عندما تتحول الحرب إلى مهنة - فهد السلمان

  • 5/23/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الحروب الأفغانية التي امتدت منذ العام 1979 م بحجة طرد المحتل السوفييتي أولا ثم البحث عن السلطة ثانياً، وحتى الآن، خرّجت فيما يبدو أجيالاً من البشر من أبناء هذا البلد ومن القادمين إليه باسم الجهاد، لا يجيدون أي مهنة سوى القتال، والخبر الذي تناقلته مؤخرا بعض وسائل الإعلام الغربية ودوائر المخابرات، حول توظيف إيران لبعض المقاتلين الأفغان للقتال إلى جانب النظام السوري مقابل 500 دولار شهرياً عن طريق محقق كابلي وهو زعيم ديني يقيم في مدينة قم الإيرانية، وذلك للحد من خسائر الحرس الثوري وميلشيا حزب الله اللبناني في قمع الثورة السورية، يُؤكد هذه الحقيقة المرة، حيث تحوّل القتال إلى وظيفة للاسترزاق لمن لا مهنة له، بصرف النظر عن أي دافع آخر، أو هو أصبح مجالاً مفتوحاً وبقوة للمقاتلين المحترفين. صحيح أن دولاً كثيرة، استخدمت المرتزقة في حروبها ضد خصومها، وأحياناً ضد شعوبها، كما فعل القذافي عندما وظف المرتزقة الأفارقة لضرب الثورة الليبية، وكما فعلت قوى كبرى استعانت بهذا النوع من المحاربين في مواجهات عسكرية مختلفة، غير أن الحروب الأفغانية بامتدادها الزمني، وكونها تحولت إلى ساحة عملية لتدريب وتجريب كل أنواع الأسلحة التي تنتجها مصانع السلاح شرقاً وغرباً، أعطى الأفغان وكل من انضم إلى كتيبتهم خبرات ومهارات قتالية عميقة، حتى أصبح المقاتل الذي تخرّج من الساحة الأفغانية مثل خريج هارفارد وأكسفورد بين بقية خريجي الجامعات مع فارق التشبيه والاتجاه. اليوم.. ما يجب أن يُخشى منه، وفي ظل ما يجري في ليبيا واليمن وسورية على وجه التحديد من صراعات، هو أن تُنجز هي الأخرى واقعاً مماثلاً لا وظيفة له سوى تخريج المزيد من المقاتلين المحترفين، الذين سيجدون بعد انطفاء تلك الصراعات أنهم دون أي خبرات أو مهارات عدا الخبرة في القتال، مما يدفعهم للبحث عن أي ساحة مشتعلة ليلتحقوا بها للاسترزاق من الوظيفة الوحيدة التي يجيدونها. ومعروف أن الحرب كلما طال أمدها كلما تحولت إلى مهنة، والقاعدة بوصفها أكبر(شركة) توظيف لمثل هذه العناصر، كانت هي المستفيد الأكبر من هذه المحصلة، فليس كل من انضم للقاعدة يؤمن بأيديلوجيتها، قدر ما يجد فيها الفرصة لممارسة مهنته كمقاتل، بدليل انتقال هذه العناصر التي تلبس لبوس الجهاد من مكان لآخر، ومن قضية لأخرى، واقتتالها مع بعضها وباسم الإسلام للأسف. وبالتالي لا يُمكن فهم طبيعة العلاقة ما بين القاعدة وإيران، والذي فضحته الفصائل المتصارعة على الساحة السورية، ونأي الأولى بنفسها عن التعرض لمصالح الثانية مباشرة رغم الخلاف الأيديلوجي المذهبي بينهما إلا من هذه الزاوية. وهذا ما سيجعل حتى أولئك الذين يمارسون هذه اللعبة الخطيرة من منطلقات طائفية، عن طريق استقطاب تلك العناصر لحروبهم في مرمى بنادق هؤلاء المحاربين متى انتقلت شرارة الصراع إلى أراضيهم، لأنه لا شرف لمعركة تقوم وتنتصر بأصابع من يضغط على الزناد طلبا للمال.

مشاركة :