انفرد قانون إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد رقم 2 لسنة 2016 بتخصيص باب كامل لحماية المبلغ عن وقائع الفساد وسائر الأشخاص القريبين والبعيدين ذوي الصلة بالواقعة أو من المحتمل تأثرهم بتبعاتها، كلما تطلب الأمر، ويشمل ذلك الحماية الشخصية والإدارية والوظيفية والقانونية. الزملاء في الجمعية الكويتية لجودة التعليم ومنذ ما قبل إشهارها في ديسمبر الماضي يبذلون جهودا كبيرة في ميدان مكافحة الفساد في التعليم، ومن أبرز مساعيهم في هذا المجال محاربة الحصول على الشهادات العلمية على نحو غير مشروع، تلك التي يكون مصدرها الدكاكين العلمية التي تنشأ لهذا الغرض diploma mill or degree mill على غرار الفضيحة الدولية الشهيرة التي كشفت عنها «النيويورك تايمز» منذ أكثر من عامين، والتي كان لها تداعياتها في الكويت، وتناولتها أسئلة النواب في حينه. وأيضا تلك الشهادات التي يكون مصدرها الرسائل سابقة التجهيز التي يتوجه من يدفعون مقابلها إلى إجازتها من جامعات معترف بها في ممارسة أقرب ما تكون إلى إسباغ المشروعية على الأموال القذرة التي تحققها أنشطة مثل تجارة المخدرات والدعارة والأعضاء البشرية عبر قنوات إعادة غسلها. ومن المتوقع أن يكون المناضلون من أجل نزاهة التعليم وغيرها من القضايا غير المرحب بها لدى الرسميين، لأسباب مختلفة، عرضة للاضطهاد الوظيفي بحرمانهم من الترقيات وإلصاق التهم المزيفة بهم للنيل من سمعتهم ومنع المزايا الوظيفية والمالية عنهم وتجريدهم من مناصبهم وما إلى ذلك من ممارسات تستهدف ترويعهم وبث الرعب في قلوبهم ومحاولة ثنيهم عما يقدمون عليه، ونحمد الله أن الأمر لم يمتد عندنا في العقود الحديثة إلى حد الاغتيال، كما حدث بالفعل في بعض الدول مما تكشف عنه تباعا المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والحريات العامة والشفافية والصحافة الاستقصائية. إزاء هذا الوضع فإن الأمر يقتضي طرح معالجة قانونية رصينة لكيفية مد مظلة الحماية إلى مثل هذه الحالات استنادا إلى أن القانون المشار إليه قد دعا الناس إلى المشاركة في مكافحة الفساد تكريسا للمادة السابعة عشرة من الدستور، حيث خصص الفصل الخامس منه لهذا الغرض ومن دون أن يشترط وجوب تقديم البلاغات إلى الهيئة فقط، بل إلى أي جهة مختصة بتلقي البلاغات. عبدالحميد علي عبدالمنعمaa2monem@hotmail.com
مشاركة :