سبق أن أصدرت وزارة التربية والتعليم مشروع «لائحة التعليم الإلزامي في المملكة»، والتي تلزم أولياء أمور الطلبة تعليم أبنائهم بادخالهم المدرسة حين بلوغهم السادسة من العمر. ورصدت الوزارة نوع العقوبات التي تطبق على أولياء الأمور الذين يحرمون أبناءهم من التعليم. كان رد فعل وزارة التعليم العالي، من خلال تصريح وكيل الوزارة، أن العقوبات التي أشارت إليها اللائحة تتعارض مع الحرية الشخصية. أثار هذا التصريح دهشة الأستاذ سعيد السريحي، فكتب في («عكاظ» 7/6/1434هـ ) تحت عنوان «حين يحرض التعليم العالي على العنف»، مستنكرا الأساس الذي بنى وكيل وزارة التعليم العالي عليه اعتراضه، ومؤكدا أنه لا دخل لوزارة التعليم العالي بالتعليم الإلزامي (الأولى).. فهو من اختصاص وزارة التربية والتعليم. وإنني إذ أتفق مع الأستاذ السريحي في استنكاره لتصريح وكيل وزارة التعليم العالي الذي يعد معاقبة ولي الأمر الذي يحول دون تعليم ابنه تعارضا وتدخلا في الحرية الشخصية. ولئن أثار دهشة السريحي اعتراض وزارة التعليم العالي على عقوبة من لا يلزم ابنه على تلقي التعليم الأولي، فإنه أذهلني أن يصدر مثل هذا الاعتراض من رجل قمة من قمم التعليم العالي. غير أني لا أظن إلا أن خبر التصريح يشوبه الغموض أو الاختلال في النقل. ومع ذلك، فإنني أضيف إلى ما كتبه السريحي بعض الحقائق في هذا السياق منطلقا من هذه المعطيات: أولا ــ عدم إيقاع عقوبة على من لا يلتزم بتعليم ابنه التعليم الأولي سوف يدع ابنه يستبدل بالمدرسة الشارع، حيث التشرد والحرية المنفلتة ومن ثم إلى مستقبل مجهول! ثانيا ــ الحرية الشخصية التي رئي أنها العقوبة تتعارض معها إنما هي مفسدة تنشئ جيلا ضائعا بلا علم ولا معرفة.. بل بلا قيم. ثالثا ــ انصراف الطفل الذي يعرض عن المدرسة إلى ألعاب الكمبيوتر والإنترنت ينجم عنه فراغ في الذهن والفكر. رابعا ــ أن التعارض ليس بين العقوبة والحرية الشخصية، إنما التعارض يحدث عندما يوجد عدم التزام لا عقوبة له.. أليس كذلك؟! خامسا ــ لم يعد الزمن ليسمح للأطفال أن ينشأوا خارج التعليم المدرسي، حيث يتلقون مبادئ الحياة وقيمها ويتزودون بالعلم والمعرفة. سادسا ــ التعليم الإلزامي الأولي هو الذي يطل منه الطفل على العالم حوله لتحقيق ذاته، وينمي قدراته العقلية والنفسية ومهاراته الفكرية بشكل سليم على ضوء منهج علمي تربوي سليم. سابعا ــ التعليم الإلزامي الركيزة الأساسية لبناء نهضة الأمة ومواجهة مستجدات العصر وإنجازاته. مما تقدم.. حسبي أن أؤكد أنه لا مناص من معاقبة أي ولي أمر يمنع ابنه من الالتحاق بالتعليم الأولي أو حتى يتهاون في إلحاقه. والله المستعان والهادي إلى سواء السبيل.