تنطلق الثلاثاء في جنيف جولة جديدة من مفاوضات السلام حول سوريا، تطغى عليها إلى حد كبير محادثات أستانة، بالإضافة إلى إخفاق جديد للفصائل المعارضة بعد إجلاء مقاتليها من ثلاثة أحياء في دمشق. بعد ست سنوات من الحرب المدمرة التي تسببت بمقتل أكثر من 320 ألف شخص، تُبذل الجهود السياسية لتسوية النزاع السوري حاليا في سياق مسارين الأول رسمي والثاني مواز. انطلق الأول في العام 2014 في جنيف، حيث تستضيف الأمم المتحدة جولات مفاوضات غير مباشرة بين طرفي النزاع. وتشهد أستانة منذ يناير/ كانون الثاني 2017، جولات محادثات موازية برعاية روسيا وإيران، اللتين تعتبران حليفتي الرئيس السوري بشار الأسد وتركيا الداعمة للمعارضة. ومنذ تولي دونالد ترامب الرئاسة في الولايات المتحدة، تراجع حضور واشنطن التي تدعم المعارضة السورية في مفاوضات السلام التي كانت في السابق تراسها مع روسيا. بيد أن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا، عبر خلال مؤتمر صحفي في جنيف، عن ارتياحه «لانخراط واهتمام الإدارة الأمريكية المتزايد» بالملف السوري. ويرى محللون، أن الأمم المتحدة تبدو وكأنها في سباق مع محادثات أستانة التي تشهد زخما أكبر، خصوصا بعد توقيع مذكرة في الرابع من الشهر الحالي تقضي بإنشاء أربع مناطق «تخفيف التصعيد» في الجبهات الأكثر عنفا في سوريا. وقد وضع الاتفاق موضع التطبيق. ومنذ بدء سريان الاتفاق قبل أسبوع، تراجعت وتيرة القتال في مناطق عدة. ولكن في دمشق التي لا يشملها الاتفاق، تمكنت الحكومة السورية من تنفيذ اتفاقات إخلاء ثلاثة أحياء كانت تحت سيطرة المعارضة، لتقترب بذلك من السيطرة شبه الكاملة على العاصمة للمرة الأولى منذ العام 2012.«طرق الحديد» .. والأسبوع الماضي قال دي ميستورا في جنيف، إنه يعتزم تكثيف العمل حول عناوين جدول الأعمال في جولة المفاوضات التي يتوقع أن تستمر أربعة أيام فقط، انطلاقا من مبدأ «ضرب الحديد وهو حام»، على حد تعبيره. وبحسب دي ميستورا، فإن «محادثات أستانة التي شاركنا فيها بفعالية أثمرت نتائج واعدة للغاية على الأرجح. ونرغب قدر الإمكان بربط هذه النتائج بالأفق السياسي». ولم تنجح جولات مفاوضات السلام السابقة في تحقيق نتائج ملموسة. في الجولة الأخيرة في مارس/ أذار، بدأت أطراف النزاع مناقشة المحاور الأربعة التي يتألف منها جدول الأعمال وهي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب. ويقول الباحث المتخصص في الشؤون السورية في مؤسسة «سانتشوري فاوندايشن» أرون لوند، لوكالة «فرانس برس»، إنه «رغم القيمة الرمزية القوية التي تمثلها مفاوضات جنيف، فإنها لا تتقدم بشكل واضح». وتابع، «في الممارسة، غطى مسار أستانة إلى حد كبير على مسار جنيف، على الأقل حتى الآن».مأزق .. ومن المتوقع وصول الوفود السورية إلى جنيف الإثنين، عشية استئناف جولة المحادثات غير المباشرة. وكما جرت العادة، يرئس مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك بشار الجعفري، الوفد الحكومي، فيما يرئس وفد الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية، الطبيب نصر الحريري، ويتولى الحقوقي محمد صبرا مهمة كبير المفاوضين. ويتمسك وفد الهيئة العليا بمطلب رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة في المرحلة الانتقالية، الأمر الذي ترفضه دمشق بالمطلق، وتعتبره غير قابل للنقاش أصلا. ويرى لوند، «من ناحية الشكل يدور مسار جنيف حول هذا المأزق». ويوضح، أن «الانعكاس الرئيسي لربط تحقيق السلام بالانتقال السياسي هو تهميش دور الأمم المتحدة في جنيف، مقابل تحويل الانتباه إلى أستانة». وفي جولة المحادثات الأولى في أستانة في يناير/ كانون الثاني 2017، اتفقت روسيا وإيران وتركيا على تعزيز اتفاق لوقف إطلاق النار بدأ سريانه في 30 ديسمبر/ كانون الأول 2016، بموجب اتفاق بين موسكو وأنقرة. وتتالت الاجتماعات إثر ذلك في أستانة، وصولا إلى توقيع الدول الثلاث الضامنة مذكرة قبل أقل من أسبوعين تقضي بإنشاء مناطق «تخفيف التصعيد»، في ثماني محافظات سورية. ويرى لوند، أن «مسار أستانة لا يحمل المضمون نفسه الذي يناقش جنيف، وتتم إدارته بشكل أكبر وفق شروط روسيا. وهذا يعني أنه أكثر انسجاما مع الوقائع على أرض المعركة». واعتبر الرئيس السوري بشار الأسد، في مقابلة مع قناة «أو إن تي» البيلاروسية نشر نصها الإعلام الرسمي الخميس، أن مفاوضات جنيف «مجرد لقاء إعلامي»، مضيفا، «لا يوجد أي شيء حقيقي في كل لقاءات جنيف السابقة، ولا 0,1 بالمليون، حتى هذا الرقم غير موجود». وفي ما يتعلق بمحادثات أستانة، قال الأسد، «الوضع مختلف.. تلك المحادثات بدأت تعطي نتائج من خلال أكثر من محاولة لوقف إطلاق النار، آخرها ما سمي مناطق تخفيف التصعيد أو تخفيف الأعمال القتالية». وردا عن سؤال بهذا الشأن قال دي ميستورا، إن ما يجري في مباحثات جنيف أكثر «جوهرية» مما يقال أمام الكاميرات. وأضاف، «أميل إلى الاعتقاد بأن الاجتماعات السابقة واجتماعات الأيام المقبلة هي أكثر جوهرية بكثير من التعليقات العامة التي يدلى بها أمام الكاميرات».أخبار ذات صلةفيديو| محلل روسي: مطالب المعارضة السورية تؤدي إلى كارثة قوميةالظواهري يهاجم الجولاني ويصفه بـ«الفاشل»المرصد السوري: استكمال اتفاق إجلاء مقاتلي المعارضة من ضاحية بدمشقشارك هذا الموضوع:اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)
مشاركة :