لماذا أقدم طلاب مدرسة أبي بكر الرازي الابتدائية بمنطقة تبوك على تمزيق كتبهم ودفاترهم المدرسية في الشارع المجاور لمدرستهم؟ وهل هذه الحادثة غير مسبوقة؟ أم أن هناك طلاب مدارس أخرى مارسوا الأسلوب ذاته في سنوات ماضية، إلا أن وسائل التواصل الحديثة سرعت في انتشار الخبر؟ وهل قرار معالي وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى سليم وناجع بإعفاء قائد مدرسة الرازي الابتدائية؟ وما مدى رضا مديري المدارس عن قرار وزيرهم؟ وهل يمكن أن نعتبر قائد المدرسة كبش فداء؛ لتخفي وزارة التعليم إخفاقاتها، وعدم قدرتها على التصدي لمثل هذه الحالة، ليس بأسلوب الإكراه بل بتعزيز القيم، والبُعد عن أسلوب حشو أذهان الطلاب بطريقتَي الحفظ والتلقين؟.. ونلاحظ أن الوزارة سارعت في وضع حلول قاصمة للفروع دون المساس بجذر المشكلة. إن إقدام طلاب المرحلة الابتدائية على تمزيق كتبهم ودفاترهم علنًا لهو امتهان لقيمتها المعرفية والعلمية، إلا أن هذا الأسلوب القميء نتيجة وليس سببًا؛ وهنا ينبغي على وزارة التعليم أن تراجع برامجها وخططها، وألا تبقى في برج عاجي عما ينبغي متابعته وتطويره في الميدان، مع استدراك الطريقة السائدة في التعليم، وهي طريقة الحفظ والتلقين التي هي - بلا شك - مملة، ولم تعد تحقق جدوى أو رفعة للتعليم. وحين يقدم طلاب صغار، أعمارهم لا تتجاوز 12 عامًا، على تمزيق كتبهم فإن ذلك احتجاج واضح، إما أن هناك ثمة معلمين يكرسون الحفظ؛ فجاءت درجاتهم متدنية، أو أنهم غير مقتنعين بالأساليب والطرائق التدريسية، وطال الاحتجاج الكتب؛ ما يعني أنهم محتجون على المدرسة ذاتها.. وهناك حالات مماثلة، يتطاول أسلوب الاحتجاج فيها بتهشيم زجاج سيارات المعلمين، أو بكتابة عبارات نابية وبذيئة على جدران المدرسة.. والسؤال: لماذا يجرؤ طلاب صغار على تمزيق كتبهم، وهم يدركون تمامًا أن هذا الفعل فيه امتهان للكتاب وقيمته المعرفية؟ هنا تبرز أسئلة كسهام حادة.. الطالب يعي سوء تصرفه، ولكنه قام بممارسة سلبية إزاء الكتاب المدرسي، وأمام الجميع، ولم يقم به طالب واحد، بل معظم طلاب المدرسة، وفي احتفالية سلبية ومزعجة للغاية.. وهنا ينبغي رؤية المشكلة من الزوايا كافة. وإذا كان من لوم فالوزارة ذاتها تتحمل اللوم. وكنت أتمنى من اللجنة المشكَّلة لغرض التحقيق في حيثيات المشكلة أن تناقش الطلاب أنفسهم؛ ليبوحوا عما يعتمل في دواخلهم، لا أن تضع اللجنة المبررات، وتسقط اللوم على قائد المدرسة. الطلاب أقدموا على سوء فعلهم خارج إطار المدرسة، وليس بمقدور القائد أو حتى المعلمين إيقافهم، كما أن المتحدث الرسمي لوزارة التعليم مبارك العصيمي في تصريحه يحمِّل المدرسة لعجزها عن تعزيز علاقة الاحترام من الطالب للكتاب، وتوعيته بأنه مصدر قيّم ومهم في حياتنا.. والسؤال: إلى أي مدى تمكنت الوزارة من تحقيق معادلة الاحترام بين الطالب والكتاب؟ وهل تكليف الطالب بإعادة كتابه للمدرسة يأتي في سياق الاحترام الذي تزعم الوزارة تبنيه؟ أم أنه أسلوب يؤكد أن علاقة الطالب قد انتهت؟ ويمكن أن نلحظ التناقض بين تصريح المتحدث الرسمي وما أوضحته اللجنة المشكَّلة بقولها "إنه جرى توجيه قائد المدرسة بعدم تسليم النتيجة النهائية لأي طالب إلا بعد إحضار الكتب"! كيف نوفِّق بين رأي اللجنة وتصريح المتحدث الرسمي للوزارة المتناقضَيْن؟ وهل إرغام الطلاب على إعادة الكتب يأتي منسجمًا مع ما تدعيه الوزارة بأن ذلك يأتي في مزية الاحترام؟
مشاركة :