«السعادة مجدداً» يُعيد البسمة إلى أطفال سوريين - متفرقات

  • 5/14/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ماذا تريد أن تعمل عندما تكبر؟ حفّار للقبور. أي هدية تتمنّين؟ أريد أن أرى البحر. هذه ليست أسطراً من سيناريو في أحد الأفلام الدرامية بل تمنيّات أطفال سوريين لم يعرفوا في حياتهم إلا الحرب والدمار؛ أطفال تهّجروا من مختلف المناطق السورية التي دمّرتها الحرب المتواصلة ووجدوا أنفسهم في الأردن، في مجتمع لا يعرفونه وفي بيئة غريبة عنهم.إلا أن مركز «هابيناس أغين» أو «السعادة مجدداً» يريد أن يرسم الابتسامة مجدداً على وجوه الأطفال الذين يتغلّبهم الزعل والقهر أو تجدهم مهمومين وكأن كل مشاكل أهلهم فوق رؤوسهم لاسيما أنهم غالباً ما يعيشون في غرفة واحدة ولا شيء يُخفى عنهم.في محاولة للتعرف أكثر عن هذا المركز وبرامجه، ضربنا موعدنا مع إحدى مؤسساته، ليلى ميداني، على «سكايب»؛ وميداني واحدة من هؤلاء الأشخاص؛ هاجرت إلى الولايات المتحدة لبعض الوقت إلا أن الحاجة إلى التصرف دفعتها إلى الانتقال إلى الأردن، قائلة: «لو لم أفعل ذلك، كنت سأصبح أنا الضحية».هذه الصيدلانية السورية التركية عملت منذ انتقالها إلى الأردن في بعثات طبية لمساعدة الجرحى واللاجئين في الأردن. وتخبرنا «خلال عملنا، لاحظنا أن الجانب النفسي لدى الأطفال محطّم ولا أحد يهتمّ بهم. هم نواة مجتمع جديد وإذا تركناهم، ضاعوا وضاع البلد معهم لأن الأمل بالصغار». وتتابع: «بدأنا بمشروع صغير للدعم النفسي مع منظمة سايف ذي شيلدرن الذين وفّروا لنا المبنى وأحضرنا 30 طفلاً وعملنا معهم ولاحظنا، خلال شهر فقط، التحوّل الجذري، من ولد كان نواة لمجرم قادر أن يضرب ويُعنّف إلى طفل طبيعي يريد أن يرسم ويلعب. عندما رأينا هذا التغيير، قررنا تأسيس المركز نهاية 2013».تهتم ميداني وشريكاتها بالجانب الإداري من المركز في حين يعمل أطباء وأخصائيون نفسيون إضافة إلى مساعِدات على توفير برنامج غير تربوي للأطفال والأهالي؛ برنامج أميركي تمّ تعديله ليتناسب وعقلية وثقافة السوريين.حتى الآن، استفاد نحو 250 طفلاً سورياً سنوياً من برنامج المركز من دون أن ننسى الأطفال الذين يتوجه إليهم المركز في دور الأيتام أو حتى الأطفال العراقيين والأردنيين.وتخبرنا ميداني أن أنواع الصدمات التي يعاني منها الأطفال مختلفة إلا أن أبرزها هي: اضطراب ما بعد الصدمة، الكوابيس، التبول اللاإرادي، فقدان التركيز، العدوانية، قلة الثقة بالنفس... وبالتالي، يختلف العلاج النفسي من طفلٍ إلى آخر.إلا أن جميعهم يتّبعون برنامجاً يمتدّ على مدار ثلاثة أشهر ويقومون بنشاطات موّحدة بأغلبيتها إلا إذا احتاجوا عنايةً فردية. كيف يبدو يوماً اعتيادياً في المركز؟ تجيب ميداني: «في الصباح، يقومون بجلسات يوغا وتمدّد لـ20 دقيقة ليَحين بعدها موعد تلاوة قصة محددة».بعد هذا الموعد، ينقسم الأطفال إلى مجموعات من خمسة إلى سبعة أطفال لمختلف العلاجات بالفنون أو الموسيقى أو اللعب. ويعتمد المركز العلاج بالرمل الفردي للأطفال الذين يعانون من صدمات نفسية متقدمة، شارحةً «يُطبّق مع أطفال منعزلين لا يتكلمون والنتائج مذهلة».إضافة إلى ذلك، يوفّر المركز وجبة خفيفة صحية والمواصلات كما يقوم بتقييم يومي للأطفال إضافة إلى رحلات إلى السينما والمتاحف والمنتزهات. وفي نهاية البرنامج، يُنظم المركز حفل تخرج ويوزّع الشهادات على الأطفال.أطفال قد تعجز هذه السطور عن اختصار قصصهم العديدة. فريم (كل أسماء الأطفال مستعارة)، ابنة الثماني سنوات هي واحدة من الأطفال الكثيرين الذين كانوا شهوداً على عمليات قطع الرؤوس في ريف الرقة.أما محمد، ابن العشر سنوات، فكان شاهداً على مذبحة كرم الزيتون في حمص وشارك في دفن الأشلاء.سامي، من جهته، كان يتمنى أن يصبح حفار قبور وذلك لأنه دفن والديه. بعد العلاج، تحسّن وبات يتمنى أن يصبح عالم آثار.لا شك أن علاج الأطفال النفسي أمر ضروري إلا أن المهم أيضاً العمل مع الأهالي؛ فهم أيضاً يحتاجون إلى مساعدة ويعانون من مشاكل جمة. تقول ميداني «أغلبيتهم كانوا مسجونين أو تعرضوا للتعذيب أو جرحى أو مشلولين. هم مرعوبون ومُحبطون بنفس الوقت... فتخيلوا أباً كان منتجاً في سورية وصار لا أحد له هنا، عاجز عن تأمين لقمة العيش».* متخصصة في الثقافة والمواضيع الاجتماعية

مشاركة :