باريس: ميشال أبو نجم في محطته الأولى من الجولة الأوروبية، باريس، قبل زيارته لروما والفاتيكان، التقى رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، رئيس الجمهورية الفرنسية فرنسوا هولاند في قصر الإليزيه، أمس، وذلك بعد نحو عام من زيارته السابقة إلى العاصمة الفرنسية. ويندرج اللقاء في إطار المشاورات المنتظمة بين الطرفين اللذين يرتبطان بعلاقات جيدة قديمة تعود للدور الذي لعبته فرنسا، وتحديدا الحزب الاشتراكي وجمعية فرنسا الحريات التي كانت ترأسها دانيال ميتران، زوجة الرئيس الأسبق فرانسوا ميتران، في حماية الأكراد ومشاركة الطيران الحربي الفرنسي في حماية المناطق الكردية في سنوات حكم صدام حسين بموجب القرارات الدولية ذات الصلة. وعندما توفيت دانيال ميتران، أعلن البرلمان الكردي الحداد الوطني ونكست الأعلام احتراما لذكرى السيدة ميتران ووفاء لما قامت به لكردستان. وقالت مصادر فرنسية، إن الطرفين تناولا بالبحث الأوضاع الداخلية العراقية سياسيا وأمنيا وارتباطاتها بالأزمة السورية والعلاقات الإقليمية، في إشارة إلى تركيا. وفي حين تحرص فرنسا على تعميق علاقاتها مع إقليم كردستان على كل المستويات بما فيها المستوى السياسي، الأمر الذي تعكسه الزيارات الدورية لرئيس الإقليم إلى باريس، فإنها في الوقت عينه تنظر بكثير من القلق إلى تطورات الوضع الأمني في العراق وإلى التوترات السياسية التي تترافق معها. وأصدر قصر الإليزيه، عقب اللقاء، بيانا ضمنه مجموعة من الرسائل كرديا وعراقيا. ففي السياق الأول، أكدت الرئاسة الفرنسية، أن هولاند «أعرب عن رغبة فرنسا في تقوية علاقاتها مع منطقة كردستان في إطار المؤسسات الفيدرالية العراقية»، مما يعني أن باريس لا تنوي أبدا، رغم العلاقات الاقتصادية المتنامية بين الطرفين وفتح مكتب تمثيلي للإقليم في باريس، القفز فوق بغداد وفوق الحكومة المركزية. وعُلم أن الطرفين تناولا العلاقات المتوترة بين أربيل وبغداد وأسبابها المباشرة والعميقة وكيفية العمل لـ«تطبيعها» بعد حصول الاستحقاق الانتخابي الأخير. أما في السياق العراقي، فقد وجه هولاند ثلاثة رسائل، أولاها التعبير عن «قلق فرنسا إزاء تدهور الوضع الأمني في العراق»، الأمر الذي ترى من نتائجه كبح تطور العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. ورغم ذلك، فإن باريس وبغداد يحضران لحدث اقتصادي كبير في شهر يونيو (حزيران) المقبل عبر منتدى رجال الأعمال الفرنسي - العراقي. وقالت مصادر عراقية لـ«الشرق الأوسط»، إن المنتدى سيكون عالي المستوى مع ممثلين عن الحكومتين من الصف الأول. كذلك ستلتئم اللجنة الوزارية المشتركة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في العاصمة الفرنسية. وتتمثل الرسالة الثانية في حرص باريس على اكتمال المسار الانتخابي العراقي «بكل شفافية وباحترام الاستحقاقات الدستورية» في إشارة إلى تشكيل الحكومة العراقية الجديدة والانتخابات الرئاسية القادمة. وتدفع باريس، ولكن ضمن قدرتها التأثيرية الضيقة في الشأن العراقي، باتجاه «تشكيل حكومة مصالحة وطنية تتسم بروح الوحدة وتتيح تمثيل كل الطوائف بشكل عادل، فضلا عن مجابهة التحديات» التي تواجه العراق. وبحسب المصادر الفرنسية، فإن المقصود بهذه العبارة الدعوة إلى التفاهم بين كل القوى السياسية والطيف العراقي للوصول إلى تشكيلة حكومية تضم الجميع وتكون قادرة على «تبريد» بؤر التوتر والحرب التي لا تقول اسمها في العراق. وحظي الوضع في سوريا بجانب مهم من المشاورات بين الجانبين بالنظر لاهتمام باريس بالملف السوري من كل جوانبه وقلقها الشديد من تداعياته، ليس فقط على بلدان الجوار، وإنما أيضا على الداخل الفرنسي بسبب توجساتها من عودة الجهاديين الفرنسيين إلى بلادهم. وتقدر السلطات الفرنسية أعداد هؤلاء بـ300 شخص، بينما يقدر عدد الذين يتأهبون للالتحاق بالجماعات المتطرفة بـ150 شخصا. ويرافق بارزاني، رئيس ديوان رئاسة الإقليم فؤاد حسين، ومسؤول دائرة العلاقات الخارجية فلاح حسين، ونجله مسرور بارزاني، وآخرون.
مشاركة :