هل وصل الانقسام إلى إضراب الأسرى؟

  • 5/14/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

القدس  – أحمد عبدالفتاح | يحيي الفلسطينيون اليوم الاثنين الذكرى الـ69 لوقوع النكبة الكبرى بالشعب الفلسطيني عام 1948، حيث أقيمت دولة إسرائيل على %78 من مساحة فلسطين التاريخية، واقتلعت أغلبية سكانها وألقت بهم في مخيمات الشتات، وفرضت حصاراً مشدداً على الأقلية التي بقيت منهم، وانتزعت أرضهم،  ودمرت نحو 450 مدينة وقرية ما زالت بقاياها وأطلالها تقف إلى يوم الناس هذا شاهدة على الجريمة التي ارتكبت بحقهم تحت سمع وبصر العالم، الذي ما زال يقف عاجزاً عن إنصافهم بما تبقى من وطنهم الذي وقع تحت الاحتلال الإسرائيلي في الرابع من يونيو عام 1967. تحل ذكرى النكبة هذا العام مع دخول إضراب أكثر من 1500 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال عن الطعام شهره الثاني، من دون وجود مؤشرات يعتد بها عن قرب نهاية محنتهم، رغم الأنباء التي تسربت عن مفاوضات سرية تجريها السلطة الفلسطينية مع سلطة الاحتلال لاجتراح مخارج تلبي الحد الأدنى من مطالبهم الإنسانية، وتحافظ على المعنى النضالي والوطني للإضراب، وعلى معنويات المضربين، غير أن هذه المحاولات ارتطمت بتعنت مصلحة السجون الإسرائيلية التي ما زالت تعقد رهانها على كسر الإضراب بشتى الطرق، وتلقين المضربين درساً يجعلهم يفكرون ألف مرة قبل إعادة التجربة مرة أخرى. صعوبات رافقت الإضراب وبعيداً عن كيل المديح وعبارات التبجيل المستحقة ببطولة الأسرى لما لهم من مكانة، فإن الحقيقة تأمر بضرورة المجاهرة بأن ثمة صعوبات رافقت الإضراب وتفاقمت خلال الشهر الماضي جديرة بالرصد والإضاءة. ولعل أول مواطن الضعف التي اعترت الإضراب منذ بدايته أنه افتقر للشمولية. فقد اقتصر عدد المشاركين به وفق «هيئة شؤون الأسرى والمحررين» وغيرها من هيئات تعنى بهم على نحو 1500 أسير من صل 6500. وعلى الرغم من مرور شهر على بداية الإضراب، فلم يسجل انضمام أعداد جديدة يعتد بها، وبقي حجمه في واقع الحال يراوح تحت سقف العدد الذي انطلق به، كما أن مشاركة أسرى الفصائل الأخرى رغم انضمام بعض قادتها للإضراب ظلت محدودة ورمزية. هذا الواقع يحفز إلى رفع السؤال حول وحدة الحركة الأسيرة والتفافها حول مطالب موحّدة ومتفق عليها في مواجهة السجان الإسرائيلي، كما يؤشر إلى أن الانقسام في الخارج اخترق جدران السجون ولم ينج الأسرى من عدواه وتداعياته. وإذا أمعنا النظر في دلالات مشاركة أقل من نصف عدد أسرى «فتح» في الإضراب، جاز الاستنتاج من دون مجازفة بالوقوع في الخطأ أن صراع أجنحة الحركة ومراكز القوى فيها، خصوصاً بعد النتائج التي تمخض عنها مؤتمرها الأخير نهاية العام الماضي، تحضر بقوة في خلفية الإضراب وأسبابه وأهدافه، من دون إسقاط أو الطعن بسلامة أو مشروعية المطالب الإنسانية التي رفعها الأسرى في وجه السجان الإسرائيلي. إلى هنا، ما زال الأمر يستدعي تفصيلاً. وفي التفصيل، ثمة رأي يحتل مساحة لا بأس بها من النقاش العام حول الإضراب ومآلاته، يقول إنه محاولة من قائده مروان البرغوثي الذي حاز أعلى الأصوات في مؤتمر «فتح» لعضوية اللجنة المركزية، ولكنه أقصي عن موقع نائب رئيس الحركة الذي يشغله الرئيس محمود عباس، يراه هو وأنصاره مستحقاً له، وأنه ذهب لغيره من دون وجه حق، وبالتالي فإن الإضراب صمم لإرسال رسالة لزعامة «فتح» بأن ما جرى لن يمر مرور الكرام، وأن البرغوثي ما زال قادراً على إثبات زعامته ليس في «فتح» فحسب، بل وباستطاعته تحريك الشارع وقيادته من سجنه. حروب «فتح» لذا، يرى كثيرون أن هذا الهدف المضمر للإضراب بقدر ما وجه رسالة حامية إلى قادة «فتح» أضر ربما بذات القدر في إمكانية اتساع رقعة المضربين، خصوصاً من قبل الفصائل الأخرى غير المعنية بحروب «فتح» الداخلية، وفي مقدمتها حركة «حماس» التي يؤرقها تكريس البرغوثي زعيماً محتملاً. وبالتالي منافساً لها، خصوصاً أن نتائج استطلاعات الرأي تضعه منذ سنوات في مقدمة قائمة المفضلين والأكثر شعبية لوراثة عباس في رئاسة الشعب الفلسطيني، وهو ما يفسر إحجام أسراها باستثناء عشرات منهم عن المشاركة في الإضراب. إلى ما سلف، يشاهد بالعين المجردة تآكل حجم فعاليات حملة التضامن الشعبية مع إضراب الأسرى واقتصارها على بعض عشرات من النشطاء الذين يواظبون على الجلوس في خيام الاعتصام في ساحة المدن.

مشاركة :