على واجهة قصر الفنون في القاهرة، علق رسم كاريكاتوري يمثل وجهاً حجرياً ضخماً لرجل رأسه على شكل متاهة وامرأة تحاول الخروج منها. يلفت الرسم، وهو للفنان الإندونيسي جتيت كوستونا إلى العلاقة بين الرجل والمرأة وما يتخللها من تعقيدات، وربما سوء فهم أحياناً. هكذا هو فن الكاريكاتور، تكمن عبقريته في بساطته وقدرته على التلخيص والإيجاز. عمل الفنان الإندونيسي مثل الملصق الدعائي للملتقى الدولي لفن الكاريكاتور المقام حالياً في قصر الفنون في القاهرة حتى بعد غد الأربعاء. المرأة هنا هي بطلة هذا الملتقى الذي ينظّم للمرة الرابعة على التوالي، فمنذ انطلاقه عام 2014 استطاع جذب مشاركات دولية كثيرة، ومثَّل فرصة للاطلاع على منتج هذا الفن في أنحاء العالم. يضم الملتقى هذا العام أكثر من 500 عمل يعبّر عن المرأة، وكلها من دون استثناء، وبلا اتفاق كما يبدو، تتبارى في الدفاع عنها والتعبير عن معاناتها، هذه المعاناة التي تواجهها في البيت والعمل والحياة والحب أيضاً. مثَّلت حفلة الافتتاح التي حضرها وزير الثقافة المصري حلمي النمنم فرصة للتعارف وتبادل الخبرات بين المشاركين في هذا التجمع الكبير لأصحاب الرأي الخاطف وصناع البهجة في الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية من الدول العربية والعالم، وهو من حسنات مثل هذه اللقاءات الدولية. قد تختلف الصعاب التي تواجه المرأة والقضايا المتعلقة بها في العالمين العربي والإسلامي عن غيرها في الغرب، ولكن لا يختلف فنانو الكاريكاتور حول معاناة المرأة وتحملها. في عمله رسم الفنان الأزري سيران كافرلي أماً فقيرة تعد الطعام لأبنائها. الطعام هنا عبارة عن قلب الأم نفسها. ويقول الرسام الأردني ناصر الجعفري، إن الثيمة هنا محددة، ولكن لكل فنان حرية التعبير عن أفكاره. في واحدة من رسومه الأربعة المشاركة، رسَم الجعفري فتاة صغيرة تستظل أو تختبئ تحت شاربَي والدها. وفي رسم آخر، صوَّر الأب وهو يصفع ابنته بقوة، لكنه في الوقت نفسه يطيح بشاربيه، علامة الرجولة في مجتمعاتنا. ويرى الجعفري أن العنف ضد المرأة يفقد الرجل نخوته. يعبر هذا الفنان في رسومه عن جرائم الشرف بطريقته، وهي إحدى القضايا الملحة على الساحة الأردنية. ويقول إنه «قد لا يواجه كثير من الفنانين في الغرب القضايا نفسها التي نواجهها في مجتمعاتنا، لكننا بالطبع نتشارك في الكثير من القضايا الأخرى». وعن مساحة الحرية التي يتمتع بها الفنانون في الغرب والتي تتيح لهم مجالاً أوسع للتعبير، يرى الجعفري أن الكاريكاتور قد يغذيه القمع أحياناً، «فهذا السقف التعبيري الذي تصنعه السلطة أو يصنعه الأفراد لأنفسهم يتحايل عليه الفنانون بطرق عدة. تعايش فنان الكاريكاتور مع هذا المناخ حتى بات من الصعب أن يعمل من دونه». وهو يحكي عن تجربة له في صحيفة معارضة، حين أعلن رئيس تحريرها تحديه لهذه الرقابة السلطوية والذاتية وفتح المجال أمام الصحافيين ورسامي الكاريكاتور كي يعبروا عما يشاؤون. يشارك في الدورة الرابعة أكثر من 270 رسام كاريكاتور من 64 دولة، واختيرت ثيمة المرأة احتفاءً بها كون عام 2017 هو عام المرأة. ويكرم الملتقى الفنان جمعة فرحات، أحد الرموز المهمة في تاريخ الكاريكاتور المصري والكاتبة سناء البيسي باعتبارها من رائدات الصحافة المصرية.
مشاركة :