إحالة برلماني موريتاني معارض إلى السجن تثير أزمة سياسية

  • 5/18/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تشهد العلاقة بين مجلس الشيوخ الموريتاني والحكومة توتراً كبيراً، بعد توقيف أحد أعضاء المجلس قبل أسبوع، وإحالته يوم الاثنين الماضي إلى السجن في مدينة روصو، جنوب البلاد، إثر تعرض سيارته لحادث سير دهس خلاله عدة أشخاص متسبباً في مقتل شخصين وإصابة ثالث.ومع أن الحكومة الموريتانية كثيراً ما أكدت أن هنالك فصلاً بين السلطات، وأن ما يصدر عن القضاء من أحكام لا تتدخل فيه الحكومة، فإن الشيوخ يتهمون النظام بالوقوف وراء اعتقال عضو مجلس الشيوخ محمد ولد غده وسجنه بسبب مواقفه المعارضة، وهي اتهامات قابلتها الجهات الرسمية بعدم التعليق.إلا أن الشيوخ قرروا التصعيد بعد إحالة السيناتور المعارض إلى السجن، فقرروا تعليق جميع الأنشطة مع الحكومة، وهي أنشطة كانت مبرمجة ضمن الدورة البرلمانية العادية التي انطلقت مطلع شهر مايو (أيار) الحالي لمناقشة ميزانية الدولة، فيما تم «طرد» وزير وصل إلى مقر المجلس للاجتماع بالشيوخ. وقالت «لجنة الأزمة» التي شكلها الشيوخ، إن قيام السلطات باعتقال عضو مجلس الشيوخ وتفتيش سيارته ومصادرة هواتفه، وبعد ذلك إحالته إلى السجن، كل ذلك يدخل في إطار «انتهاك حصانته البرلمانية وخرق القانون والدستور الموريتانيين»، مطالبة بالإفراج الفوري عن السيناتور المعتقل.ولوح الشيوخ الغاضبون باللجوء إلى المادة 50 من الدستور الموريتاني المتعلقة بالحصانة البرلمانية، التي قالوا إنها تمنحهم حق تعليق اعتقال أي عضو منهم، وتقول هذه المادة في إحدى فقراتها إنه «لا يرخص في متابعة أو توقيف عضو من أعضاء البرلمان أثناء دوراته لأسباب جنائية أو جنحية ما عدا التلبس بالجريمة، إلا بإذن من الغرفة التي ينتمي إليها».من جهتها، أصدرت النيابة العامة بمحكمة روصو، التي أحالت السيناتور المعارض إلى السجن، بياناً، قالت فيه إنها لم تتجاوز الدستور ولا القانون في تعاملها مع الملف، مشيرة إلى أن «الحصانة البرلمانية» سقطت عن السيناتور المعارض بموجب الدستور الموريتاني، لأنه اعتقل «متلبساً بالجرم» وهو ما تشير إليه الفقرة السابقة نفسها من المادة 50 من الدستور. وأوضحت النيابة العامة أن السيناتور «طوال فترة الحراسة النظرية وأثناء مثوله أمام وكيل الجمهورية استفاد من جميع الحقوق التي يكفلها له القانون، بما في ذلك اتصاله بذويه وتمكين محاميه من مواكبة المسطرة»، وخلصت إلى القول: «النيابة العامة كما هي حريصة على تطبيق القانون على جميع المخالفين دون تمييز، فإنها كذلك حريصة على احترام الحقوق والإجراءات المنصوصة».أما المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، أكبر ائتلاف معارض في موريتانيا، فقد أعلن أن ما تعرض له ولد غده «استهداف واضح بسبب مواقفه السياسية»، في إشارة إلى انخراطه في صفوف المنتدى المعارض، وقيادته لحملة قوية داخل مجلس الشيوخ أسفرت عن تصويت المجلس ضد تعديلات دستورية اقترحها الرئيس محمد ولد عبد العزيز، نهاية شهر مارس (آذار) الماضي.ووجد منتدى المعارضة في اعتقال وسجن عضو مجلس الشيوخ، الفرصة للحديث عما قال إنه «أسلوب السلطة التنفيذية في استغلال العدالة للملاحقة والتضييق على خصومها السياسيين، حتى ولو كانوا يتمتعون بالحصانة»، مشيراً إلى أن «ما أقدمت عليه السلطة يؤكد فعلا أننا في بلد خارج القانون»، وفق نص بيان أصدره المنتدى أمس.وعبر المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة عن تضامنه مع مجلس الشيوخ، الغرفة العليا في البرلمان، الذي قال إنه «يتعرض لمضايقات خارج القانون»، بسبب ما قال المنتدى إنه رفض التعديلات الدستورية التي أثارت كثيرا من الجدل في الساحة السياسية، خاصة بعد رفضها من طرف المعارضة التقليدية وتصويت الشيوخ ضدها، إلا أن الرئيس ولد عبد العزيز أصر على عرضها على استفتاء مباشر سينظم يوم 15 يوليو (تموز) المقبل.ورغم دعوات المعارضة والشيوخ للإفراج عن عضو مجلس الشيوخ المعتقل، فإن الأخير نشر عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» بياناً مقتضباً قال فيه إنه لن يطلب الحرية المؤقتة وإنه متمسك بحصانته البرلمانية، وقال: «أنا لست مجرماً ولم أسرق المال العام ولم أستغل النفوذ، ولن أتخلى في هذا المقام عن حصانتي وشرفي وشرف الغرفة التي أنتمي إليها، ولن أطلب الحرية المؤقتة ولو مت في السجن، إما أن تعاد حصانتي وشرفي أو لا شيء».وقال عضو مجلس الشيوخ: «لقد آلمني كثيرا موت طفل بريء بسبعة أشهر، وانفطار قلب أمه عليه، وآلمني أكثر موت امرأة شريفة حامل تكسب قوتها بعرق جبينها، وأخضع لمشيئة الله أن جعلني طرفاً من أطراف هذا الحادث الأليم»، قبل أن يضيف: «سأعوض جميع الضحايا طبقا للقانون والشرع، وأزيد التكفل بدارسة الأطفال الخمسة لعشر سنوات كما كانت ستفعل أمهم الشريفة».

مشاركة :