ريتشارد جير: عمري يُصعّب الحصول على أدوار

  • 5/14/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

محمد رُضا بدأ ريتشارد جير الظهور في الأفلام من عام 1975، ضمن أدوار ثانوية تحوّلت سريعاً إلى أساسية، وفي 1977 ظهر في فيلم «البحث عن السيد جودبار». فجأة نراه بعد سنة من خلال فيلم ترنس مالك «أيام الجنة»، ثم في دورين مهمين في فيلمي «أميركان جيجولو»، و«ضابط وجنتلمان». بدا واضحاً من ذلك الحين أن المشاهدين باتوا على موعد مع ممثل موهوب ، لكن كثيراً من النقاد وافقوا على أنه ممثل صاعد بيد أنهم فسروا نجاحه بأنه نتيجة طبيعية لوسامة وجهه. وبالتالي لم يعتبرونه موهوباً بالدرجة الأولى؛ بل وسيماً في الأساس.منذ هذا الوقت وإلى اليوم ظهر جير ضمن 50 فيلماً. وبطبيعة الحال انتقل من أدوار الشباب إلى متوسطي العمر، والآن يؤدي دور الرجال المتقدمين في السن وأصحاب النضج. وهذا النضج هو جزء من الواقع، فريتشارد جير الآن ممثل يعتني بالتفاصيل، ويتسم بالهدوء، وهناك «هارموني» بين ما يقدمه وشخصيته، كما يكشف هذا الحديث، وما يمكن تسميته براحة بال. ما الذي يدور حوله فيلمك الأخير «العشاء»؟- أنا ستان وزوجتي كلير وتؤديها لورا ليني، نبحث في مسائل عائلية. لقد ارتكب ابننا جريمة قتل وعلينا أن نجد المخرج المناسب لأزمته. سريعاً هي أزمتنا، فنحن مسؤولون عنه بالقدر الذي بات فيه مسؤولاً عن تصرّفاته. وهذه الحادثة تتفاعل وتصبح معقدة أكثر؛ لأنها تتسبب في شرخ بيني وزوجتي. أنا عضو في الكونجرس الأمريكي في هذا الفيلم، والمشكلة بالطبع مضاعفة وتهدد بمضاعفات كثيرة. يذكرني هذا بفيلم لرومان بولانسكي خرج للعرض قبل نحو أربع سنوات.- عرفته. تقصد «مذبحة»؟، شاهدته. الفارق كبير. هناك عائلتان مختلفتان تتابعان ما حصل بين ولديهما، والمشكلة مجرد تضارب وعراك. هنا المسألة أهم وتدور في رحى عائلة واحدة. ولديك أيضاً فيلمك «نورمان». لم يعرض جيداً في صالات السينما على ما يبدو.- معك حق. عرض بالولايات المتحدة من خلال مهرجان «تيليورايد»، وبكندا في مهرجان «تورنتو». لكنه لم يعرض على نحو عالمي. لماذا؟ لأنه فيلم صغير أحببت شخصيتي فيه، وموضوعه ووافقت على تمثيله حال انتهيت من قراءة السيناريو. ما الذي دفعك لتبنّيه؟- هذه الأيام ليس سهلاً عليّ اختيار الأدوار. أرفض كثيراً من العروض لأني لا أريد أن أتحوّل إلى مجرد مؤدٍ لدور. في مثل سني ربما عليّ أن أقبل بأي عرض، لكني مرتاح لمنهجي. فيلم «نورمان» مثير لاهتمامي، وكنت أبحث في الواقع عن عمل مختلف لديه إطلالة على مشاكل الشرق الأوسط. بالطبع ليس على النحو السياسي، لكنه حول رجل يتعرف إلى سياسي من هذه المنطقة، عندما كان غير قادر على الوصول إلى أي مركز مرموق. لاحقاً عندما وصل يجد نورمان وهو اسم الشخصية التي أمثلها نفسه ملازماً له لكن حياة نورمان تتغير تبعاً لنجاح ذلك السياسي، وتتغير ليس للأفضل دائماً. الشخصية التي تؤديها في «نورمان» شخصية يهودي. هل من الصعب أو السهل تأدية دور قائم على شخصية محددة كالشخصية اليهودية؟- هذا سؤال ذكي، وأعرف بالتأكيد أن المخرج جوزف سيدار، كان يبحث عن ممثل غير يهودي لتمثيل شخصية يهودية. ولذلك عرض عليّ الدور. أعرف تماماً أنه كان سيجد بين الممثلين اليهود من سيحسن تجسيده. الصعوبة لا تكمن هنا؛ بل إن الشخصية التي أقوم بها لا خلفية لها. نحن لا نعرف شيئاً عن هذا الرجل. هل هو رجل مستقيم؟ كيف يعيش؟ وما هو تاريخه؟ هذا كان التحدي الصعب؛ ولذلك أعجبت بالشخصية ومثلتها. في «عشاء» يتضح أن الشخصية التي تلعبها تخفي سراً خطيراً. هل أنت جيد في إخفاء الأسرار أو في إفشائها؟ - أعتقد أنني أخفي الأسرار التي أسمعها، لكني لا أعرف كيف أحافظ على أسراري الخاصّة. نعم هو بالفعل كان يخفي سراً إلى الوقت الذي خرج فيه عن صمته، واعترف بأنه وشقيقه قاما بجريمة قتل. هناك فترة طويلة من بداية الفيلم إلى الكشف عن هذا السر أردناها المخرج (أورِن موفرمان) وأنا أن تأتي غنية بالملاحظات وتفاصيل الحياة والبهجة، كما لو ألاَّ شيء وقع أو سيقع أو سيطيح بهذه السعادة. } أذكر أنك لعبت دوراً شبيهاً في «موازنة» Arbitrage قبل بضعة أعوام. الفيلم كان مختلفاً لكن شخصيتك فيه قامت على وضع رجل لديه ما يخفيه. - نعم. واحد من هذه التشابهات أنه ليس شخصاً تكرهه. على العكس يبدو رجلاً عادياً ثم تتضح أنه مر بظروف غير عادية. } أي نوع من الشخصيات السينمائية يستهويك؟ - كما قلت لك، بات من الصعوبة أن أجد أدواراً كثيرة في هذه الفترة من العمر. طبعاً هناك من هم أكبر سناً مني ويعملون كثيراً، لكني أحب أن أتأنّى في اختياري. وعلى الرغم من ذلك أستطيع القول إنني، حتى الآن، لعبت أعمالاً مختلفة عاطفية ودرامية، وعندما حاولت أن أقدم شيئاً كوميدياً أو تراجيدياً تراجعت. لكن كشخصية محددة يبدو أنني أنساق وراء الرجل الذي يكتشف أن أمامه خياراً آخر غير الذي سار فيه. طبعاً لعبت في «ضابط وجنتلمان»، و«إمرأة جميلة»، شخصية الذي يبدو لنا جميعاً وقد أنجز ما حلم بإنجازه. لكن هذا ليس كل شيء. في الواقع لا أحد يستطيع تحقيق كل ما يريد تحقيقه أو ما يحلم به. في الفيلم، كما شرحت بنفسك، يرتكب ابنك جريمة وأنت رجل سياسي. وفي الواقع لديك ابن في مقتبل العمر أيضاً. ماذا تفعل لو أن ابنك ارتكب جريمة فعلية؟ - الجواب القصير على هذا السؤال هو أنني لا أعرف ماذا أفعل بالتفصيل. لكنني سأقف إلى جانبه بالطبع وأحاول مساعدته في محنته. في الحقيقة طرحت هذا السؤال على نفسي من زاوية دراستي للشخصية السينمائية. اخترقت الشهرة سريعاً عندما انطلقت في بداية رحلتك السينمائية. ما هي إيجابياتها وسلبياتها؟ - لا شيء إيجابي حول الشهرة. هذا ما تعلمته سريعاً. وهو لا يعني أنه لا يوجد شيء إيجابي في النجاح بحد ذاته. هل تدرك الفرق؟ إنهما مسألتان منفصلتان. هناك مشاهير كُثر، وأتعجب مما فعلوه حتى أصبحوا مشهورين؟ بعضهم لم أسمع به من قبل وفجأة هو أو هي من نجوم الحفلات والحياة الاجتماعية. هذا النوع من الشهرة هو مثل السكر في الماء يذوب ويضمحل أثره. لكن النجاح أمر مختلف. قد لا تكون رجلاً مشهوراً لكنك ناجح. والنجاح يوّلد النجاح. هل تحب السينما الأوروبية؟ - ليس تهرباً من الجواب، لكني أحب كل الأفلام في الواقع. آسيوية، وأوروبية، وهناك بعض الأفلام العربية شاهدتها مؤخراً مثل أفلام هاني أبو أسعد. عميقة وتحكي القصّة بأسلوب جيد. لكنك لم تمثّل كثيراً خارج الولايات المتحدة. - مثلت مع بعض المخرجين غير الأميركيين مثل ميرا نير من الهند، ولاسي هولستروم، ولا أمانع في تمثيل فيلم غير أميركي. على العكس. لو استلمت عرضاً سأدرسه، لكني لا أؤمن كثيراً بأني أستطيع تقمص شخصية فرنسية أو إيطالية. والحكايات التي تدور حول أميركي يعيش في أوروبا باتت كثيرة. } هل استعدادك هذا هو انعكاس لاهتمامك السياسي بالعالم؟، أعرف عنك مثل هذا الاهتمام؟ - بالفعل هو كذلك. لكن دعني أوضّح، أنا لا أتعاطى السياسة، ولو أني كنت سياسياً لكان همي الوحيد هو الجمع بين الشعوب وإيقاف كل الحروب. لا يهم من يبدأ الحرب. المهم هو أن الحرب خطأ. وبالفعل أراقب ما يدور حولي كملايين البشر، وأحاول من خلال علاقاتي الخاصة التعبير عن آرائي ومبادئي، طالما أنا مرتاح مع الأشخاص الذين أتحدث إليهم. مثلت في فيلم «أنشودة شهر أوجست» لأكيرا كوراساوا... هذه إحدى طلاتك القليلة في عالم السينما العالمية. - صحيح. وأنا محظوظ أنني مثلت معه في ذلك الفيلم. كان بدوره تتويجاً لي. فهناك علاقة خاصّة بيني والثقافة اليابانية. بالعودة إلى موضوع الشهرة. ما هي النقطة الأعلى أو الأسفل التي بلغتها خلال مهنتك؟ - إنها حلقة دائرية في الواقع. لا أهتم كثيراً بالشهرة كما ذكرت، لكن النجاح مطلوب ومرت بي عدة مراحل اعتبرها ناجحة وفوقية. وفي أخرى شعرت بأنني لم أعد قادراً على الحفاظ على موقعي كممثل، لكن ما هي إلا بضع سنوات وإذا بي أتسلّم أدواراً جيدة، تعيدني إلى عناوين الصحف. هل لديك تفضيل معين لمن تشتغل معه كممثل أو كمخرج أو كمنتج؟ - طبعاً. لا أطيق أن أعمل مع أحد أجده على موجة أثير مختلفة من موجتي. لا أحب أن أعمل مع أشخاص لا أشعر أننا نتحدث لغة واحدة من التفكير والمشاعر. لقد فعلت ذلك في شبابي لكنني بدأت تكوين فواصل غير مرئية تجعلني بعيداً عن بعض السينمائيين، وقريباً من البعض الآخر. ووجدت أن في ذلك راحتي الكبيرة. حين تنظر إلى ماضيك، هل تتمنى لو أنك غيرت شيئاً؟ - حياتي هي أكثر مما حلمت به. إذا ما أقدمت على فعل خطأ في حياتي، فإن شعوري اليوم هو أنه انتمى إلى مرحلة منفصلة عني لم تعد تهمني. إذا أخطأت بحق أحد لا أمانع في أن أعتذر بصدق، لكن ما حدث حدث ولا يمكن تغييره. والأكثر من ذلك هو أنه انتهى. والعكس صحيح. إذا ما أخطأ معي شخص ما، فإن ما فعله ينتمي إلى فترة مضت لم أعد مرتبطاً بها.

مشاركة :