التقطتْ بيروت أنفاسها على وقْع إدخال ملف قانون الانتخاب دائرة «الكوْلسة» وسكب «مياه باردة» على المداولات في شأنه بعدما كاد «الغليان السياسي» أن «يبخّر» أي إمكانٍ لاجتراح مَخرجٍ يسمح بتعطيلِ «صاعق» استحقاق نهاية ولاية البرلمان (20 يونيو المقبل) والذي نجحتْ «حرب السقوف» العالية في جعْله بمثابة «مهلةٍ قاتِلة» إما للفراغ بحيث يصار إلى تدارُكه بتفاهمٍ على قانون جديد يتم تحت سقفه التمديد للبرلمان، وإما للنظام في حال تُركت الأمور تنزلق إلى «إعلان وفاة» مجلس النواب من دون «بوليصة تأمين» (تمديد) تمنع سقوط البلاد في أزمة دستورية - وطنية كبرى مفتوحة على «رياح» تأسيسية تهبّ من كل حدب وصوب في المنطقة اللاهبة.ويتم التعاطي في العاصمة اللبنانية مع «إطفاء محركات» الكلام العلني عن مسار المفاوضات حول قانون الانتخاب، على أنه في سياق رغبة مختلف الأطراف في جعل الفترة الفاصلة عن 20 يونيو «الخرطوشة الأخيرة» لبلوغ تفاهُم، وذلك بعدما عمد كل فريق إلى ترسيم «خطوط الدفاع والهجوم» وتثبيت الـ «لاءات» وحدود التنازلات الممكنة، بحيث صار البحث يتركّز على إيجاد مساحة مشتركةٍ انطلاقاً من تَقاطُعٍ، طوعي أو اضطراري، على النسبية الكاملة كمبدأ ما زال يحتاج إلى ضوابط.وفي حين باتت جلسة يوم الاثنين التي كانت مخصَّصة للتمديد سنة للبرلمان (من دون قانون جديد) بحكم المؤجَّلة بانتظار أن يصدر بيان رسمي بذلك عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، فإن التوقّعات بأن يعمد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالتوافق مع رئيس الحكومة سعد الحريري على فتْح دورة استثنائية للبرلمان (تنتهي دورته العادية في 31 الجاري) تستمرّ حتى نهاية ولايته تعكس الرغبة في تهدئة الأجواء واستنفاد الفترة الفاصلة عن 20 يونيو بمحاولة التوصل «على البارد» الى اتفاق حول القانون ليصار على أساسه الى تمديد تقني لمجلس النواب الذي رسم الثنائي الشيعي، بري و«حزب الله»، خطاً أحمر كبيراً حول أي فراغ فيه «ولو لثانية»، طارحيْن معادلة «برلمان تنتهي ولايته يوازي نهاية العهد والإطاحة بالحكومة».وجاء كلام الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله عصر أول من أمس وتوجيهه رسائل بضرورة وقف التصعيد ومواصلة الحوار «واستنفاد كل المدة الزمنية بهدف الوصول الى قانون انتخاب جديد» وفتْح دورة استثنائية ليؤشّر إلى وجود فرصة جدية لتحقيق اختراقٍ لم يستبعده نصرالله الذي أكد أن «هناك أملاً حقيقياً بالوصول الى قانون جديد».وتَرافق ذلك مع معطيات عن أن «الضوابط» للنسبية التي يجري العمل عليها (الدوائر والصوت التفضيلي او مجلس الشيوخ) ليستْ بالسهولة التي تجعل التفاؤل حاسماً بإمكان تأمين تَوافُق «تقاطُعي» حولها، رغم إشارة أوساط مطلعة الى أهمية ما شهدته الأيام الماضية من «اكتمال الحصار» حول الطرح «التأهيلي» لـ «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس عون) بإعلان «تيار المستقبل» (يقوده الحريري) ان «هناك أفرقاء في البلد يعارضونه»، لتبقى النسبية الكاملة وحدها «في الميدان» فإما تشكل الممرّ إلى «قانون كامل» يولد في أسابيع قليلة وإما إلى «اتفاق إطار» يسمح بدوره بتمديد لاستكمال تدوير زوايا النسبية وفق حسابات مختلف الأطراف ذات الأبعاد الداخلية والاقليمية.وقد سمح «هدوء ما بين العاصفتين» على جبهة قانون الانتخاب بتركيز الأنظار على حدَثِ الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب للسعودية لا سيما بعد الدعوة الملكية التي وُجهت الى الحريري للمشاركة في شقها المتعلّق بالقمة العربية - الاسلامية - الأميركية.ومن خلف «الغبار» الذي أثاره توجيه الدعوة إلى الحريري وليس إلى عون، وإذا كان الأمر في سياق تفاهُم بين الرجلين على أن يشارك رئيس الحكومة تفادياً لإحراج رئيس الجمهورية بحضور قمةٍ سيكون من عناوينها الرئيسية بحث الخطر الذي تشكله إيران وأذرعها العسكرية في المنطقة (حزب الله) أو في إطار رسالة امتعاض من الرياض رداً على مواقف أطلقها عون تدافع عن سلاح «حزب الله»، فإن ترقّباً بدأ يسود بيروت حيال التداعيات الداخلية المحتملة لمشاركة الحريري في هذه القمة التي عكَسَ نصرالله توجُّساً ضمنياً منها قبل أن يشنّ هجوماً عنيفاً على المملكة العربية السعودية.في موازاة ذلك، انشغلتْ الدوائر السياسية في بدء الجيش اللبناني أمس عملية تسلّم مراكز تابعة لـ «حزب الله» عند السلسلة الشرقية لجبال لبنان وتحديداً غرب بلدة الطفيل وجرود بريتال وحام ومعربون، وذلك غداة إعلان الأمين العام لـ «حزب الله» أن الحدود الشرقية بين لبنان وسورية «أصبحتْ آمنة بدرجة كبيرة، ولم يعد يوجد أيّ داع لوجودنا هناك»، قائلاً «فكّكنا وسنفكّك بقية مواقعنا العسكرية على الحدود من الجهة اللبنانية، لأن مهمتنا أنجزت، ومن اليوم المسؤولية تقع على الدولة».وكشف أن «حزب الله سيحتفظ بوجود على الجانب الآخر للحدود، إلى جانب الجيش السوري، ليشكّل خط دفاع أول عن لبنان في حال حصول أيّ خرق»، لافتاً الى ان «بلدة الطفيل (تقع ضمن الأراضي الحدودية المتداخلة بين لبنان وسورية) عندما وقعت المواجهات في السلسلة الشرقية، اضطر أهلها إلى مغادرتها، واليوم مع انتفاء السبب تواصلنا مع أهالي الطفيل وقلنا لهم إنهم يستطيعون العودة إلى بلدتهم. وإذا كان أحد يعتبر أن وجودنا العسكري في تلك المنطقة كان عائقاً أمام عودتهم، أبلغناهم أن مهمتنا انتهت وأنه يمكنهم العودة».
مشاركة :