توقعت وثائق داخلية في المفوضية الأوروبية أن تواجه صعوبة كبيرة في إقناع البرلمان الأوروبي بالموافقة على تشريع يتعلق بالتقشف الاقتصادي، بعد انتخابات البرلمان الأوروبي هذا الشهر. وتدرك المفوضية وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي أنه وفقا لاستطلاعات الرأي العام أن المعسكر المؤيد للانضباط المالي والتقشف الاقتصادي ممثلا في "حزب الشعب الأوروبي" المحافظ و"تحالف الليبراليين والديمقراطيين من أجل أوروبا" سيكون أضعف في التشكيلة الجديدة للبرلمان الأوروبي. ووفقا لتحليل أعدته إدارة الشؤون الاقتصادية والمالية في المفوضية الأوروبية فإن بعض التحالفات الفائزة التي أيدت الإصلاحات في البرلمان الأوروبي المنتهية ولايته التي كان "حزب الشعب الأوروبي وتحالف الليبراليين والديمقراطيين من أجل أوروبا في قلبها" من غير المحتمل حصولها على الأغلبية في التشكيل الجديد. وتتوقع المفوضية بعد الانتخابات أن يدخل حزب الشعب الأوروبي في "تحالف واسع" مع مجموعة الاشتراكيين والديمقراطيين التي تمثل يسار الوسط التي يدعو أحد أهم مرشحيها وهو مارتن شولتز رئيس البرلمان الأوروبي المنتهية ولايته إلى مزيد من المرونة فيما يخص الحدود المسموح بها لعجز الميزانية في منطقة اليورو والسماح بمزيد من الاستثمارا العام. وخلصت المفوضية ومقرها بروكسل إلى نتيجة مفادها أنه لكي ينجح مثل هذا التحالف في المستقبل يجب أن تعيد المقترحات الجديدة بشأن صناعة القرار الاقتصادي والحوكمة الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي التركيز على نقاط أخرى حتى تحظى بدعم مجموعة الاشتراكيين-الديمقراطيين. وتجرى انتخابات البرلمان الأوروبي في جميع دول الاتحاد وعددها 28 دولة خلال الفترة من 22 إلى 25 أيار (مايو) الحالي حيث تشير التوقعات إلى تحقيق الأحزاب المناوئة للاتحاد الأوروبي سواء من أقصى اليمين أو أقصى اليسار نتائج قوية. وبعد عشر سنوات من اتجاه الاتحاد الأوروبي نحو التوسع شرقا، أصبح كثير من الأعضاء الجدد في الكتلة الأوروبية أفضل حالا من الأعضاء القدامى، فالاقتصاد لدى الأعضاء الجدد بالكتلة الأوروبية ينمو ولا يركد، ويشعر كثير من المواطنين بشكل من أشكال التواصل مع الاتحاد الأوروبي حتى لو كانت بلادهم متأخرة في الوصول إلى نفس مستويات المعيشة التي تنعم بها الدول الغربية في الكتلة. وذكر معهد الدراسات الاقتصادية الدولية ومقره فيينا أن الدول الـ11 الأعضاء في الاتحاد من شرق أوروبا ومنطقة البلقان والبلطيق ستحقق هذا العام معدلات نمو في الناتج المحلي الإجمالي تصل نسبتها إلى 2.1 في المائة مقارنة بمعدلات نمو تبلغ 1.2 في منطقة اليورو. ويقول ماريو هولتسنر الباحث في المعهد والمتخصص في شرق أوروبا والبلطيق والبلقان، "إن هذه المنطقة ما زالت تنمو بشكل أسرع رغم أن معدلات النمو فيها لم تعد كما كانت قبل الأزمة، ومن أسباب هذا النمو أن منطقتي وسط وشرق أوروبا أصبحتا جزءا لا يتجزأ في حلقة التصنيع الأوروبية. وعلى الرغم من الجهود المضنية التي تبذلها الدول الأعضاء في شرق أوروبا للتكامل مع أسواق الاتحاد الأوروبي وتبني قوانينها، إلا أنه ربما تظل هناك فجوة دائمة بينها وبين أوروبا الغربية، نظرا لأن هذه المنطقة تقع على الأطراف من الناحية الجغرافية وتفتقر إلى طرق المواصلات ورجال الأعمال المحليين".
مشاركة :