من المعتاد أن ترتفع أسعار العديد من المواد الغذائية، في العراق، قبل حلول شهر رمضان المبارك من كل عام، لإقبال العراقيين على اقتناء ما تتطلب المائدة الرمضانية، في طعام الإفطار والسحور، وما بينهما، لكي لا يضطر رب العائلة «الصائم» على التسوق اليومي، وخصوصاً في فصل الصيف، شديد الحرارة، إلا أن ارتفاع الأسعار هذا العام ليس كسوابقه، بسبب توقف عمل العديد من المنافذ الحدودية عن العمل، وضعف أو شح المنتوج المحلي، وعوامل أخرى مرتبطة بالجهات الحكومية، والأخرى المهيمنة على السوق، بلا رقيب سواها. احتكار السوق ويقول عراقيون من محافظة ميسان الجنوبية، إن ارتفاع أسعار الخضراوات والمواد الغذائية والعديد من المواد الأخرى غير مسبوق، فيما يشير الإعلامي علي عبد الواحد إلى اتهام الحكومة باحتكار السوق، عبر شركاتها الاستثمارية الخاصة، إضافة إلى أن هناك أحزاباً وعشائر تسيطر على دخول البضائع المستوردة عبر المنافذ الجنوبية مع إيران، لفرض رسوم «باهظة» على البضائع، لحسابها الخاص. ويقول المواطن محمد سيف، إن الأسواق تشهد ارتفاعاً كبيراً في أسعار الخضراوات والفواكه، وبقية المواد التي يعتمد عليها المواطن في الحياة اليومية، مبيناً أن أغلب العائلات أصابها التذمر والحيرة، خصوصاً أن شهر رمضان على الأبواب ويحتاج سلة غذائية كاملة للصائمين. ويحمّل سيف الحكومة المحلية مسؤولية احتراق الأسواق بالأسعار غير المقبولة، لكون أغلب المسؤولين يمتلكون شركات للاستيراد والتصدير، متهماً إياهم بترك المصالح العامة والاهتمام بمصالحهم الشخصية والحزبية، وترك الشعب بلا قوت يومي أو مصدر رزق، كي يستطيعوا أن يقاوموا غلاء الحياة التي أصبحت صعبة ومحرجة على الإنسان الفقير فقط، فــ «الشبعان لا يدري بالجوعان». سيطرة واضحة ويلاحظ مراقبون سيطرة واضحة لبعض الميليشيات والأحزاب المتنفذة في نقاط الحدود الجنوبية، بعد غلق المنافذ المعتمدة مع سوريا والأردن، وإبقاء المنافذ مفتوحة مع إيران، ما يتيح لـ «حيتان السوق» التحكم بالبضائع والأسعار. وتشكو مروة جاسم من أوضاع السوق، قائلة، إن «عائلتي متكونة من ثمانية أطفال، خمس بنات وثلاثة أولاد جميعهم طلبة في المدارس، وهذا الأمر سيزيد من همنا كون رب الأسرة يعمل كاسباً بأجر يومي، وغلاء الأسواق قد يجعلنا في مأزق كبير، لاسيما أن رمضان على الأبواب، وبعده عيد الفطر. وتضيف «ربما يجبرنا الفقر على إخراج أطفالنا من المدارس لصعوبة تأمين المستلزمات لهم من ملابس وغيرها». من جانبه، يؤكد الخبير الاقتصادي أحمد اللامي، أن منفذ الشيب الحدودي تسيطر عليه بعض الأحزاب والعشائر التي فرضت ضرائب باهظة على السيارات المحملة بالمواد الغذائية والخضراوات والبضائع. غلاء فاحش ويقول إن الأسواق تشهد غلاءً فاحشاً في أسعار الملابس، فالبنطلون أو القميص تصل قطعة الواحدة إلى أكثر من 20 ألف دينار مع ارتفاع في أسعار باقي المواد، محذراً من أن استمرار الحال على وضعه دون إيجاد حل مناسب له سيولد فقراً كبيراً بين صفوف المواطنين ويدفع إلى الهاوية. فيما يشير عضو مجلس محافظة ميسان سرحان الغالبي إلى أن غياب الرقابة على المنافذ الحدودية أدى إلى فرض رسوم باهظة على الشاحنات التي تحمل البضائع والخضراوات، مشيراً إلى أن اغلب القوانين لم تعد تطبق في الوقت الحاضر لوجود رؤوس في الدولة متنفذة تسيطر على حركة الأسواق.
مشاركة :