رسالة الصين - إبراهيم بدوي: تغازل الصين السائح القطري والعربي بابتكارات وإبداعات جديدة بعيداً عن التقليد والنمطية المرتبطة بالتراث والآثار.. فإلى جانب سور الصين العظيم والحضارة الضاربة في أعماق التاريخ، تبهر الصين زائريها بباقة متنوعة من عوامل الجذب السياحية المُعاصرة ما بين سحر الطبيعة والعروض القائمة على الإبداع والابتكار، إضافة إلى سياحة الأبراج وناطحات السحاب. ورصدت الراية خلال جولة في عدد من المدن الصينية أفكاراً إبداعية تعتمد عليها الصين لجذب المزيد من السائحين خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وبعض الدول المجاورة لها، فيما يبقى تواجد السائح العربي متواضعاً. وتعمل السلطات المحلية على جذب المزيد من السائحين العرب بوضع برامج خاصة لهم وزيادة عدد المطاعم التي تقدّم الأطعمة الحلال. وعلى الرغم من الأهمية التاريخية والقيمة الحضارية للتراث والآثار الصينية، وعدم خلو جولتنا من زيارة سور الصين العظيم أحد عجائب الدنيا السبع وأشهرها، إلا أننا لمسنا كيف استطاعت الصين جذب ملايين السياح سنوياً، من خلال أفكار إبداعية لا تعتمد على الآثار. وتفتح هذه التجربة آفاقاً واعدة أمام قطر التي تضع الفنون والثقافة كركيزة أساسية لرؤيتها الوطنية. كما يمكن الاستفادة من التجربة الصينية في كيفية جذب السيّاح بأفكار مبتكرة. عرض مسرحي يجذب آلاف السياح يومياً يبرز عرض مسرحي لإحدى الفرق الصينية بجذبه آلاف السياح إلى مدينة هانزو التي استضافت قمة العشرين G20 لأكبر عشرين دولة في العالم من حيث النمو الاقتصادي العام الماضي. وعلى عكس ما تتميّز به المدينة من هدوء وأجواء صحيّة تؤهلها بامتياز أن تكون منتجعاً مفتوحاً للاسترخاء والاستشفاء، يتهافت آلاف السياح يومياً لمشاهدة عرض «تايم ترفل» بمتنزه يحمل نفس الاسم لفرقة مكونة من أكثر من 100 فرد يقدّمون عروضاً مبهرة تمزج ثقافات العالم شرقاً وغرباً وتحكي تاريخ الصين بشكل مبدع ومبهر في عرض تفاعلي استثنائي. ولاحظت الراية توافد عشرات الآلاف من السيّاح وأغلبيتهم من السكان المحليين ودول مجاورة لقضاء يوم في المدينة التي لا يتجاوز عمر مبانيها الحديثة عدة أعوام، فهي ليست مدينة أثرية ولا يعود تاريخها إلى آلاف السنين، لكنها مجرّد فكرة مبتكرة داخل منطقة طبيعية خلّابة تم تصميمها لتعكس الحضارة الصينية وفي نفس الوقت تستضيف عروضاً رائعة تجذب السياح من كل مكان. وتقدّم الصين بهذه الطريقة فكرة رائعة لتنشيط السياحة بعيداً عن الآثار والتراث بالاعتماد على الابتكار والإبداع. ورصدنا كيف تكتظ الشوارع بعشرات الباصات السياحية أمام المتنزه وسط حرص من الجميع على اتباع النظام وصولاً إلى مشاهدة العرض المسرحي الساحر الذي جعل الجميع في حالة فرحة ممزوجة بذهول من روعة وتناغم الأداء مع مشاركة الجمهور في فعاليات العرض بوجود مسرح متحرّك ومؤثرات صوتية وبصرية في غاية الإتقان والاحترافية. سور الصين العظيم قبلة ملايين السائحين يعتبر سور الصين العظيم أحد عجائب الدنيا السبع قبلة الملايين من السائحين حول العالم. وبعد رحلة بالسيارة استمرت ما يقرب من الساعتين من العاصمة بكين، لاحظنا إقبالاً كبيراً من السائحين على زيارة سور الصين العظيم الذي تم بناؤه لأغراض عسكرية لحماية الإمبراطورية الصينية القديمة من المعتدين. وتكمن المتعة في التقاط بعض الصور بأحد أبرز وأضخم المعالم السياحية في العالم مع التعرّف عن قرب على تاريخ أحد المعجزات البشرية وخوض تجربة صعود سلالم السور شديدة العلو والانحدار التي تشكّل تحدياً للكثيرين. ويُعد سور الصين العظيم البناء الأطول على الإطلاق عبر مر التاريخ والعصور، وهو من مواقع التراث العالمي الهامة. ويبلغ طوله أكثر من 21 ألف كيلومتر وعرضه من 4 إلى 9 أمتار وارتفاعه من 3 إلى 8 أمتار وبه أبراج للحراسة على امتداده. رحلة بالقارب في جنة الأرض تعد مدينة هانزو من أجمل المدن الصينية التي تنعم بالطبيعة الخلّابة والبحيرات الساحرة وحقول الشاي، ويُطلق عليها أهلها من شدة جمالها «جنة الأرض» .. ورصدت الراية توافد آلاف السياح الذين قدموا للاستمتاع بجولة في القارب في البحيرة الغربية التي تمتد على مساحة 5.66 كيلومتر مربع. وتمثل هذه البحيرة أحد معالم الجذب السياحي الأساسية في المدينة، وتحيطها سلاسل التلال الخضراء في مناظر ساحرة تأثر القلوب والعقول. ويبقى التواجد العربي قليلاً بين الأعداد الغفيرة من السائحين ممن يغلب عليهم الملامح الآسيوية إضافة إلى عدد من السياح الغربيين. وتمثل هذه البحيرة روح مدينة هانزو عاصمة إقليم جيجيانغ وإحدى عواصم الصين القديمة السبع وبها محطات القطار السريع التي تبدو مثل المطارات على اتساعها وتنظيمها الجيد. وقد وصفها الرحالة الإيطالي ماركو بولو بالمدينة الأجمل والأكثر ترفاً في العالم. وتضم منطقة البحيرة الغربية الزاخرة بالمشاهد الطبيعية الخلابة ما يزيد على 60 موقعاً أثرياً ثقافياً والعديد من معالم الجذب السياحية الطبيعية. ويُعد التنزه في رحلة بالبحيرة خياراً جيداً لمشاهدة الكثير من المواقع. وتعتبر هانجتشو أيضاً مكاناً جيداً لزيارة مزارع الشاي. ناطحات السحاب في شنغهاي راجت سياحة ناطحات السحاب في مدينة شنغهاي التي تضم أكثر من 4500 ناطحة سحاب، ولاحظنا توافد العديد من السيّاح من عدة دول لشراء تذاكر صعود برج شنغهاي ثاني أطول بناء في العالم بعد برج خليفة ويصل ارتفاعه إلى 632 متراً ويقع في منطقة لوجيازو المالية والتجارية المركزية. ويتميز البرج بتصميمه الملتوي بزاوية 120 درجة، وذلك للعمل على تخفيف تأثير الرياح في هذا الارتفاع. وبلغت تكلفة إنشاء المبنى حوالي 2.4 مليار دولار. وارتفاع المبنى ليس هو الشيء الوحيد المثير للإعجاب، فالمبنى يتكون من 127 طابقاً فوق الأرض، وخمسة طوابق تحت الأرض، بالإضافة إلى تجهيزه بمصاعد فائقة السرعة، تبلغ 18 متراً في الثانية، حيث إنها تستطيع الوصول إلى الطابق الـ 119 في أقل من دقيقة. ومن خلال هذه الأبراج يمكن رؤية مدينة شنغهاي بالكامل التي لا تخلو من مناطق أثرية جذابة.
مشاركة :