إيران في خريفها العراقي ـ

  • 5/15/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

كان يمكن أن يكون لإيران أوراق عديدة في العراق لولا أن نوري المالكي كان قد لعب دورا خطيرا أثناء ولايتيه في إنقاذ الاقتصاد الإيراني من تداعيات الحصار الدولي المفروض على إيران من خلال ما ضخه من أموال عراقية منهوبة، رأى أن من مصلحته أن يتبرع بها لا تعبيرا عن ولائه وهو أمر مشكوك فيه بل بحثا عن حماية تقويه في مواجهة خصومه الجاهزين للانقضاض عليه. وهنا لا أقصد مقتدى الصدر، عدوه التقليدي بل إبراهيم الجعفري وعمار الحكيم وسواهما من قادة البيت الشيعي حصرا. لقد عُرف نوري المالكي بأنه رجل إيران في العراق. منطقيا كان من الممكن أن يكون عمار الحكيم زعيم المجلس الإسلامي الأعلى هو ذلك الرجل. فالحكيم إيراني الأصل وولد في إيران ويحمل الجنسية الإيرانية ويذهب كل أربع سنوات إلى السفارة الإيرانية ببغداد ليدلي بصوته في الانتخابات الرئاسية باعتباره مواطنا إيرانيا. كذلك الأمر بالنسبة لهادي العامري الإيراني بولائه أكثر من الإيرانيين وهو الذي حارب العراق ثمانينات القرن الماضي باعتباره مقاتلا في الحرس الثوري الإيراني ودخل العراق بعد الاحتلال الأميركي زعيما لفيلق بدر، الميليشيا الشيعية التابعة للحرس. غير أن إيران لم تراهن على الرجلين بقدر ما راهنت على المالكي. لا سر في المسألة. لقد فتح المالكي خزائن العراق لإيران وأنقذها في لحظة كان الغرب فيها يعول على سقوطها في هاوية أزمة اقتصادية لا قرار لها. خرج المالكي يومها من دائرة الموالاة ليكون شريكا. وهو ما لا يمكن أن يقوم به أحد سواه بسبب الترليون دولار من عائدات النفط العراقي التي صارت بين يديه والتي خص إيران بالجزء الأكبر منها. اليوم لم يعد المالكي رقما في المعادلة السياسية الرثة في العراق. لقد ارتبط اسمه بالفساد غير المسبوق منذ أن خلقت البشرية العاقلة حسب أراء خبراء الاقتصاد العالميين. كما أن كل التقارير وبضمنها تقرير مجلس النواب العراقي تؤكد مسؤوليته عن ضياع ثلث أراضي العراق وذلك من خلال تسليمها لداعش من قبل القوات العراقية من غير قتال. رجل إيران في العراق هو في حقيقته صانع ماكنة الفساد وهو الذي ارتكب الخيانة العظمى في حق وطنه. غير أن الأمرين لا يعنيان شيئا مهما بالنسبة لإيران. فالمالكي هو حصتها في العراق. وهو ما جعلها تقع في سوء التقدير. ذلك لأنها راهنت على الرجل الغبي. في مرحلة عيائها الاقتصادي كانت إيران في حاجة إلى رجل غبي من نوع نوري المالكي، غير أن ذلك الرجل لن يكون نافعا في مراحل أخرى. وهو ما لم تكن إيران ذكية فيه. لا يمكن اتهام إيران بالغباء فهي مستفيدة في كل الأحوال. غير أن سقوط دولة المالكي وهو ما يبدو وشيكا لا بسبب تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بل بسبب موقف شعبي عراقي يسعى إلى تضييق الخناق على أضرار العملية السياسية القائمة أصلا على المحاصصة الحزبية سيكون بداية لأفول النجم الإيراني في العراق. لن تستسلم إيران لتلك الحقيقة. كان مخططا أن يكون العراق ساحة سجال بين إيران والولايات المتحدة. وهو ما كشفت عنه حسابات الرئيس الأميركي الجديد ترامب. وهو ما كانت إيران مستعدة له من خلال تأسيس الحشد الشعبي الذي هو يدها الضاربة في العراق. لقد حولت إيران العراق إلى حزام ناسف يمكنه أن ينفجر بالمنطقة. وهو ما يمكن أن ينفع نوري المالكي في تهالكه للوصول إلى الحكم لولا أنه صار الرجل الكريه بالنسبة للشيعة قبل السنة والأكراد في العراق. طائفيته الكريهة صارت نوعا من الوباء الذي يتحاشى الكثيرون التماس بها. إن ذهب نوري المالكي إلى النسيان وهو أمر متوقع فإن إيران ستنسى أيامها في العراق.   فاروق يوسف

مشاركة :