واشنطن ـ شاهر زكريا | كشفت صحيفة الواشنطن بوست الأميركية النقاب عن أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كشف معلومات دقيقة وحساسة وسرّية للغاية، للجانب الروسي. وفي تقرير لها، أمس الأول، ذكرت الصحيفة – نقلا عن مسؤولين أميركيين – أن ترامب خلال اجتماعه الأسبوع الماضي، بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والسفير الروسي لدى واشنطن سيرغي كيسلياك، كشف لهما معلومات تتعلق بتنظيم داعش، موضحة أن هذه المعلومات قدمها أحد شركاء الولايات المتحدة، لكنه لم يعط لواشنطن الإذن بمشاركتها مع موسكو. وكان اجتماع ترامب بلافروف وكيسلياك مفاجئا، حيث جاء بعد يوم واحد من إقالة ترامب مدير «مكتب التحقيقات الفدرالي» (إف بي آي) جيمس كومي، الذي كان يترأس تحقيقا حول التدخّل الروسي في الانتخابات الأميركية عام 2016، وجاء الاجتماع بناء على طلب شخصي من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ورغم أن ترامب لم يخالف القانون مبدئياً، لأن الرئيس يملك هامش مناورة كبيراً للكشف عن معلومات بحوزته، فإن مبادرته يمكن أن تهدد عملية تقاسم معلومات مع حلفاء مقربين. والكشف عن مثل هذه المعلومات الحساسة يمكن أن يعطي مؤشرات حول الطريقة التي تجمع بها، وبالتالي أن يصعّب عمل المصادر. وأكدت الصحيفة أن ترامب لم يوضح بشكل مباشر عن الدولة أو مصدر تلك المعلومات الشديدة السرية. ولكن مسؤولين في الاستخبارات أكدوا أن الروس سيعرفون مَن المصدر الذي أبلغ ترامب بتلك المعلومات الحساسة، بل وسيتوصّلون له. ونقلت الصحيفة عن المسؤوليْن، أن الرئيس الأميركي «كشف للسفير الروسي عن معلومات أكثر من تلك التي نتقاسمها مع حلفائنا أنفسهم». وبيّنت الصحيفة أن هذه المعلومات لها صلة ببرنامج خاص، يحتوي على بعض المعلومات الشديدة السرّية، وهي محمية بنظام أمني فريد من نوعه. وأكملت أن ترامب وصف خلال الاجتماع تفاصيل استخباراتية دقيقة حول كيفية تأمين تنظيم داعش استخدام أجهزة الكمبيوتر المحمولة كقنابل تستخدم في الطائرات. كما أفادت الصحيفة أن ترامب قال قبل الاجتماع: «أنا أحصل على معلومات استخباراتية عظيمة، لدي أشخاص يجعلونني على اطلاع على تلك المعلومات بشكل يومي». وفي أبريل الماضي، ذكرت معلومات استخباراتية أن «داعش» يريد أن يدس قنابل في أجهزة الكمبيوتر المحمولة، الأمر الذي جعل ترامب يصدر أمرا تنفيذيا بمنع اصطحاب أجهزة الكمبيوتر المحمولة إلى كابينة الطائرات المتجهة إلى الولايات المتحدة، من قبل 10مطارات، في 8 دول شرق أوسطية وأفريقية. وهناك معلومات تفيد بأن وزارة الأمن الوطني تدرس توسيع هذا الحظر على مطارات أوروبا كذلك. وقال الصحافي الذي كشف النقاب عن تلك المعلومات، إن ما كتبه في «الواشنطن بوست» صحيحا، وأكد أنه واثق بمصادره، الذين سربوا له المعلومات، وأنهم مسؤولون سابقون وحاليون. وفي رد على هذه المزاعم، غرّد ترامب، قائلاً: «أردت بصفتي رئيسا أن أتحدث مع الروس – وهو أمر لي فيه حق مطلق – عن حقائق تتعلق بالإرهاب وسلامة الرحلات الجوية. ولأسباب إنسانية، أرغب ايضا في أن تسرّع روسيا بشكل كبير حملتها ضد تنظيم داعش والإرهاب». إسرائيل: الأردن هو مصدر المعلومات كشفت قناة التلفزة الثانية وصحيفة «هآرتس» الإسرائيليتان، أمس، أن الأردن، هو مصدر المعلومات الاستخبارية الحساسة جدا حول تنظيم داعش، التي زود بها الرئيس ترامب لافروف، خلال لقائهما، الأسبوع الماضي، في واشنطن، مضيفة أن مبادرة ترامب للاتصال بملك الأردن عبد الله الثاني، أمس، تدلل على أنه يحاول «تقليص الأضرار الناجمة» عن تسريب المعلومات السرّية. وأشارت «هآرتس» إلى أن خطورة ما قام به ترامب تتمثل في أنه لم يكشف فقط عن «جوهر المعلومات الاستخبارية حول التنظيم، التي زودت بها المخابرات الأردنية الولايات المتحدة، بل كشف أيضا الوسائل والتكتيكات التي اعتمدتها المخابرات الأردنية في الحصول على تلك المعلومات». وأوضحت القناة الثانية أن خطورة ما قام به ترامب تتمثل في أن المعلومات الحساسة التي كشف عنها «ستهدّد المصادر الاستخباراتية التي يعتمد عليها الأردن في الحصول على معلوماته عن داعش»، في إشارة على ما يبدو إلى مصادر بشرية يمتلكها الأردن داخل التنظيم. وألمحت القناة إلى أنه من غير المستبعد أن يكون ترامب كشف أمام لافروف تحركات ميدانية وعمليات سرّية نفّذها الأردن ضد «داعش» أو عمليات يخطط للقيام بها. وأفادت بأنه على الرغم من أنه اعتُقد في البداية أن الحديث يدور عن إسرائيل، كمصدر للمعلومات الاستخباراتية، فإن الاتصال بالملك يدلّل على خشية الأميركيين من أن تترتّب على خطوة ترامب، تداعيات سلبية على مستقبل العلاقة مع الأردن. ماكين غاضب من «مكافأة» الروس بدل انتقادهم انتقد السيناتور الجمهوري الأميركي جون ماكين ترامب، قائلاً إن «المعلومات الاستخباراتية التي حصلت عليها الولايات المتحدة من دولة حليفة، وتم تقاسمها من دون علمها، تبعث رسالة مقلقة إلى حلفاء واشنطن وشركائها في العالم، وقد تثنيهم عن تقاسم معلومات استخباراتية معنا مستقبلاً». وعبّر ماكين عن الأسف لأن يكون ترامب أمضى وقته مع لافروف لتقاسم هذه المعلومات، بدلاً من «الاهتمام بالسلوك العدائي لروسيا». وعدّد ماكين تدخّل روسيا في انتخابات عدة، وضمها لشبه جزيرة القرم في أوكرانيا، و«قتل مدنيين أبرياء» في سوريا. وبحسب المحللين، فإن ترامب أعاب على المرشحة الديموقراطية السابقة هيلاري كلينتون سوء تعاملها مع الملفات السرية، وفعل الشيء ذاته. ودعا زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر، البيت الأبيض إلى أن يكشف فوراً للمشرعين المعنيين بالتحقيق في التدخل الروسي عن نصوص وقائع اجتماع ترامب مع مسؤولين روس. وقال إنه «نظراً لأهمية الأمر ينبغي أن نتمكن سريعاً من تقييم مدى صحة هذا التقرير وما قيل بالضبط». الكرملين: التقارير محض هراء رفض الكرملين، أمس، ما نشر عن كشف ترامب لمعلومات سرية واطلاع لافروف عليها، حيث وصف تلك التقارير بأنها «محض هراء». وقال الناطق باسمه ديمتري بيسكوف: «لا نعتبر هذا موضوعا يخصنا .. إنه أحدث فصل من فصول الهراء. لا نريد أن تكون لنا أي علاقة بهذا الهراء. إنه محض هراء.. ليس هذا موضوعا كي ننفيه أو نؤكده». من جانبها، نصحت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا، بعدم قراءة الصحف الأميركية، ردا على تلك التقارير، مضيفة أنها تلقّت عشرات الرسائل التي تتساءل عن التقارير التي نفاها البيت الأبيض. وعلى صفحتها في موقع فيسبوك، كتبت زاخاروفا: «أيها الرفاق، هل عدتم لقراءة الصحف الأميركية؟ ينبغي لكم ألا تقرأوها. يمكنكم استغلالها في استخدامات متعددة.. لكن ينبغي ألا تقرأوها. في الآونة الأخيرة لم تعد مؤذية فحسب، وإنما خطيرة أيضاً». (واشنطن – أ ف ب وموسكو- رويترز)
مشاركة :