مدينة التلال السبع (10)| العُمر ينتهي وإسطنبول لا تنتهي

  • 5/18/2017
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

مرحباً من جديد! لا أدري أين قرأت الجملة التركية التي تقول: "ömür biter istanbul bitmez"، والتي تعني في العربية: "العُمر ينتهي وإسطنبول لا تنتهي"، لكنني أدري منذ الأيام الأولى لوجودي في المدينة أنّ استكشاف الجديد فيها لا ينتهي، وأنّ هناك دوماً خبايا يمكن كشفها ومفاجآتٍ تسرّ البال والخاطر. ربما أوصلتكَ مقدمتي تلك إلى أنني عثرتُ على مكانٍ جديد لم أكن أعرفه من قبل. أنتَ محقّ! فوجهتنا هذه المرة لمكان باذخ الجَمال آخّاذ، وصلت قدماي إليه بعد أكثر من عامين ونصف لي في هذه المدينة. أين | متحف ثاقب سابنجي Sakıp Sabancı Müzesi لماذا | جولة مع الحرف العربيّ وأزهار الساكورا العنوان | Sakıp Sabancı Cad. No:42 Emirgan Mahallesi 34467 İstanbul متى | يومياً ما عدا الإثنين، 10صباحاً - 6 مساءً كيف | الطريقة الأسهل هي الذهاب من منطقة "كبتاش Kabataş" بحافلة تحمل أحد الأرقام 22, 25E والنزول في محطة çınaraltı، ثم المشي باتجاه المتحف. وكالعادة ولمن يعرف إسطنبول، فدائماً ما تدفعني أزمة السير وزحمة الطرق للنزول من الحافلة قبل الوجهة المطلوبة بمحطات، وإكمال السير مشياً حتى لو كان لمدة طويلة. بالنهاية المدينة تحبّ المشّائين في دروبها، ولا تبخلُ عليهم بخباياها الجميلة دوماً. يمكنكَ النزول في محطة الحافلة القريبة من قلعة "روملي حصار"، القلعة التاريخية التي بناها المسلمون أثناء فتح القسطنطينية لقطع الإمدادات البحريّة على البيزنطيين، ثم تكمل طريقك مشياً لمدة أقل من نصف ساعة وتستكشف المنطقة أكثر، ففي كل زاوية حتماً هنالك ما سيشدّ انتباهك. وبذلك تكون ملأتَ جدولاً جديداً من جداول أيامك في إسطنبول. سبيل قديم في الحيّ أثناء سيرنا باتجاه المتحف لنعد للمتحف، بصراحة كانت صديقتي قد أخبرتني عن المتحف قبل عدة شهور، غير أن الفرصة لم تسنح لي بالذهاب إليه إلا حينما احتجتُ ذلك من أجل واجبٍ في مادة اللغة التركية عن الخطّ العربيّ. وعندما وصلته لمتُ نفسي كثيرًا على تأخير زيارته كل هذه المدة الطويلة، فكمية الجَمال المتواجدة بين جدرانه جعلتني أتركَ الهاتف والكاميرا وأنسى التصوير من أجل الواجب، ولا أفعل شيئًا سوى التأمل والانبهار. ثاقب سابانجي، مؤسّس المتحف، هو أحد رجال الأعمال في تركيا. وقد بدأ بجمع مجموعة مقتنياته في سبعينيّات القرن العشرين، ثمّ ما لبث أن أصبحَ هاويًا لجمع الأعمال الفنية، من لوحاتٍ ومخطوطات وقطع نثريّة وغيرها الكثير، وقد عُرِضت مجموعته في كبرى المتاحف والمعارض الأوروبيّة لأعوام كثيرة. وفي عام 2002م، قام سابانجي بالتبرّع بمنزل العائلة لجامعة سابانجي لاستخدامه كمتحف لعرض مقتنياته جميعها، بهدف تمكين وصولها إلى المهتمين كافة. وجديرٌ بالذكر أن المنزل الذي بُني عام 1927، كان بالأصل لأحد الأمراء من عائلة خديوي مصر، بناهُ وصمّمه معماريّ إيطاليّ. وفي عام 1951 قام عُمر سابانجي بشراء المنزل ، وفي نفس العام أحضرَ مجسّمًا كبيرًا لحصانٍ أسود من فرنسا، ووضعه في باحة المنزل الذي بات يٌعرف منذ ذلك الحين بـ"قصر الحصان" أو "قصر الفرسان". يضم المتحف مجموعة رائعة من الفنون الجميلة، الرسومات، واللوحات الخطية، والتحف العثمانية. تجد فيه مجموعة فريدة من الأمثلة على الخط العثماني القديم منذ 500 عاماً، والأدوات المستخدمة لإنشاء الروائع واللوحات الفنية مثل الأقلام والمحابر والأوراق، بالإضافة إلى نسخ نادرة من مخطوطاتٍ من القرآن الكريم، ووثائق رسمية تتبع للخلفاء والسلاطين. ويعرض عبر عدة فيديوهات معروضة على أجهزة لوحية، كيف كانوا بالقِدَم يقومون بعمليات صناعة الورق، وكيّه، وإعداده ليصبح صالحاً لكتابة المخطوطات والكتب، بالإضافة إلى عملية التذهيب المُبهِرة من ألفها إلى يائها. الجميل في المتحف أنّك أينما أدرتَ وجهكَ، داخله أو خارجه، ستجد جَمالاً لا ينتهي من حولك، فترى البسفور يمتدّ باتّساع كبيرٍ أمامك مطلاً على القصر بشكلٍ مباشر، والأشجار المتنوعة التي تملأ أرجاء المتحف من الخارج والتي ستجد المعلومات الخاصة بكلّ شجرة جانبها، لتعرفَ أكثر عن أصلها ومنشئها. أما داخله، فبالإضافة لما يتعلق بالخط العربي، فالمنزل مليءٌ بقطع الأثاث واللوحات والقطع النثرية والجمالية النادرة، فصاحبه بالنهاية كان هاوياً لجمع نوادر الفنون. لكنّ الأجمل من بين الأشجار بالنسبة لي كان شجرة الساكورا اليابانية الكبيرة التي أخذت مساحةً شاسعة من الحديقة ووجدتُني أراها للمرة الأولى في حياتي. ترتبط الساكورا في الثقافة اليابانية بالساموراي؛ إذ كانت حياة الساموراي تُقارن بالساكورا التي تتميز بالحياة القصيرة وسرعة الزوال؛ نظراً لأنّه كان مستعداً للتضحية بحياته في أي وقت من أجل سيده. وفي أثناء الحرب العالمية الثانية استُخدمت الزهور لتحفيز كلٍ من الشعب والجيش وإمدادهم بالمعنويات والحس القوميّ والامتداد التاريخي وربطهم بأسطورة الساموراي الشعبية. وإن كانت الساكورا رمزاً لسرعة الزوال إلا أنها رمز للأمل أيضاً، فموسم تفتح أزهار الكرز يتصادف مع بداية السنة المالية والسنة الدراسية في اليابان، فهي تشير إلى بداية جديدة للجميع وتمنح الأفراد الأمل والحلم بأشياء جديدة ونسيان الإخفاقات السابقة و التطلع إلى الأمام بعين من التفاؤل والحماس. _____________________عَ الطريق.. الحيّ مليءٌ بالمقاهي والمطاعم المختلفة، يمكن أن تجد خيارات واسعة أمامك، استعن بـِ فورسكوير foesquare لتجد ما يناسبك. أما أنا وصديقتي، فقد قادنا فورسكوير هذه المرة لمقهى مُسمّىً ومُصمّم من الألوان المُبهجة، اخترناه لنحتسي فنجانين من القهوة التركية مع فطيرة تفاح صُنعتْ وعُجنت بمكوناتٍ عضوية طبيعيّة بكلّ حبٍ. أين| Color.Full.Bakery العنوان| Sezaibey Cd. No: 29/A, Emirgan متى| يومياً 7صباحاً-8مساءً تلميح 1: تقع حديقة "إميرغان Emirgan" بالقرب من المتحف، يمكنكَ ترتيب جدولكَ السياحيّ بحيث تستطيع زيارة كل من قلعة روملي حصار والحديقة والمتحف بنفس اليوم. تلميح 2: قلعة روملي حصار لا تستقبل زوّارها يومَ الأربعاء تلميح 3: المشيُ ثمّ المشيُ ثمّ المشي - تم نشر هذه التدوينة في لغيداء أبو خيران ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :