نجحت "هيئة العلماء المسلمين" في لبنان مجدداً في حرب الفضيلة على الرذيلة، هذه المرة لم تُسقط منشوراً أو تُزل دعايةً لملابس داخليةً تخدش حياء الهيئة ومشجّعيها، بل منعت تحت الترهيب والتهديد جلسة نقاشٍ في فندق "مونرو" – بيروت بين جمعيات مختلفة تُعنى بحقوق الإنسان ومناهضة العنف، بوجود شخصيات إعلامية وفنية عن حقوق مجتمع "الميم" بلبنان (و"الميم" تعني مثلي/ة، متغير/ة النوع الإجتماعي أو متغير/ة الجندر، مزدوج/ة الميول الجنسية). هيئة العلماء لم تستحِ بفعلتها، وفي بيانٍ علني على صفحتها على فيسبوك باركت خطوة الإلغاء، والإلغاء أتى بعد بيانٍ سابق للهيئة حمل عنوان "الإنذار الأخير"، وعلى إثر "الإنذار الأخير" وردت اتصالات لجمعية Proud Lebanon وفندق مونرو من مراجع أمنية نصحتهما بإلغاء الحفل المنوي عقده تحت ذريعة الحفاظ على سلامة المشاركين. يبدو أن الكيان اللبناني يشهد ولادة دويلةٍ جديدة، دويلة هيئة العلماء المسلمين التي اتخذت من طرابلس مركزاً لها، وتوسعت لتشمل بيروت وأحياءها، وكانت منعت ألواحاً دعائية في مار إلياس وأزالتها، وهددت باستخدام القوة لمنع حفلٍ لمكافحة رهاب المثلية والحضّ على احترام الآخر، في حين أن الدستور اللبناني يفرض احترام الآخر وخياراته، ويعتبر أن حرية الفرد أولوية، تنصاع الجهات السياسية والأمنية لتهديدات متطرّفي هيئة العلماء، وبدل أن تسجن المهددين بتهمة التّحريض على القتل والشّروع بالتحضير له، توقف حفلاً يُنظم للسنة الثالثة على التوالي دون أن تُسجل فيه أية مخالفةٍ قانونية. ما يجري يمكن تشبيهه بالحرب الاجتماعية، عددٌ كبير من أفراد المجتمع اللبناني يواجهون موجاتٍ من الكره يومياً والكره هو المسار الطبيعي لولادة الإرهاب كما ورد في مقطع فيديو ترويجي نشرته جمعية "حلم". انصياع الجهات الأمنية والسّياسية لتهديد هيئة العلماء المسلمين الأخير يمهّد لتصادم مجتمعي ظنّ المنصاعون أن انصياعهم سيتفاداه، حيث تشعر الفئات المستهدفة بالتهميش والتعدي على حقوقها ككياناتٍ بشرية، فالخطاب الذي يحضّ على الكراهيّة ورفض الآخر مستمرّ، بالترافق مع التشهير وتشويه الصورة والافتراء، بهدف تضليل المواطنين بشكلٍ عام، والمتابعين بشكلٍ خاص، والتأثير سلباً على المجتمع، مما يؤدّي تلقائياً للتعدّي على عدد كبير من أفراد المجتمع واستسهال تعنيفهم لفظياً، معنوياً أو جسدياً، وجعلهم عرضةً للاغتصاب والقتل، او التشهير العلني كما حصل منذ سنواتٍ مع رواد أحد الملاهي في الدكوانة، والذين صوروا عراةً في مكتب رئيس البلدية قبيل اعتقالهم. أقوال جاهزة شاركغردهيئة العلماء المسلمين في لبنان ترسم معالم القانون الاجتماعي الجديد: الانذار الاخير شاركغردبين الكره والاغتصاب والسجن والانصياع للتهديد هيئة العلماء المسلمين ...لبنان يضطهد المثليين يواجه المثليّون والمثليّات في لبنان، إضافةً إلى تهميش ومصادرة حقوقهم الإنسانيّة والصحّية والأمنية والمدنيّة والقانونيّة كمثليّ الجنس، مخاطر يوميةً تفرض عليهم التخفي والاختباء الاجتماعي غير السليم، الذي يُبعد الفرد عن مجتمعه ويشعره بأنه عُرضة للاعتداء في أي دقيقة. هامش الحركة الممنوح عنوةً لهيئة العلماء المسلمين ومن على شاكلتها سمح لها بالتمادي في تكريس أجندتها وأفكارها لبنانياً وإسقاطها على الجميع، فالهيئة تطالب اليوم بمحاسبة المسؤولين والمنظمين لحفل "المونرو" الملغى، والذي حمل عنوان "ولادي.. لو مين ما حبّوا"، لأن "علماء" الهيئة "ما حبّوا" موضوع الحفل، لأن الحفل برأي الهيئة القيّمة على "أخلاق" المجتمع اللبناني يعتبر "وصمة عار" على الدين والقيم واﻷخلاق، وبفضل الله تعالى ثم بتضافر النيات الحسنة والعقول النيرة والجهود الخيرة، جرى إيقاف الحفل ومنعه، كما قالت الهيئة، الهيئة ذاتها التي تحرّض على منابر المساجد وتدعو لقتل من هو مختلف عنها مذهبياً، فالهيئة وعلماؤها هما جامعة علومٍ في التّحريض والتهديد والأدلجة المجتمعية التي تشق الطّرقات نحو الهاوية، بينما العالم يكتشف كواكب ومجموعاتٍ شمسية جديدة، ويساهم في اكتشافاته جميع شرائح مجتمعه من مثليين وغيرهم، تخاف جهاتنا الأمنية من تهديداتٍ مفعمةٍ بالكراهية، تطلقها هيئاتٍ تحريضية وتكاد بثقافة الكره التي تنشرها، أن توصف بالإرهابية. هذه التدوينة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي رصيف22. أحمد ياسين صحافي ومدوّن لبناني شاب، حاصلٌ على عدّة جوائز في التّدوين، كما على لقب سفيرٍ لحقوق الإنسان من منظمة التّنمية البشرية في الأمم المتحدة. نشر في وسائل إعلامية لبنانية وعربية عدة، منها النّهار، الأخبار، وصحيفة العربي الجديد، قبل أن يتولّى رئاسة تحرير موقع "الحقيقة" الإلكتروني، ويبدأ عمله كمراسلٍ تلفزيوني ومعدّ مواد في قناة ال "LBCI". ولياسين أيضاً مساهمة كمنتج لأفلام وثائقية، عن فيلمه "نوستالجيا"، الذي يتحدّث عن مصوّري الحرب الأهلية اللبنانية وتجاربهم. @Lobnene_Blog التعليقات
مشاركة :