في كل خطوط الملعب قد يكون الخيار محدوداً إلا في وسط نادي السد، فهو الوحيد الذي يزدحم بالنجوم، ويصعب المفاضلة بين خمسة منهم للاختيار في التوليفة الرئيسية لنهائي أغلى الكؤوس أمام الريان، ولكن الواقع الذي يعرفه الجميع أن بهذا الخط أسطورة من أساطير كرة القدم العالمية، ونجماً عرفته البطولات في العالم، وعرفه أكثر من جيل من اللاعبين، من خلال وجوده «كلاعب مايسترو» في برشلونة.. إنه تشافي هيرناديز الموسيقار الذي توج بكل الألقاب التي عرفتها المستديرة.. على مستوى الأندية، أو المنتخبات، فحتى كأس العالم كان بين يديه، سواء كان على صعيد الأندية، أو على صعيد المنتخب، نجم مشبع بالألقاب يمثل رمانة ميزان القوة الكروية في وسط السد، فهو وحده اسم يرعب الخصوم في الملعب بتمريراته السلسة، ودقته المتناهية في عملية التسليم والتسلم للكرة.. فهو يقود هذا الوسط الخطير في النهائي المثير.وإلى جانب تشافي هيرنانديز، فإن كوكبة من المبدعين يلعبون في هذا الخط الذي يمثل القوة الضاربة في السد.. فهناك حسن الهيدوس صاحب الانطلاقة والسرعة والحلول في الوقت الحرج، وإلى جانبه الفنان علي أسد صاحب القدم الموسيقية، وبجانبه القوي والسريع النسر الجزائري حمرون يوغرطة، اللاعب المسمى عند المدربين بالرقم (9 ونص) أي لاعب الوسط خلف المهاجم، وربما محمد كسولا وحده اللاعب غير المبدع في هذه المنظومة، ولكنه اللاعب المهم في قطع الكرات، والمقاتل الذي يشكل خط دفاع أول، إذا حسب ضمن التشكيلة، ومن خلفه يأتي الظهير الأيسر عبدالكريم حسن الجناح الطائر في السد. وتشكل كوكبة الزعيم السداوي في خط وسط الفريق القوة الحقيقية للسد في أية مواجهة، فهذا الخط الذي يمثل الإسباني تشافي هيرناديز مؤلف نوتته الموسيقية يعزف ألحاناً تطرب كل من يتابع كرة القدم، ويقدم الإبداع على طبق من ذهب لمن لا تستهويه كرة القدم، كنوع من العرض «إذا لم تعجبك كرة القدم فانظر إلى صنيعنا فقد تغيّر رأيك». رهان الإبداع وبما أن قوة السد في غير خط الدفاع تكمن في وسطه المؤلف من مجموعة من اللاعبين، فإن هذا الخط نفسه يرتهن للإبداع بفعالية لاعب واحد، إذا لم يكن في يومه فإن الوسط لا يقوم بالدور المطلوب، فالوسط في نادي السد يقوم على اللعب بالإحساس العالي، فإذ اختل إحساس أي لاعب بالآخر، فإن المنظومة الموسيقية للسد تصبح فارقة الزمن، أو موسيقى صاخبة لا تطرب، لذلك يراهن الفريق على الإبداع في وسط الملعب، والذي يلهب الحماس في المدرجات وفي نفوس بقية اللاعبين بالفريق. أدوار ومهارات يتميز وسط السد عن غيره بقدرة أفراده على الأداء المهاري العالي، حيث يضم علي أسد صاحب القدم اليسارية الرائعة في التمرير والحركة بسهولة وسط ازدحام اللاعبين، كما يضم حسن الهيدوس السريع، والذي يتميز بقدرة خرافية على تغيير اتجاهه بالكرة في أية لحظة بمهارة خاصة يدركها دون غيره، بجانب الجرأة في الاقتحام والتمرير والميلان إلى اليمين، للقيام بإرسال الكرة العرضية أمام منطقة الجزاء. وبهذه القوة يتميز اللاعب الآخر المقبل من الخلف عبدالكريم حسن، غير أنه صاحب قدم واحدة فقط، بينما الهيدوس يجيد اللاعب بالقدمين، وهو أمر يخلق التوازن للسد في حالة صناعة اللعب، والقيام بالواجبات الهجومية على النهج التكتيكي المرسوم. المؤلف الموسيقي لفرقة الزعيم يدير هذه المهارات المايسترو تشافي هيرناندي، القيمة الفنية الكبيرة، وملهم الفريق في استقبال الكرات والبحث عن الحلول لكسر التكتلات الدفاعية، وتمرير الكرة للمهاجمين بكل دقة وسلاسة، لذلك يبدو وسط السد هو الأفضل في الدوري القطري من حيث صناعة الفرص، بوجود الموسيقار الإسباني، الذي يمتلك قدرة وضع نوتة موسيقية يعزف عليها الفنانون من لاعبي الفريق، حتى ارتفع مستوى المهارة بسبب سلاسته في التمرير والبحث عن الحلول، ومن هنا تبدأ الأفضلية للسد عند مواجهة أي فريق، ولكن شريطة أن تعمل كل المنظومة في الوسط، فأي تقصير قد يذهب جهود تشافي هباء، خصوصاً على من يميل على الجانبين الأيمن والأيسر. أعلى نسبة تمرير في الدوري يعد الإسباني تشافي أحد صناع اللاعب المرشحين لجائزة أفضل لاعب في الموسم، وصاحب أعلى تمريرات حاسمة في فريقه بنسبة تفوق 80 % تقريباً وفق إحصاءات غير رسمية، وبالتالي تقع على عاتقه مهمة إمداد هجوم الفريق، وقد أجاد فيها، ويمثل نقطة القوة في السد بوسط الملعب، كما يمثل نقطة النظام في الفريق، فهو المرجع لكل العمليات الهجومية، وهو المستقبل الأول، ومنه تبدأ الحكاية، لذلك فإن الكرة التي تخرج من قدمه لا تحول مسارها إلى الهجوم، ولكن من قوة دقتها فإنها تغير مسار المباراة تماماً. صعوبة الرقابة تشافي المعروف بلعبه السلس من الصعب مراقبته، ومن الصعب إيقافه ومنعه من الوصول للكرات أو منعها عنه، وحتى في حال الضغط عليه، فإن اللاعب يستخدم حلاً آخر هو المراوغة، ولديه قدرة هائلة في التحكم بالكرة، وبالتالي فإن استخلاصها منه أمر صعب، كما أنه يجيد تنويع اللعب، وخلق مساحات لزملائه في الوسط، إذا ما شعر بإحكام الرقابة عليه، لأنه قد يستنزف لاعبين أو ثلاثة من الفريق المنافس في حال رقابته اللصيقة، وبالتالي يبقى خطره دائماً حتى في حال توظيف لاعبين لرقابته. الحالة السلبية الوحيدة ومن أبرز سلبيات وسط السد هو سهولة عزل أي فرد منه عن الآخرين، عدا تشافي فإن العزلة هي الوحيدة التي تربك عمله في الملعب، ففي حال إغلاق الهيدوس المفتاح الأخطر بعد تشافي، فإن الفريق يعاني والهجوم يضل الطريق إلى المرمى، وبالتالي فإن العمل سيتوقف، لذلك قوة الوسط السداوي أنه لحمة واحدة كأصابع اليد، إذا أعيق منها أصبع اختل أداء البقية تماماً. وقد كشفت مباراة نصف النهائي أمام الجيش هذا الأمر في شوط واحد، ولكن المعالجة أسهل ما يمكن لدى السداوية، وهي الحسم وعدم إهدار الفرص في مثل هذه الحالات، وهي أقرب الطرق إلى عودة المنظومة للعمل مرة أخرى، حيث سيكون المنافس قد اتجه للهجوم، وبالتالي إهمال الرقابة، ولكن عدا ذلك فإن السد بوسطه المتميز يستطيع السيطرة على الكرة، وبالتالي وضع المنافس تحت الضغط. حمرون يقوم باللازم في حالة السيطرة وحصار السد في وسط الملعب من جانب المنافس، فإن العادة جرت أن يتم كسر هذا الحصار بنزول الجزائري حمرون لوسط السد، ليساعد اللاعبين ويستخلص الكرات والمحافظة عليها والتحول بها للهجوم، مستفيداً من قدراته البدنية العالية والمهارية في سحب المدافعين، وهو الحل الأول عندما تتم مراقبة قدرات تشافي والهيدوس وعلي أسد، والضغط عليهم، فحمرون البديل الناجع في إعادة التوازن. الصبر سلاح السد يتميز خط الوسط أيضاً بقدرة خرافية على الجانب الدفاعي وانتظار الكرة في الوقت المناسب، وقد يبقى وسط الفريق بعيداً عن الكرة لفترة شوط كامل، لكنه عندما يستعيدها فإن المعزوفة تبدأ لأن النوتة الموسيقية موضوعة فقط «الحسم مسألة وقت» كما يقولون، وهذا هو رهان البرتغالي فيريرا المدير الفني للفريق السداوي.. فالفريق يعزف الإبداع ويحوله إلى جحيم على المنافسين بالوصول لشباكهم.;
مشاركة :