما بعد قال كارلوس: "مارسيلو أفضل ظهير في العالم، ولديه قدرة وجودة مثلي". ورد مارسيلو: "من المستحيل أن تتخطى روبيرتو كارلوس إنه الأفضل". لا يمكننا المقارنة بين اثنين مثلهما، كلاهما رائع وممتاز، لكن الحقيقة لم يكن مارسيلو يوما روبيرتو كارلوس جديد بل كان كما هو ليس بديلا ومقاتل ويعر ما يريده. قال مارسيلو:"أريد أن أصنع التاريخ كمارسيلو، وليس كبديل روبيرتو كارلوس".
مشاركة :