حمزة عليان ــ بيروت ــ «القبس» | بطريرك الأرمن في العالم سيحل ضيفاً على الكويت غداً الإثنين. سيلتقي قداسته سمو أمير البلاد ليعبَّر له عن شكره ومحبته لرعايته الأبوية للجالية الأرمنية، ومواقف الكويت المتسامحة تجاه كل الطوائف والأديان المسيحية. فالكويت، كما يقول البطريرك أرام الأول في حديثه لــ القبس، الذي تم في مقر البطريركية الأرمنية الواقعة في أنطلياس، «رمز للتعايش بين الطوائف»، إضافة إلى وقفة سموه الدائمة مع لبنان والعلاقة المميزة التي «تربطنا بالكويت الشقيقة». توقف في حواره الخاص عن دور سمو الأمير في تقريب وجهات النظر بين الأفرقاء المتباعدين في العالم العربي، وخلقه لجسور الحوار بين السنة والشيعة وبين الدول المتخاصمة. وثمن هذه السياسة المتوازنة والحكيمة. أشار إلى أن الجالية الأرمنية لم تخرج من الكويت أثناء محنتها مع الاحتلال عام 1990 ، بل صمدت وبقيت هنا، والأرمن، كما هم في كل الدول التي يحلون فيها، ملتزمون بقوانينها وأوفياء لها، وهذا ما ينطبق على الكويت.. وفي مايلي الحوار: ● ما هدفكم من زيارة الكويت؟ – هذه رابع زيارة لي للكويت، والهدف أولاً أن ألتقي سمو أمير البلاد وسمو رئيس مجلس الوزراء، وأن أتفقد رعيتي، ونفتتح المقر الجديد للبطريركية والكنيسة الأرمنية، وكذلك سأزور المدرسة الأرمنية وأجتمع مع أبناء الطائفة، فالكنيسة بالنسبة لنا هي كنيسة الشعب. أما اللقاء مع سمو الأمير فسيكون لشكره والتعبير عن الامتنان لمحبته واهتمامه بالجالية الأرمنية، ورعايته الأبوية لها، فالطائفة الأرمنية تمارس حق العبادة كسائر الطوائف، ولها صلاحياتها الكنسية والإدارية. والكويت كانت دائماً لها مواقفها المتوازنة تجاه كل الطوائف، فصورة هذا البلد في الغرب تعكس تعايشها في الداخل. وكنت شاهداً على دور سموه عندما كان وزيراً للخارجية بتقريب وجهات النظر بين الفرقاء اللبنانيين، وله محبة خاصة منهم. دور مهم ● كيف ترى دور الكويت على المستوى العربي؟ – لها دور مهم جداً، نظراً للسياسة الحكيمة التي يقودها سمو الأمير بتقريب وجهات النظر بين الأشقاء العرب، والمتباعدين وهذا لم يكن ليتوافر لولا وجود سمو الأمير. ومعروف عنه أنه بارع ورائد في بناء جسور من التعايش بين الطوائف الإسلامية والمسيحية، وهو دور له احترامه وتقديره، خاصة من قبل الدول الغربية، التي تثق بدور الكويت لكونها ساهمت في اقامة علاقات وحوار بين نواب الشرق وبين العرب والمسلمين. جالية ملتزمة ● ماذا بشأن الجالية الأرمنية؟ – الانتشار الأرمني متواجد في كل انحاء العالم، وهذا ما أرغمنا عليه بعد المجازر التي تعرضنا لها، ونحن نعتبر أنفسنا مواطنين في الدول التي نعيش فيها، نحترم قوانينها وندافع عنها ودائماً ما تكون وصايانا للأرمن في الكويت والعالم: كونوا أوفياء للدول التي تعيشون فيها والتزموا بقوانينها. وللارمن في الكويت وجود تاريخي قديم يسبق وجودهم في دول الخليج العربي الأخرى، فقد أسسنا مقراً للكنيسة لاقامة الصلوات منذ عام 1960 وغالبية الأرمن هنا يعملون في تجارة الذهب والصناعات ويمارسون أعمالاً حرة في القطاع الخاص، وهم دائماً أوفياء للكويت، فقد صمدوا وبقوا مع المطران في الكويت أثناء الغزو عام 1990، ولم يخرجوا منها ونحن نفتخر بذلك. علاقات تعايش ● كيف ترى العلاقات بين الأرمن والمسلمين؟ – خلال مئتي عام، أي من القرن السابع إلى القرن التاسع، كان الأرمن يعيشون تحت الحكم الإسلامي ولم يكن هناك أية مشاكل بيننا، فقد كانت دمشق مقر الخلافة، وتمتع الأرمن في تلك الحقبة بحرية العبادة وأعطوهم حريتهم بتنظيم أمورهم الكنسية والإدارية. وفي «كيليكيا» (كيان سياسي أقيم في الأناضول (تركيا المعاصرة) في عهد الرومان) عشنا بحدود مشتركة مع دول إسلامية وبعلاقات أخوية ولم يكن بيننا أية اختلافات، وقسم من الأرمن عاش في ظل السلطة العثمانية السنية وقسم آخر عاش في ظل السلطة الفارسية والإيرانية الشيعية، وفي الحالتين لم نكن نتدخل بالشأن السياسي، لكن في الحياة الثقافية والدينية لنا حرية كاملة. والإبادة التي تعرضنا إليها لم تكن بسبب ديني، بل بسبب سياسي، وفي كل البلدان العربية والإسلامية التي عشنا فيها كنا جيران وأحباء، وأنا أتذكر جيداً جيراننا المسلمين في بيروت وعلاقتهم الإنسانية معنا. استغلال الدين ● ترأستم مجلس الكنائس العالمي وكان لكم موقع ومشاركة بالحوار المسيحي – الإسلامي، كيف تنظر إليه على ضوء ما يحدث في العالم العربي من تهجير وتطرف؟ ـــــ الإسلام والمسيحية لهما جذور واحدة، وقيم ومبادئ مشتركة، وليس للعنف والتطرف علاقة بتلك الأديان، ما جرى هو استغلال الدين لغايات سياسية وأيديولوجية، وهذا ما يحصل في الشرق الأوسط، والأحداث والعنف اللذان نراهما لم يكونا ضد المسيحيين، بل هما موجهان أيضاً للمسلمين من مجموعات أصلاً لا تقبل بالرأي الآخر والاختلاف بوجهات النظر، فهؤلاء علينا أن نبعدهم عن استغلالهم للدين. ولا ندخل تلك المسائل بالحوار المسيحي – الإسلامي، فالمسألة كما أراها «استغلال الإسلام لأيديولوجية معينة»، وهذه ضد مبادئ وتعاليم الإسلام، فشيخ الأزهر ودور الافتاء يستنكران ما تفعله تلك المجموعات، وفي لقائي مع الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما أوضحت له أن هذا التطرف والإرهاب شر دولي وعليكم ان تواجهوه دولياً بجهد مشترك، ومن هنا كانت زيارة بابا الفاتيكان للأزهر مثار تقدير وعلينا تفعيل الحوار الاسلامي – المسيحي. وفي منطقتنا عشنا سنوات وقروناً مسيحيين وإسلاميين، والمسيحيون جذورهم هنا ولم يأتوا من الخارج، ونحن لا مشكلة لنا في لبنان ولا خارجه، والتطرف يجب ألا يوضع في خانة العداوة المسيحية – الإسلامية. نحن مواطنون في هذه البلدان، لنا حقوقنا وعلينا واجباتنا، هذه الروحية يجب أن تبقى والكويت نموذج لهذا التعايش المشترك، وأمثولة جيدة نضرب فيها الأمثال، فعندما يذهب بطريرك الأرمن إلى الكويت لافتتاح كنيسة في دولة إسلامية، فهذه هي القاعدة والرسالة الموجهة إلى كل دول العالم. السيرة أمضى فترة طويلة في عمله في أميركا وبلدان أوروبية، وانتخب عضواً في اللجنة المركزية لمجلس الكنائس العالمي رئيساً له لمدة سبع سنوات، وأعيد انتخابه وبشكل استثنائي في مؤتمر هراري عام 1998. وأبرز الأعضاء المؤسسين في مجلس كنائس الشرق الأوسط وشغل منصب الأمين العام للعلاقات الكاثوليكوسية المسكونية (1972 – 1995). ولد في لبنان عام 1947، تلقى تعليمه في المعهد اللاهوتي في إنطلياس والجامعة الأميركية في بيروت ومعهد بوسي المسكوني في سويسرا وجامعة فوردهام في نيويورك، ودكتوراه في الفلسفة واللاهوت، أصبح راهباً عام 1968 وانتخب راعياً للأبرشية اللبنانية ورئيس أساقفة لبنان وهو بطريرك الأرمن في كل أنحاء العالم ومقره في إنطلياس ببيروت. أصدر أكثر من 26 كتاباً بالأرمنية والإنكليزية. تستمر أسبوعاً أعلن ماسيس زوبويان، مطران الأرمن الأرثوذكس لدى الكويت والدول المجاورة، أن زيارة قداسة بطريرك الأرمن لبيت كيليكيا آرام الأول للبلاد ستستمر أسبوعا. وقال زوبويان إن غبطة البطريرك سيعقد مؤتمراً صحافياً في فندق شيراتون في الحادية عشرة من صباح السبت 20 الجاري.
مشاركة :