.. وقد اشتهرت عن الإمام الشافعي عبارة سارت في الآفاق عن نساء مصر، إذ يروى أنه قال: «من تزوج مصرية ولم تعجبه فعلي مهرها» وذهب بعضهم إلى القول تخرصا طبعا أنه قال: «من لم يتزوج مصرية فليس بمحصن».. وهذا القول الأخير مستحيل أن يقوله الإمام الشافعي ولو مزاحا. والغريب أن الشيخ عبد الغني الدقر قال عن الإمام الشافعي: «لا نعلم متى تزوج وما أظننا نبعد كثيرا إذا قدرنا أن زواجه كان قريباً من منصرفه عن مالك إلى مكة وما عرف له إلا زوجة واحدة هي حمدة بنت نافع بن عنبسة بن عمرو بن عثمان بن عفان». ونتمنى أن يكون الشيخ عبد الغني الدقر على قيد الحياة كي يجد التوفيق بين قوله هذا وبين العبارة المذكورة أعلاه، إلا إذا كانت عبارة لا أصل لها. المهم أن الأمة أجمعت على علم وفضل الإمام الشافعي وصار مذهبه منتشرا في الحجاز ومصر واليمن وكردستان وجنوب شرق أفريقيا وجنوب شرق آسيا مع أنه مات وعمره أربع وخمسون سنة، وترك لنا كتاب (الأم) وكتاب (الرسالة). وقد عاش في مكة وفي بادية هذيل وفي نجران وفي بغداد وفي مصر واختتم حياته بمقامه في مصر مدة أربع سنوات وكان له مذهبه القديم الذي تكون في بغداد فلما وفد على مصر أسس مذهبه الجديد. وقد كان رحمه الله يحترم العلماء الذين سبقوه فيقول عن الإمام مالك: «إذا ذكر العلماء فمالك النجم». ويقول عن الإمام أبي حنيفة: «من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عيال أبي حنيفة». ويذكر عن نفسه فيقول: «ما ناظرت أحداً إلا تمنيت أن يكون الحق معه». ويقول: «كل مسألة تكلمت فيها وصح الخبر فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أهل الفقه بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي». ويقول: «إذا صح الحديث فاضربوا بقولي عرض الحائط». وأخيرا يقول كما رواه البويطي عنه: «ألفت هذه الكتب ولم آل فيها (أي لم أقصر) ولابد أن يوجد فيها الخطأ لأن الله تعالى يقول: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} فما وجدتم في كتبي هذه مما يخالف الكتاب والسنة فقد رجعت عنه». لقد ألف الشيخ محمد أبو زهرة كتاباً عن الإمام الشافعي وألف الشيخ عبد الغني الدقر كتابا أصغر من كتاب الشيخ أبو زهرة لكنه ركز على سيرة الإمام بينما ركز الشيخ أبو زهرة على عصر وآراء الإمام الشافعي .. وهناك كتيب مختصر عن الإمام الشافعي ألفه السيد أحمد العربي .. والرجوع إلى هذه الكتب تملأ العقل والوجدان. السطر الأخير: ولولا الشعر بالعلماء يُزري لكنت اليوم أشعر من لبيد
مشاركة :