اختيار فيليب لتشكيل الحكومة تحديا مباشرا للجمهوريين الذين أعلنوا أن هدفهم هو الحصول على أغلبية المقاعد في البرلمان.العرب [نُشر في 2017/05/17، العدد: 10635، ص(5)]في انتظار مفاجآت باريس - تبرأ رئيس الحملة الانتخابية لحزب الجمهوريين وهو الحزب المحافظ الرئيسي في فرنسا الثلاثاء من زميله إدوار فيليب لقبوله تشكيل أول حكومة في عهد الرئيس الوسطي إيمانويل ماكرون. وقال فرنسوا باروان رئيس الحملة الانتخابية لحزب الجمهوريين على قناة (بي.إف.إم) التلفزيونية إن فيليب “أقدم على خيار ليس بخيارنا”. وجاء تصريح باروان قبل إرجاء ماكرون وفيليب إلى الأربعاء تقديم الحكومة الجديدة، للقيام بعملية تدقيق للأوضاع الضريبية والتحقق من عدم وجود تضارب مصالح لدى الوزراء الجدد، كما أعلن الإليزيه. ويعاني حزب الجمهوريين من تشتت صفوفه جراء سياسة “فرق تسد” التي يتبعها ماكرون. وكان الرئيس الفرنسي الجديد قد كلف فيليب، وهو نائب من التيار المعتدل في حزب الجمهوريين، الاثنين بتشكيل أول حكومة له في خطوة تهدف إلى تعزيز جاذبيته السياسية وإضعاف خصومه قبيل الانتخابات البرلمانية في يونيو المقبل. كما انضم عدد من النواب الاشتراكيين في البرلمان إلى معسكر ماكرون. وأصدر 21 نائبا عن حزب الجمهوريين بالإضافة إلى شخصيات لها ثقلها فيه ووزراء سابقين بيانا مشتركا الاثنين حثوا فيه الحزب على الرد بإيجابية على “يد الرئيس الممدودة”. ويتطلع ماكرون إلى الانتخابات التشريعية في يونيو المقبل ليحصد مع حزبه “جمهورية إلى الأمام” الأغلبية التي يحتاجها في البرلمان لتمرير خططه الهادفة إلى خفض الإنفاق الحكومي وتعزيز الاستثمارات وخلق فرص عمل بعد سنوات من الوهن الاقتصادي. ويعد اختيار فيليب لتشكيل الحكومة تحديا مباشرا للجمهوريين الذين أعلنوا أن هدفهم هو الحصول على أغلبية المقاعد في البرلمان، لكن استطلاعات الرأي التي تسبق الانتخابات أظهرت تراجعهم أمام حزب ماكرون. ورد باروان بحدة على وصف ماكرون (39 عاما) بأنه يعيد تشكيل الحياة السياسية في فرنسا. وقال “ما يقترحه إيمانويل ماكرون هو نسف (الحياة السياسية) وليس إعادة تشكيلها”، مضيفا أن حزب الجمهوريين لا يريد خوض مواجهة مع الرئيس الجديد لكنه مستعد للحوار السياسي معه. وتترقب الأوساط السياسية والإعلامية الإعلان عن أسماء الوزراء، ويرغب الرئيس الجديد في الإعلان عن فريق حكومي قادر على تجسيد الوعود بالتجديد السياسي والمساواة بين الرجال والنساء وإحداث توازن بين اليمين واليسار استعدادا لمعركة الانتخابات التشريعية. وجاء في بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية الثلاثاء أن ماكرون الذي تعهد بالارتقاء “بأخلاقيات الحياة العامة”، “تمنى تخصيص وقت للتحقق” من “الوضع الضريبي” للشخصيات التي ستنضم إلى الحكومة، ومن احتمال وجود “تضارب مصالح”. وأوضح قصر الإليزيه أن أول اجتماع لمجلس الوزراء في ولاية ماكرون سيعقد صباح الخميس وليس الأربعاء. وطوال حملته الرئاسية وعد ماكرون بعرض مشروع قانون يربط بين القيم الأخلاقية والحياة السياسية “قبل الانتخابات التشريعية” في 11 و18 أبريل يشمل خصوصا “منع محاباة البرلمانيين الذين لن يتمكنوا من توظيف أي فرد من عائلاتهم”. وهذه إشارة مبطنة إلى الفضيحة التي طالت المرشح اليميني فرنسوا فيون بخصوص قضية وظائف وهمية مفترضة استفادت منها زوجته واثنان من أولاده. وبعدما كان يعتبر الأوفر حظا بالفوز في الانتخابات، وجهت إلى فيون في مارس تهمة اختلاس أموال عامة ثم خسر في الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية.21 نائبا جمهوريا أصدروا بيانا حثوا فيه الحزب على الرد بإيجابية على يد الرئيس الممدودة كما طالت مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان التي خسرت أمام ماكرون في الدورة الثانية، فضيحة وظائف وهمية مفترضة في البرلمان الأوروبي وتمويل غير شرعي للحملة الانتخابية. وبعد عودته من أول رحلة له إلى الخارج منذ تنصيبه إثر زيارته لبرلين الاثنين ولقائه المستشارة إنجيلا ميركل، يضع الرئيس الفرنسي ورئيس الحكومة المكلف اللمسات الأخيرة على تشكيلة الحكومة. وعنونت صحيفة “لوباريزيان” الثلاثاء “رئيس وزراء يميني: إنها جرأة”. ورحب المسؤول عن أبرز منظمة نقابية فرنسية “ميديف” بيار غاتز بالثنائي ماكرون/فيليب باعتبارهما “فرصة لفرنسا لكي تنهض”. ومن المرتقب أن تضم الحكومة شخصيات أخرى من اليمين من حزب الجمهوريين مثل رئيس الوزراء الأسبق برونو لومير الذي أبدى اعتبارا من مساء الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية استعداده للعمل مع ماكرون. وكتبت صحيفة لوفيغارو المحافظة الثلاثاء “هناك شريحة من اليمين ومن الوسط مستعدة للمضي قدما” ما يثبت إن فيليب “ليس مجرد غنيمة وإنما جسر لإعادة هيكلة”. واعتبر حوالي ثلاثين نائبا من اليمين والوسط وخصوصا المقربين من رئيس الوزراء الأسبق آلان جوبيه، مثل إدوار فيليب، الاثنين أن عائلتهم السياسية يجب أن تمد اليد إلى الرئيس الجديد. واستعدادا للانتخابات التشريعية في 11 و18 يونيو التي يفترض أن تحدد ما إذا كان ماكرون سيفوز بغالبية في الجمعية الوطنية تمكنه من حكم البلاد، فإن تعيين فيليب والاهتمام الذي يثيره الرئيس الجديد لدى حزب الجمهوريين ليس نبأ سارا لقادة الحزب الذي يحاول النهوض من انتخابات رئاسية كارثية. ومن معسكر اليسار، يبدو جان إيف لودريان وزير الدفاع في إدارة فرنسوا هولاند السابقة الوحيد من الفريق السابق الذي يمكن أن يتولى منصبا في الإدارة الجديدة. ومن المرتقب أن يدخل أعضاء من الحزب الاشتراكي الذي أعلن تأييده لماكرون، إلى الحكومة مثل رئيس بلدية ليون جيرار كولومب أو ريشار فيران اللذين كانا من ركائز حملة الرئيس الجديد. كما يرجح انضمام فرنسوا بايرو زعيم حزب “موديم” الوسطي الحليف للرئيس، إلى الحكومة رغم التوتر الذي حصل الأسبوع الماضي مع حزب الرئيس الجديد حول وضع لوائح المرشحين للانتخابات التشريعية. ووعد ماكرون من جانب آخر بفتح المجال أمام ممثلين عن المجتمع المدني. ويسعى على سبيل المثال إلى إقناع نيكولا هولو المقدم السابق في التلفزيون والشخصية التي تحظى باحترام في صفوف المدافعين عن البيئة بقبول “وزارة للانتقال البيئي”. وبالنسبة إلى النساء فقد وعد الرئيس الجديد الذي كانت دائرته المقربة خلال الحملة تضم رجالا بشكل خاص، بالمساواة. ويمكن أن يختار إعطاء دفعة إلى آمال عالم الأعمال عبر استريد بانوسيان التي كانت مديرة مجموعة عقارية أو المتخصصة بالإعلام إكسيل تيساندييه أو المنتجة السينمائية فريديرك دوما.
مشاركة :