نزار قباني.. خطاب شعري يطرح سؤال الوجود الإنساني

  • 5/14/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

دبي:«الخليج»نظمت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية يومي 10 و 11 مايو/ أيار الجاري احتفالية ثقافية عن الشاعر الراحل نزار قباني، تحت عنوان «نزار قباني.. الرسم بالكلمات»، حضرها الدكتور سليمان موسى الجاسم نائب رئيس مجلس أمناء المؤسسة، وعبد الحميد أحمد، والدكتور محمد عبد الله المطوع، والدكتورة فاطمة الصايغ أعضاء مجلس أمناء المؤسسة، وجمهور من الكتاب والأدباء والمثقفين. وتم على هامش الندوة توزيع كتاب «نزار قباني قصائد مغناة» الصادر عن المؤسسة بهذه المناسبة. أدارت الجلسة الأولى الدكتورة فاطمة الصايغ، وتحدث فيها الدكتور أحمد برقاوي عن «الأنا في شعر نزار قباني»، مؤكداً على أن شعر نزار قباني ما زال عالماً متنوعا، ونصاً يسمح بمئة قراءة وقراءة، برغم العديد من الكتب والأبحاث التي قدمت عنه، وأن المبدع، أي مبدع، إما أن يكون أنا متفرداً أو لا يكون.وأكد برقاوي أن تاريخ الإبداع بشكل عام، لا ينفصل أبداً عن تاريخ ظهور الأنا الذي أقام قطيعة مع النظام المتعالي عليه والمسيطر اجتماعياً وثقافياً، وهذا ما يفسر المواجهة التي لا تزول بين الأنا المبدع، والوعي العام الكاره للتجاوز. أما الكاتب والباحث علي عبيد فتحدث عن قصيدة «دارنا الدمشقية» التي استحوذت على كل مشاعر نزار، حيث كان اتصاله بالدار قويا، ومن فرط محبة تلك الدار وعلاقتها الحميمة بنزار أفقدته شهية الخروج إلى الزقاق، كما يفعل الصبيان في كل الحارات، ومن هنا نشأ عند نزار هذا الحس «البيتوتي» الذي رافقه في كل مراحل حياته، والذي جعله يشعر بنوع من الاكتفاء الذاتي، وجعل التسكع على أرصفة الشوارع، واصطياد الذباب في المقاهي المكتظة بالرجال عملا ترفضه طبيعته.وقال عبيد إنه إذا كان نصف أدباء العالم قد تخرجوا من «أكاديمية المقاهي»، فإن نزار لم يكن من خريجيها، فقد آمن بأن العمل الأدبي عمل له طقوسه، ومراسمه، وطهارته، وكان من الصعب عليه أن يتقبل أن الأدب الجاد يمكن أن يخرج من نرابيش النراجيل، وطقطقة أحجار النرد. وأضاف أن البيت الدمشقي كان هو نهاية حدود العالم عند نزار، وكان الصديق، والواحة، والمشتى، والمصيف، وقد ترك بصماته على شعره، كما تركت غرناطة وقرطبة وإشبيلية بصماتها على الشعر الأندلسي. وفي الجلسة الثانية التي أدارها الشاعر والإعلامي عادل خزام، تحدث الدكتور محمد شاهين في ورقته «نزار قباني.. لمن يغني الكناري» مؤكدا أن قباني كان على وعي بما تتبوأه اللغة من دور في الحداثة، لدرجة أن أي تصنيف نقدي للحداثة في القرن العشرين يضع اللغة في الصدارة.الدكتورة عفاف البطاينة قدمت ورقة بعنوان «السعي وراء الحرية شعريا: حرية المرأة في شعر نزار قباني»، مشيرة إلى أن رحلة نزار قباني الشعرية يمكن أن تُقرأ في ظل السياق العربي الباحث لنفسه عن إجابات لأسئلته المعاصرة، والتي يحتل فيها سؤالا المرأة والحرية موقعا مركزيا، واعتبرت البطاينة أن شعر قباني يمكن أن يقرأ كوثيقة تناولت في مراحل شعرية مختلفة مسيرة المرأة وحقوقها وحرياتها.وقدم الدكتور سمر روحي الفيصل بحثا عن «نثر القباني.. الوجه الآخر للإبداع» أكد فيه أنّ قباني كان يعتقد أنّ موقفه الشعري غير واضح لدى النقاد العرب، وهذا الاعتقاد قاده إلى معالجة قضيّة كان يراها خطرة، وهي المطابقة أوعَدُّ الإبداع وصاحبه وكأنّهما شيء واحد.وأكد الفيصل أن تجسيد هذه المطابقة يتمثل في أن يوصف نزار الذي كتب شعراً جميلاً في المرأة، بأنّه دنجوان وشهريار معاً في حياته الشخصية، وذلك بعض ما قيل حول المطابقة بين نزار وشعره في المجالس الخاصّة، وفي التّصريحات والكتابات العلنيّة. وشهد اليوم الثاني جلسة أولى أدارتها الكاتبة فتحية النمر، قدم فيها الدكتور نزار أبو ناصر ورقة بعنوان «ملامح من الهالة النزارية»، أكد فيها أن نزار قباني يُعرف الشاعر بأنه إنسان رافض للقوالب الجاهزة في كل شيء، وينشد غضبه في قالب القصيدة وهالة الإيجاز والتكثيف، ففي كلمات بسيطة وواضحة وقليلة يوصلك إلى ما يريد. وبدوره قدم الدكتور علوي الهاشمي ورقة بعنوان «نزار قباني المفارقة الصارخة.. اعتراف نقدي»، حيث قال: لا يختلف اثنان على أن شعر نزار يمكن أن يسمى بالسهل الممتنع، وأنه في عصرنا الراهن يعد المثال النموذجي على هذه الصفة النقدية أو اللعبة السحرية.وأضاف أن ذلك هو ما يفسر اندفاع جمهور المتلقين كالسيل الجارف نحو ذلك «السهل»، وكذلك تأثر المئات من الشعراء العرب به في بداياتهم الشعرية، رغم أنهم يبقون عاجزين عن أن يبلغوا شأوه، بل عاجزين حتى أن يقلدوه.. وفوق هذا وذاك يبقون عاجزين عن التخلص من آثاره حتى بعد أن شابوا وشاخت تجاربهم.وأدار الجلسة الثانية الدكتور حبيب غلوم، وتحدث فيها الدكتور شريف الجيار عن ديوان (سيبقى الحب سيدي.. تمرد جمالي ورفض للموروث)، وبيّن أن نزار قباني يمتلك رحابة الانفتاح والتداخل، كما يمتلك خطابا شعريا حداثيا يطرح سؤال الوجود الإنساني، ويحتفي بالحياة ويدعم التفاعل الإيجابي والتواصل بين البشر، مؤكداً على أن صراع الإرادات وحتمية الانحياز لقيم المستقبل، والتقدم، تجلى في الخطاب الشعري للديوان وتُرجم في قصائده.وتحدثت الدكتورة بروين حبيب عن تقنيات التعبير في شعر نزار، وقدمت نماذج من أدبه توضح تلك التقنيات التعبيرية، واعتمدت على تحليل المفردات والنصوص والألوان وغيرها من الأشياء التي تشكل عالم الشاعر و تثريه. وقد حفلت الندوة في يوميها بمداخلات قيمة من طرف الحضور أثرت وعمقت كل ما قيل عن تجربة الرسم بالكلمات عند نزار قباني.

مشاركة :