أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده تجري اتصالات مع عدد من البلدان لإقناعها بإرسال مراقبين إلى مناطق تخفيف التصعيد في سورية. وأعرب عن ترحيب موسكو بمشاركة أميركية في عمليات المراقبة مشترطاً موافقة الحكومة السورية. وقال لافروف خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري لمجلس منطقة القطب الشمالي في مدينة فاربانكس في ولاية ألاسكا الأميركية أمس، إن روسيا تنوي الدعوة الى اجتماع على مستوى الخبراء للبلدان الضامنة وقف النار في سوريةـ، مرجحاً أن يعقد الاجتماع خلال الأسبوعين المقبلين وأن يكون مخصصاً لدراسة «تفاصيل محددة لعمل مناطق تخفيف التصعيد في سورية». وأوضح أن «خبراء من روسيا وتركيا وإيران، بصفتها البلدان الضامنة لوقف النار، سيبحثون خلال اللقاء المرتقب «معايير محددة لعمل تلك المناطق، بما في ذلك الأشرطة الآمنة حولها ونقاط المراقبة والمعابر». وكشف لافروف عن اتصالات تجريها موسكو مع بلدان أخرى لحضها على إرسال مراقبين الى مناطق تخفيف التصعيد التي تم الاتفاق على انشائها خلال الجولة الأخيرة من مفاوضات آستانة، موضحاً أن الاتصالات لا تجرى من الجانب الروسي وحده، وأن كلاً من تركيا وإيران تشاركان في بحث هذا الموضوع مع بلدان يمكن أن ترسل مراقبين الى سورية. وزاد: «نجري الآن اتصالات مع المشاركين المحتملين في هذه العملية. وآمل في أن نستطيع بعد وقت معين مناقشة الموضوع في شكل مفصل أكثر مع شركائنا». لكن لافروف شدد في المقابل على ضرورة أن توافق الحكومة السورية على مشاركة الأطراف التي ستنضم الى العملية، مذكراً بأن المذكرة الموقعة في آستانة في شأن مناطق تخفيف التصعيد أشارت الى احتمال إشراك مراقبين من «بلدان ثالثة» للعمل في تلك المناطق، وذلك بالتنسيق مع الأطراف المعنية كافة وأن تكون مقبولة من جانب الحكومة السورية. وقال إنه لم يقترح في شكل مباشر خلال مناقشاته مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته ريكس تيلرسون إرسال مراقبين أميركيين إلى مناطق تخفيف التصعيد في سورية وأن الرسالة الروسية في هذا الشأن ركزت على «ترحيب موسكو بأي مساهمة أميركية محتملة في تطبيق اتفاق آستانة انطلاقاً من أن الرئيس ترامب تحدث عن ضرورة إقامة مثل هذه المناطق الآمنة، حيث سيتمكن السكان من التنفس بحرية». واشار لافروف الى انه «سمع كلاماً ايجابياً» من جانب إدارة ترامب، حول استعداد لتعاون أكبر مع موسكو. وزاد: «نحن مستعدون للعمل بتلك الدرجة وبتلك الوتائر التي ستكون مناسبة للإدارة الأميركية، التي لا تزال لم تستكمل تشكيل فريقها، بما في ذلك فريق المكلف بالسياسة الخارجية». وكان نائب الوزير ومبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف أكد في وقت سابق، أن موسكو تحاول التوسط بين طهران من جانب وواشنطن والرياض من جانب آخر، في مسعى لتقريب وجهات النظر حول سورية، لكنه أضاف أن «مواقف الأطراف ما زالت متباعدة جداً»، معتبراً أن «تقريب مواقف إيران والولايات المتحدة في شأن سورية أمر صعب للغاية». وقال إن واشنطن رحبت بعملية آستانة عموماً، لكنها ترى أن «إيران تلعب دوراً غير بناء» في المنطقة. واستدرك: «بطبيعة الحال يوجد هنا تناقض ومشكلة، وذلك يتطلب بذل مزيد من الجهود السياسية والديبلوماسية، ونحن سنواصل العمل». واعتبر بوغدانوف إنه «من السابق لأوانه حالياً، الحديث عن نشر قوات أميركية في أي من مناطق تخفيف التصعيد في سورية»، مؤكداً أن ذلك يتطلب في أي حال «التنسيق مع الجهات السورية، لأن سورية دولة ذات سيادة ولديها قيادة، لذلك يجب بالطبع إجراء مشاورات معها من أجل الحصول على موافقتها». وأضاف الديبلوماسي الروسي أنه يمكن «إنشاء مجالس محلية في سورية تسيطر على مختلف المناطق بعد تحريرها من الإرهابيين»، شرط ألا تستبدل هذه المجالس سلطة الحكومة الشرعية في دمشق، معتبراً أن إنجاح هذه الجهود يتطلب «تنسيق الخطوات كافة بين المعارضة السورية المسلحة والجيش السوري النظامي. وذلك يتطلب إيجاد حلول سياسية وليس فقط عسكرية». وقال بوغدانوف إن ترسيم حدود مناطق تخفيف التصعيد سيتم نتيجة المفاوضات في إطار فريق عمل خاص على مستوى الخبراء والعسكريين في آستانة، مؤكداً ضرورة مشاركة الولايات المتحدة والأردن في هذا العمل. وأكد الديبلوماسي الروسي أن مواقف الإدارة الأميركية الجديدة في شأن الأزمة السورية «ليست أيديولوجية»، مشيراً الى إن «الرئيس دونالد ترامب والمقربين منه أشخاص من قطاع الأعمال وسيكون عليهم أن يفكروا في شكل عملي».
مشاركة :