«الحلقات».. سيناريوهات تحيط بكوكب زحل

  • 5/17/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد:محمد هاني عطوي كان العلماء يعتقدون أنهم يفهمون كيف تشكلت حلقات كوكب زحل، التي تعتبر واحدة من أكثر التكوينات المذهلة في النظام الشمسي، ويبدو من خلال البحث أنهم كانوا على خطأ بعد اكتشاف حالتين شاذتين مؤخراً، ما أَعاد فتح النقاش حول أصل هذه الحلقات. سيناريو نشأة حلقات زحل كتب في العام 2010، حيث يرى العلماء أنها تشكلت قبل 4.5 مليار سنة، حين هاجر أحد أقمار هذا الكوكب العملاق إلى داخل النظام، وبعد أن تم اقتلاع رداءه الجليدي بفعل الجاذبية، سقطت نواته الصخرية، ما أدى في النهاية إلى دوران ملايين من الكتل حول زحل. هذا السيناريو اليوم، أصبح مشكوكاً في حقيقته بعد الاكتشافات الأخيرة، وعادت قضية ولادة حلقات زحل هي السؤال الكبير، على حد وصف سيباستين شارنوز، المتخصص في هذا المجال بمعهد باريس لفيزياء الأرض. يشير شارنوز إلى أن الباحثين كانوا يظنون أن الأمر انتهى، وأنه بات لديهم سيناريو متين ومقنع، ولكن بعد أربعمائة سنة من عدم اليقين، وجدت الحلقات الأسطورية نشأة جديدة في العام 2010 كما وصفها عالم الكواكب روبن كانوب وفريقه من جامعة كولورادو في بولدر (الولايات المتحدة الأمريكية).ويبدو أن سر هذه الحلقات لم يكن بهذه الكيفية، فالعلماء لا يعرفون حقاً ما إذا كانت حلقات زحل قد ولدت بهذه الطريقة، أو بآلية أخرى غير معروفة حتى الآن. والأسوأ من ذلك، أنه لا يعرف ما إذا كانت قد ولدت في بداية تشكل النظام الشمسي، قبل 4.5 مليار سنة، أو قبل بضع مئات من ملايين السنين. وهكذا تعود فكرة حداثة الحلقات القديمة قدم علم الفلك إلى السطح من جديد. وفي الواقع، اعتقد علماء الفلك منذ زمن طويل أن هذا التكوين المميز جديد، وأنه سيستمر فترة محدودة حتى إن علماء القرن التاسع عشر كانوا يرون تغييراً مستمراً فيه من سنة إلى أخرى.ويقول الباحث لوك دونيس، الذي يعمل على الموضوع: «إنه لأمر مضحك وحزين على حد سواء، لأننا نسأل أنفسنا دائماً الأسئلة نفسها منذ عملية التحليق الأولى حول زحل للمركبة فوياجير في العام 1980». ما السبب وراء هذا التغيير؟في الحقيقية يعود الأمر أولاً إلى آخر قياسات مركبة الفضاء «كاسيني»، التي تدور حول الكوكب العملاق ذي الحلقات منذ ما يقرب عشرين عاماً. هذه القياسات المتناقضة تسببت بإثارة عودة جديدة وقوية لحجة مركزية وفقاً لمقولة شارنوز «إذا كانت الحلقات قديمة جداً، فينبغي أن تكون قد تلوثت بالنيازك لكنها ذات نقاء كبير».. ثانياً، تشير العديد من الدراسات الجديدة المتعلقة بحركة أقمار زحل إلى أنها ديناميكية إلى درجة أنه لا ينبغي معها أن تكون قديمة مثلما كان يعتقد.. وكذلك الحلقات على حد سواء. ومن ثم يصعب حتى الآن، التوفيق بين هاتين الملاحظتين مع النموذج القياسي لروبن كانوب الذي لا يزال له اليد الطولى، رغم الانتقادات الموجهة له من قبل الكثير من الباحثين، الذين يرون أنه يعتمد على ضوابط دقيقة، مرتبط بسلسلة من الأحداث المحتملة. ويقول جوليان سلمون، من معهد بحوث جنوب غربي الولايات المتحدة الأمريكية: «هناك أمر ما يدعو إلى التفكير، فحتى يهاجر هذا القمر يجب أن يكون كوكبه زحل محاطاً بالغاز، وأيضاً لابد أن يتبدد هذا الغاز حتى تتمكن جزيئات الجليد من أن تبقى في المدار، وهذا يعني أن القمر هبط إلى داخل نظام كوكبه العملاق في الوقت المناسب تماماً، بل ربما يكون هو الأحدث في سلسلة مكونة من عدة أجيال من الأقمار التي حدث لها نفس المصير، عندما كان هناك الكثير من الغاز ليتم حملها إلى داخل نظام زحل وتنتهي على هيئة فتات صخري. ثمة سيناريوهات أخرى تتنافس مع رواية سلمون، حيث يدافع شارنوز، عن نظرية أن جرماً بحجم بلوتو يمكن أن يكون أثناء مروره بجانب زحل قد جرد من مادته ليبقى بعدها في مدار مشكلاً هذه الحلقات. ولكن تعارضنا حجة قوية، كما يقول الباحث وهي أن اتجاه دوران هذه الحلقات يعتمد على مسار ذلك الجرم، والمعروف أن جميع حلقات النظام الشمسي تدور في نفس الاتجاه». وهناك فكرة أخرى، اقترحها قبل بضعة أشهر ماتيجا كوك، من معهد SETI تقول إن الأمر ببساطة هو حدوث تصادم بين أقمار كبيرة كانت تدور في مدار زحل، ما أدى إلى خلق مليارات من هذه الكتل الصغيرة، وقد تم تشكل الحلقات والأقمار الحالية معاً، قبل نحو 100 مليون سنة. ومع ذلك، فإن هذا لا يفسر حقيقة تكونها من الجليد لكن العمل يجري على قدم وساق لإظهار أن هذا الحطام في مثل هذه الحالات، لا ينتشر ولكن بدلاً من ذلك يتجمع لتشكيل أقمار جديدة.. كما أنه ليس من المستحيل أن تكون هذه الحلقات حبوباً من ذلك السديم الذي انبثق عنه كوكب زحل، إلا أن هذا السيناريو ضعيف ومعقد، لأن إجراء محاكاة له يتطلب دقة كبيرة في نمذجة جميع مراحل تشكل الكوكب العملاق الغازي زحل، بل النظام الشمسي بالكامل. ويلخص شارنوز الأمر بقوله: «ليس هناك حل بسيط، وجميع وجهات النظر ضعيفة أو مزعزعة، وربما نسلك الطريق الخطأ، وكل السيناريوهات لا توضح حقاً حداثة الحلقات الظاهرية».. ويؤكد كذلك جوليان السلمون أو فاليري ليني، المتخصص في معهد الميكانيكا السماوية، المشكلة بنفس الكلمات: «لا نعرف صناعة حلقات شابة».بنية فريدةالواقع أن المشكلة الكبرى هي أننا بحاجة إلى سيناريو ممكن، وذي مصداقية، ولكن لا يكون صالحاً إلا لزحل، وليس للكواكب الغازية الأخرى لأن هذا العملاق هو حالة شاذة في النظام الشمسي فهو الوحيد الذي يمتلك مثل هذه الحلقات. ويوضح السلمون ذلك، ويقول: «إنه كوكب غير عادي، وحلقاته فريدة من حيث نوعها، ووسع نطاقها، وسيبقى ذلك تحدياً للعلماء لإيجاد السيناريو الذي يصلح». من جهته يضيف شارنوز: «هنا تكمن الصعوبة، لأن هذه الحلقات مختلفة عن بعضها بعضاً، وعلينا أن نشرح خصوصيات كل منها».ربما سيأتي الحل من المركبة الفضائية كاسيني، التي بدأت هذا الشهر إجراء اللفة الأخيرة في أنحاء زحل، وخلال الأسابيع المقبلة سوف تدخل بين الكوكب وحلقاته لقياس كتلتها، وهذه الكتلة المفتاح الأساسي لإعادة بناء تاريخ وقصة تشكلها، ويشير السلمون إلى أن القياس القادم سيكون مهماً لإجراء فرز للسيناريوهات المختلفة. ويتطلع سيباستين شارنوز إلى حلم مستبعد بالقول: «نحن نعرف ما يجب علينا القيام به للحصول على الإجابة الشافية، عن طريق كتلة من هذه القطع الجليدية، ووضعها في مطياف وقياس تاريخها المشع، وهذا أمر مستحيل من الناحية التكنولوجية، أو يجب علينا انتظار اكتشاف كوكب له حلقات خارج المجموعة الشمسية الذي من شأنه توضيح حالة هذه الحلقات في نظامنا الشمسي.. وحتى الآن، ما زال زحل يحتفظ بشيء من الغيرة بسر ولادة قرصه الحلقي اللامع الفاخر، ويواصل السخرية منا، بشيء من الكبرياء.أسرار الكوكب الغازيحلقات زحل أو الكوكب الغازي فريدة من نوعها من حيث الحجم في النظام الشمسي، وتمتد على مسافة تزيد على 400 ألف كيلومتر، ويتراوح سمكها ما بين بضعة أمتار إلى كم واحد. وفيما يأتي نرصد أكثر من تصوّر يوضح أسرار كيف ولدت؟1- تحطّم قمرمن الممكن أن يكون هناك قمر عملاق بحجم تيتان، هاجر نحو زحل قبل 4.5 بليون سنة، مما عرض وشاحه الجليدي للانكسار تحت تأثير الجاذبية الهائلة للكوكب العملاق، واستقرت بقايا هذه الكارثة في مدار حوله كما نعرفها اليوم. ولكن هذا السيناريو يتطلب أن يهوي ذلك القمر بالضبط في اللحظة التي اختفت فيها سحابة الغاز التي كانت محيطة بالكوكب الناشئ زحل. 2- تلف كويكبيقول هذا السيناريو إن جرماً جليدياً قادماً من حزام كويبر اقترب كثيراً من زحل في الوقت الذي كان فيه النظام الشمسي مختلاً، بفعل هجرة أورانوس ونبتون قبل 4 مليارات سنة، وبالتالي فإن جزءاً من كتلة ذلك الجرم جذبت بفعل جاذبية زحل. ولكن اتجاه دوران الحلقات يعتمد على مسار ذلك الكويكب. إذ إنه من المعروف أن حلقات كل من الأربعة العمالقة تدور في نفس الاتجاه.3- تصادمات أقمارمن الممكن أن تكون أقمار تدور حول زحل قد تصادمت قبل 100 مليون سنة، بعضها تجمع ليولد أقماراً مثل تيثيس، وديون وريا الحالية. في حين أن البعض الآخر بقي مبعثراً ومنتشراً في أنحاء العملاق زحل، ولكن ليس من المؤكد من الناحية الديناميكية أن الغبار الناجم عن مثل هذه التصادمات كان كافياً لتشكيل هذه الحلقات.4 السحابة الأوليةفي القرص الأولي الذي كان محملاً بالغاز والذي كان يدور حول الشمس، تجمعت الحبوب لتشكيل الصخور، ثم الكواكب وفي النهاية الكواكب الغازية العملاقة التي بدأ يدور حولها الحطام غير المستخدم، ولكن من المستحيل نمذجة هذا السيناريو لأنه لن يفسر لنا لماذا حلقات زحل تبدو هائلة بالمقارنة مع غيره من الكواكب العملاقة؟

مشاركة :