القاضي أبدى مرونة بسماحه بتخابر المتهمين مع الدفاع، رغم أن القانون لا يجيز ذلك، حرصا على استمرارية المحاكمة. وأكد نوفل بوعمري عضو هيئة دفاع عائلات وأصدقاء ضحايا مخيم أكديم إزيك، لـ“العرب”، إن “انسحاب المتهمين من جلسة المحكمة قرار سياسي تم اتخاذه منذ مدة من قبل قيادة البوليساريو”. وأضاف أن القرار صدر بعد أن أوهمت الجبهة الانفصالية المعتقلين بأن قرار مجلس الأمن وتقرير الأمين العام للأمم المتحدة سيتعرضان لقضيتهم وسيتضمنان المطالبة بوقف المحاكمة، وهو ما لم يحدث. وأشار بوعمري إلى أن “البوليساريو تعتبر هذا الملف صيدا ثمينا لها من الناحية السياسية حتى تقوم باستثماره لأنه لم يعد لها أي شيء تغطي به فشلها السياسي”. وقال إيف ريبيكي، النقيب السابق لهيئة المحامين بباريس، إن “قرار الانسحاب يعني أن المتهمين لا يقيمون وزنا للعدالة كما كانوا لا مبالين من قبل بحياة ضحاياهم في أكديم أزيك”. وأكد أن القواعد القانونية احترمت في المحاكمة، حيث “عاين الجميع منذ أسابيع ضمانات محاكمة عادلة وشاملة”. ورفض المتهمون مواجهة شهود طبقا للمادة 337 من القانون الجنائي المغربي. وأبرز الداكي أن المحكمة استمعت، الاثنين، إلى ثمانية شهود أدلى البعض منهم بمعطيات هامة حول الأوضاع السابقة للمخيم وأحداث تفكيكه واعتداءات طالت رجال أمن كثيرين. ولفت الداكي إلى أن جلسة الاستماع إلى الشهود تخللتها روايات مؤثرة لأحداث جرت يوم تفكيك المخيم ولا سيما حجم الاعتداءات التي تعرضت لها قوات الأمن المكلفة بتنفيذ قرار التفكيك وأيضا القائمون على حفظ النظام داخل المخيم وخارجه. وقررت المحكمة إثر انسحاب المتهمين الاستمرار في مناقشة القضية، وشرعت في الاستماع إلى باقي الشهود. وعينت المحكمة محامين مغاربة للإنابة عن المتهمين، في إطار المساعدة القضائية، للدفاع عن المتهمين وفق الإجراءات القانونية التي تضبطها المادة 317 من القانون الجنائي. وشدد بوعمري على “أننا ندافع على منهج واختيار المحاكمة العادلة بما فيه قرينة البريئة لأن ذلك إيمان مبدئي لكل أعضاء وهيئة الدفاع، وسنستمر في الدفاع عنه إلى حين النطق بالحكم سواء قاطع المتهمون المحاكمة أم لم يقاطعوها”. وقبلت محكمة النقض طلب دفاع المعتقلين الـ24 بنقل المحاكمة أمام القضاء المدني من القضاء العسكري. وتعود القضية إلى أكتوبر 2010 عندما أقام نشطاء صحراويون مخيم أكديم إيزيك شمالي العيون ضم حوالي 30 خيمة، للمطالبة بتوفير مساكن وفرص عمل. وتطور المخيم إلى أن بلغ حوالي 6 آلاف خيمة تتسع لقرابة 20 ألف شخص، وفق السلطات المغربية. وتقول السلطات المغربية إن مطالب المعتصمين “تم استغلالها من نشطاء موالين لجبهة البوليساريو و”وفق أجندة أجنبية محددة”. وخلال إخلاء المخيم في شهره الثاني، اندلعت مواجهات قتل فيها 11 من رجال الأمن تؤكد الرباط أنهم لم يكونوا مسلحين فيما تقول جبهة البوليساريو إن “ثلاثة نشطاء قتلوا بطلقات نارية من القوات المغربية”، وهو ما تنفيه الرباط. وتمت إدانة تسعة متهمين في أحداث “أكديم إيزيك” بالسجن مدى الحياة، فيما أدين أربعة آخرون بالسجن 30 سنة وثمانية بـ25 سنة واثنان بـ20 سنة. وحوكم المتهمون حسب جرائم “تكوين عصابة إجرامية والعنف في حق رجال القوة العمومية أثناء مزاولتهم لمهامهم أفضت إلى الموت بنية إحداثه والتمثيل بجثة”، من طرف المحكمة العسكرية بالرباط عام 2013. وتم إلغاء محاكمة مدنيين أمام محكمة عسكرية بالمغرب، لتتم إعادة محاكمة المتهمين أمام محكمة مدنية نهاية العام الماضي. وبدأت قضية إقليم الصحراء المغربية عام 1975 بعد إنهاء الاحتلال الإسباني به ليتحول النزاع بين المغرب والبوليساريو إلى نزاع مسلح استمر حتى عام 1991، حيث توقف بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية منظمة الأمم المتحدة. وتعرض الرباط مقترح حكم ذاتي موسع على سكان إقليم الصحراء المغربية، لكن جبهة البوليساريو وبدعم من الجارة الجزائر تصر على إجراء استفتاء بإشراف الأمم المتحدة لتحديد مصير الإقليم بالانفصال عن المغرب.
مشاركة :