لا أظن ان هناك فكرة أو مشروعا إنسانيا أكثر روعة ونبلا من (الصليب الأحمر)، وتلاه فيما بعد (الهلال الأحمر)، ومن شدة احترامي واعجابي بهذا المشروع قررت أن انوه عنه، ودخلت على (غوغل) ووجدت التالي: في عام 1859 شهد (هنري دونانت) معركة (سولفرينو) والتي كانت تخوضها القوات الفرنسية ضد القوات النمساوية وفي يوم واحد مات أو بقي مجروحا في ساحة المعركة حوالى 40000 شخص، عندها صدم هنري بنتائج الحرب الفظيعة ومعاناة الجنود المجروحين، وقلة المسعفين والأطباء، بعد ذلك وعندما كان في بيته في جنيف قرر صياغه كتاب نشره ودعمه بماله الخاص في 1862 وأرسل نسخ الكتاب إلى الشخصيات السياسية والعسكرية القيادية في كافة أوروبا، ودعا لتشكيل منظمات الإغاثة الطوعية الوطنية بالإضافة إلى أنه دعا إلى تطوير المعاهدات الدولية لضمان الحياد وحماية المجروحين والمستشفيات الميدانية ــ انتهى. وبالمناسبة فهنري هذا منح أول جائزة نوبل (للسلام)، وهو من وجهة نظري يستحق لا جائزة واحدة ولكن عشر جوائز، وهو افضل بمراحل من الخطباء أصحاب الأفواه الواسعة الذين تعرفونهم. وعلى ذكر ذلك فقد كانت لي تجربتان مع (الهلال والصليب). الأولى عندما ركبت لأول وآخر مرة لسيارة الإسعاف لتشييع أو مرافقة أحد الأصدقاء المرضى للذهاب للمستشفى، ولقد تعافى ذلك الصديق فيما بعد، ولا زال للأسف حيا يرزق، ولم يثمن إلى الآن موقفي البطولي معه. أما تجربتي مع (الصليب) فهي: عندما تلقفت وركبت خلف زميل ارعن بموتر سايكل (فسبا) في مدينة روما، وما صدق هو على الله، عندما شاهد سيارة اسعاف تضرب بوقها مسرعة وجميع السيارات تفسح لها الطريق، فانطلق خلفها يسابق الريح مستغلا الفرصة، وأنا أصيح به من شدة الرعب أن ينزلني دون جدوى، وفي لحظة لا يمكن أن انساها، هدأت فجأة سيارة الإسعاف من سرعتها، وإذا بنا نصطدم بمؤخرتها، ونتج عن ذلك كسر في حوض زميلي، مع خدش بسيط في خدي وخلل كبير في دماغي، والدلالة على ذلك أنني تركته مطروحا ورحت اعدو إلى أقرب محطة وركبت أول (اتوبيس) وذهبت إلى شقتي وأنا أحمد ربي على السلامة واقرأ (المعوذات). لا أدري هل هي نذالة مني أم فروسية؟! كما أنني أيضا وقبل أن أنسى: لا أدري إلى الآن مثلما سألتني إحدى القارئات: لماذا تكتب دائما كلمة (اسعاف) بالمقلوب؟!، ومن أجاب منكم اجابة صحيحة فله الحق أن تنقله سيارة الإسعاف مجانا إلى المستشفى، حتى لو كانت على بعد الف كيلومتر.