شهدت مدينة تطوان المغربية مؤتمر «أدب المرأة... قضايا ومرايا» في سنته الأولى، والذي أقيم في قاعة الاحتفالات بفندق دريم بتنظيم جمعية منيرة الحِمْد الثقافية، بالتعاون مع وزارة الثقافة المغربية، وسط حضور كبير امتلأت به القاعة من المثقفين والأدباء والباحثين والنقاد البارزين والمهتمين بالشأن الثقافي من مدن مختلفة من المغرب.وقد أدار الجلسات فريق إبداعي شبابي متميز من تطوان، ينتمي لجمعية منيره الحِمْد الثقافية وهم أيوب الخاضري ومريم الحشلاف ويسرى العسري. وناقش المؤتمر فكر وإبداع المرأة بعيدا عن القضايا المستهلكة التي غالبا ماتتمحور حول عدائيتها للرجل. وجاءت فعاليات المؤتمر في يومين شهدا جلسات قصيرة ولكنها مكثفة عميقة تلتها نقاشات حوارية مثرية.وعُقدت القراءات النقدية والشعرية في اليوم الأول في فندق دريم، أما جلسات اليوم الثاني فعقدت في المركز السوسيوثقافي التابع لمؤسسة محمد السادس في تطوان. وشاركت في المؤتمر نخبة بارزة من النقاد والباحثين، من بينهم الباحث الدكتور محمد حمام القادم من الرباط، الذي قدم ورقة عمل حول حفصة الركونية الغرناطية بين السياسة والأدب، في حين قدم الناقد الأستاذ سعيد يفلح العمراني ورقة حول تجربة كتابة المونودراما لأستاذة الأدب والتحليل النفسي في جامعة الكويت الأديبة الدكتورة هيفاء السنعوسي. وجاءت ورقة الباحثة الدكتورة نضار الأندلسي حول تجربة الأديبة المغربية فاطمة المرنيسي. وأخيرا تناول الدكتور أحمد الدمناتي القادم من مدينة العرائش ورقة نقدية حول تجربة الشاعرة المغربية إكرام عبدي.وفي اليوم الثاني من المؤتمر، شاركت الشاعرة والباحثة خديجة عياش من الدار البيضاء، وتمحورت ورقتها حول تجربة الشاعرة الكويتية خزنة بورسلي، يرحمها الله. وقدم الناقد الدكتور محمد بن عياد ورقة حول تجربة الشاعرة سعاد الناصر في ديوانها «هل أتاك حديث أندلس». وقدمت الناقدة الدكتورة نزهة الغماري ورقة عمل حول صورة الرجل في روايات المرأة متناولة بعض الكاتبات العربيات.وجاءت الورقة الأخيرة في المؤتمر للناقدة الدكتورة فضيلة التهامي الوزاني التي تناولت تجربة الأديبة السنعوسي في مجموعتها القصصية «فضاءات الحب».وقد شاركت في الأمسيات الشعرية النسوية التي أُقيمت ضمن فعاليات المؤتمر كل من الشاعرات: فاطمة الشيري، وحفيظة أعراس، وخديجة عياش ومريم كرودي. وكان لكل واحدة منهن عالمها الشعري الخاص الذي يعكس رؤيتها للحياة وبصمتها الفكرية والإبداعية.وجاء حفل الافتتاح للمؤتمر بطريقة إبداعية لفتت انتباه الحضور، وراقت للجميع، كُسرت فيها الرتابة التي تتغلف بها معظم المؤتمرات. وقد تم افتتاح المؤتمر بمقطوعة تحمل عنوان «حكاية امرأة» تأليف الأديبة الدكتورة هيفاء السنعوسي والتي لحنها وأداها أيوب لقسومي بإبداع حصد إعجاب الحضور الكثيف، فكان لقسومي هو الرجل الذي يتغني ويتباهى بحبه للمرأة المبهرة التي يراها رمز الجمال الأخلاقي والسمو الإنساني والإبداعي من خلال قصيدة الأديبة السنعوسي. وجاء فيها:رجلٌ أنا... أروي الحِكايهمتباهيًا حتى النهايهبامرأةٍ مُبهِرةٍ للغايهحكايةُ سيدةٍ عظيمهبقلبها النورُ والسكينهتقولُ بأعلى صوتها:امرأةٌ أنا... أقفُ هناغيمةَ حُبٍ وسَناتحاورُ النجومَ وتكتبُ الحكايهتغوصُ في الخيالِ بكلِّ الزواياوجاءت المقطوعة الثانية وهي أيضًا من تأليف الأديبة السنعوسي والتي لحنها وأدّاها أيوب لقسومي في افتتاحية الجلسة الثانية للمؤتمر، وفيها تقديس لتلك العلاقة الايجابية بين المرأة بالرجل، والتي تتبرأ من العدائية التي تصدرت معظم كتابات نساء العالم العربي، تقول فيها السنعوسي:سيدةُ الحبِّ والسلامْتَعْبُرُ بحُلْمِها الغيومْترسُمُ بريشتِها الكلامْنَقشًا على السَّماءِ يدومْتُردِّدُ أنشودةَ الحريهعنوانُها مسيرةٌ أبديه...مجنونُ ليلى قالَها:أحببتُك حتى الثَمالهمجنونُ ليلى قالَها:أنتِ الجمالُ والأصالهوأعرب المشاركون من النقاد والشاعرات عن سعادتهم البالغة في هذه المشاركة النوعية التي ترتقي بمستوى الدراسات النقدية حول إبداعات المرأة، والتي تمثل نقلة نوعية في الإخراج الإبداعي المبتكر لمؤتمر علمي أدبي في الساحة الثقافية العربية، كما أشاد الحضور بمستوى الطرح المضموني والشكلي للمؤتمر الذي جاء افتتاحه من نافذة جديدة في علاقة المرأة بالرجل بعيدًا عن القوالب المستهلكة لمستوى هذه العلاقة في الكتابات النسوية.من جهتها، أشارت السنعوسي إلى عمق محاور المؤتمر، والرؤية الإبداعية التي ارتداها في حفل الافتتاح. وأكدت أن ليس على المرأة أن تتناول في شعرها وكتاباتها القصصية والمسرحية قضايا المرأة فقط، ولكن قضايا الانسانية عامة. فالمرأة شريكة الرجل في حملها لأمانة الطرح الفكري، فهي مخلوق نابض بالمشاعر التي لابد أن تتفاعل مع الحياة الصاخبة بالناس والأحداث، دون تقوقع في إطار قضايا المرأة. وأكدت أنه آن الأوان كي تنتهي القضايا الأدبية النسوية المستهلكة التي تتمحور حول صراع المرأة مع الرجل، فهذه الرؤية المتحيزة التي لتتغير بتغير الزمن أصبحت صفة لصيقة بكتابات النساء في عالمنا العربي. وأعربت السنعوسي عن سعادتها الكبيرة بمشاركتها في المؤتمر، والتقائها بنخبة المثقفين والنقاد المتميزين، كما أثنت على جهود لجنة التنظيم والاستقبال الشبابية، وأبدت إعجابها بالمنشد لقسومي الذي أبدع في تلحين وأداء قصائدها التي وُظّفت لخدمة محاور المؤتمر.
مشاركة :