تباينت ردود الفعل والآراء حول ما تم تداوله مؤخرًا من مقاطع تُظهر بعض الطلاب في طُقوس غريبة تتسم بالفوضى وتحطيم أثاث الفصل وذلك احتفالًا بنهاية السنة الدراسية. وألقى عدد من التربويين اللوم على المؤسسة التعليمية ومنهم من أرجع هذه السلوكيات إلى خلل في التربية الأسرية. فيما رأى آخرون بأنه لابد من وضع حد لمثل هذه التصرفات. «المدينة» تواصلت مع عدد من التربويين وأولياء الأمور للوقوف على آرائهم. خلل تربوي: في البداية قال سعد الدوسري - تربوي -: إن ما أحدثه بعض الطلاب من فوضى عارمة وعبث وتحطيم للممتلكات المدرسية يُعتبر فعلًا منافي للآداب والأخلاق التي حث عليها الإسلام. ويعود هذا الفعل إلى خلل في التربية وقلة الوعي ونقص واضح في ثقافة الحفاظ على الممتلكات العامة. وكما يُحمل الطلاب جزءًا من ما حدث من إتلاف وتشويه للممتلكات فإن إدارة المدرسة تتحمل الجزء الكبير من هذا الخطأ التربوي. فهناك غياب واضح لدور المراقبين والمعلمين، فليس من المعقول أن تُثار كل هذه الفوضى دون أن تعلم الإدارة بذلك أو دون أن يتوجه إليهم أحد المشرفين أو المعلمين بالمدرسة. ففي هذه الحالة بدلًا من أن تقوم المدارس بتخريج طلاب مؤهلين لصناعة المستقبل تقوم بتخريج مخربين ولا مبالين. كما أن ما سبق هذه الحادثة من تمزيق للكتب العلمية ورميها والتراقص على أوراقها يُعتبر مؤشر سيئ يُنذر بكارثة مستقبلية، فتجاهلهم لما قد يُذكر في هذه الكتب من آيات قرآنية وأحاديث نبوية إلى جانب المجهودات التي تقدمها الدولة ناتج عن خلل في التربية الأسرية وغياب واضح لدور التعليم فيما يخص الاهتمام بالكتب وأخلاق الطالب. غياب إدارة المدرسة: وقال أحمد الحازمي -تربوي- متسائلًا أين هم المعلمين وأين هي إدارة المدرسة مما حدث في هذا الفصل..؟ أليست الفوضى الحاصلة والأصوات الصاخبة كفيلة بإرسال رسالة تنبيهية لأحد المعلمين بأن هنالك شيء ما يحدث داخل أحد الفصول..! وأضاف بأن هذا الفعل وما سبقه من تمزيق للكتب يدق ناقوس الخطر، وما نشاهده من هؤلاء الطلاب سيتكرر غدًا إن لم يكن هنالك عقاب واضح ورادع للطلاب ولمعلميهم الذين أغفلوا جانب الاهتمام والرعاية. كما أن هؤلاء الطلاب سيكونون في الغد القريب هم من يقود دفة المستقبل وإذا استمر الوضع كما هو عليه فإنهم سيقودون مجتمعهم إلى الهاوية. حيث إن الطالب سيكون في يوم من الأيام أب ومسؤول عن أسرة وسيقوم بتربيتهم بحسب ما تربى عليه. دور مطلوب لإدارة التربية: وفي السياق قال عبدالرحمن الحربي: إن ما تم تداوله عبر المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي لهو لوحة سيئة رُسمت لطلاب أغفل معلموهم الدور التربوي الذي عُلق في رقابهم. كما أن ما حدث من أعمال تخريبية لا يُرضي العاقل. كما يجب على إدارة التربية والتعليم أن تقوم بدورها كجهة تربوية وذلك بوضع حد لمثل هذه الأعمال. رأي علم النفس: و من الجانب النفسي قال الدكتور محمد الحامد استشاري الطب النفسي ومدير عام مركز خبراء النفس بجدة: إن ما حصل من أعمال تخريبية ومن تمزيق للكتب الدراسية ينم عن مشكلة في العلاقة بين المؤسسة التعليمية وطلابها. وهذا عائد إلى كون المؤسسة لم تقم بدورها المطلوب كما أن العلاقة الحميمية بين الطالب والمؤسسة التعليمية لم تكن بالشكل المطلوب وذلك ما دفع الطلاب للقيام بهذه الأعمال. كما أن ما قام به الطلاب يُعتبر علامات رمزية تخفي في جعبتها الكثير من الأمور كالإحباط والتذمر وعدم الرضا عما يتم تقديمه لهم في تلك المؤسسات. وهذا لا يعني تبرير أفعالهم فما قاموا به مرفوض تمام الرفض كما أنه خارج عن نطاق الأدب. وتُصنف هذه المشكلة في علم النفس بالسيكوباتية وهي الشخصية المتذمرة الرافضة للقوانين والانصياع، حيث تُعتبر أكثر الشخصيات صعوبة وتعقيدًا. وإذا قمنا بطرح السؤال: لماذا لا نشاهد مثل هذه الأفعال في المدارس الخاصة فسنجد الكثير من علامات الاستفهام، وإذا حاولنا الإجابة على هذا السؤال فسنجد أنه ربما لأن المدارس الخاصة تقوم بالاهتمام بالجانب النفسي للطالب وذلك بالتنويع في النشاطات الطلابية، مطالبًا بأن تكون هنالك دراسة مسحية وشاملة لمعرفة الأسباب. ولا نريد أن نُسلط الضوء كثيرًا على العقاب لأننا في حاجة ماسة إلى تحسين الصورة التعليمية بطريقة تربوية سليمة.
مشاركة :