على أن السهر حالة شائعة تمر بكل فرد في الحياة،إلا أنه عند البعض يشكل هاجساً يتلذذ به بالرغم من أنه يسبب الكثير من المتاعب والآلام والوهن والأمراض النفسية المتعددة. في محيط الأدب والثقافة يأتي السهر عاملاً هاماً لدى أغلب الأدباء الذين ارتبطوا به ارتباطاً وثيقاً في كتاباتهم ومعاناتهم، وقديماً كان السهر هو الحدث الحقيقي والبارز عند الشاعر والقاص والراوي، بل عند أغلب سكان البادية الذين يجتمعون في دواوينهم للمسامرات الشعرية والقصصية. السهر لم يكن حديث الوجود بل كان منذ القدم كما أسلفت حيث الارتباط الإنساني والعاطفي في نفس الوقت به كبيراً خصوصاً عند الشعراء الذين يربطون شعرهم وأحاسيسهم بالسهر، والشاعر منهم لا يكون شاعراً واصفاً لمعاناته إذا لم يذكر السهر ويستشهد به في قصائده وهو بذلك يرسل من خلاله رسالة للحبيبة، وهم كذلك نراهم ونقرأهم في نصوصهم الشعرية العذبة المبدعة. العلاقة التي تربط السهر بالإحساس الشعري هي تلك التي ينتج عنها تصوير للمشاعر وهذا مايريده الشاعر وعند قراءتنا لأغلب القصائد القديمة نجد أنها لا تكاد تخلو من كلمة (سهر) بمعنى أن السهر يعيش معهم ويشاركهم معاناتهم وغرامياتهم بل لا تحلو لهم القصيدة إلا إذا كانت تحاكي سهرهم وأحاسيسهم وآهاتهم التي يعانون منها في وجدانهم. ولعله من الجميل أن نجد شعراء آنذاك كانوا يستمتعون بالوصف ودقته في قصائدهم عندما يمزجون معاناتهم بسهرهم على تلك الآهات والأحزان ومن هنا جاء السهر عندهم بمثابة الرفيق الذي يجسد أحاسيسهم تلك، ولذلك وجدنا تلك العلاقة واضحه في قصائدهم العذبة والجميلة التي تركوها لنا، والتي من خلالها ادركنا حقيقة السهر لهم والذي هو بمثابة رفيق دربهم وأنيسهم بالرغم من ماقد يسببه لهم من متاعب صحية مختلفة، وفي كل الأحوال فهم قد تركوا لنا إرثاً شعرياً رائعاً ومبدعاً ممزوجاً برقة مشاعرهم وروعة سهرهم. أخيراً: قريتك كانت اللحظة تسولف سكون وليل على جفن السهر يغفى خيالك والملامح ريح قريتك والسهر حارس على جفني وفيه الويل جهاته والمدى موحش بعذره لومساه يصيح
مشاركة :