عمان: محمد الدعمه أكد بابا الفاتيكان فرنسيس الأول، أمس في عمان، ضرورة التوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية وحل عادل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وقال البابا في كلمة ردا على كلمة ترحيبية للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني: «وإذ ألاحظ بألم استمرار التوترات الشديدة في منطقة الشرق الأوسط، أتوجه بالشكر إلى سلطات المملكة على ما تقوم به وأشجعها على متابعة التزامها في البحث عن السلام المرجو والدائم من أجل المنطقة بأسرها، من هذا المنظار يصبح أمرا ضروريا وطارئا التوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية وإلى حل عادل للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني». وأضاف أن استضافة الأردن، وبسخاء، لعدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين وآخرين قادمين من مناطق تشهد أزمات، لا سيما من سوريا المجاورة، التي تعاني صراعا يدوم منذ فترة طويلة، تستحق تقدير المجتمع الدولي ودعمه، مشيرا إلى أن «الكنيسة الكاثوليكية، ووفقا لإمكاناتها، تريد الانخراط في مساعدة اللاجئين ومن يعانون العوز». وجدد البابا التعبير عن احترامه العميق وتقديره للمجتمع المسلم، وعن امتنانه للأردن على تشجيعه بعض المبادرات المهمة لصالح الحوار بين الأديان بغية تعزيز التفاهم بين اليهود والمسيحيين والمسلمين، ومن بينها «رسالة عمان للأديان»، وعلى إطلاقه، داخل منظمة الأمم المتحدة، مبادرة الاحتفال السنوي بـ«أسبوع الوئام العالمي بين الأديان». وكان العاهل الأردني والبابا قد بحثا، خلال لقاء بينهما، العلاقات بين الأردن والفاتيكان وسبل تعزيزها في مختلف المجالات. وأكد الملك عبد الله الثاني، خلال اللقاء، ضرورة العمل على تعميق وإدامة التواصل بين العالمين الإسلامي والمسيحي، من خلال استمرار الحوار والتعايش وتعظيم القواسم والقيم المشتركة، منوها بأهمية رسالة المحبة والمودة والوئام والتعايش والسلام والأخوة التي يحملها البابا للمنطقة بأسرها. كما شدد على أهمية الزيارة البابوية التي تأتي خطوة مهمة على طريق ترسيخ أواصر الإخاء والتسامح بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز رسالة السلام التي تدعو لها جميع الأديان السماوية. ودعا الملك عبد الله الثاني، في كلمة ترحيبية، بابا الفاتيكان إلى مساعدة الفلسطينيين والإسرائيليين على إيجاد حل لصراعهم الطويل. وقال الملك عبد الله الثاني إن «هناك حاجة لخطوات تتخذونها ودعم تقدمونه لمساعدة الفلسطينيين والإسرائيليين على إيجاد حل لصراعهم الطويل». وأضاف أن «الوضع الراهن الموسوم بحرمان الفلسطينيين من العدل والخوف من الآخر ومن التغيير، يحمل وصفة للدمار المتبادل، وليس الاحترام المتبادل المنشود. ومعا يمكننا مساعدة القادة في كلا الجانبين على اتخاذ الخطوات الشجاعة اللازمة لتحقيق السلام والعدل وتعزيز التعايش». وأكد حرصه على حماية الأماكن المقدسة للمسلمين والمسيحيين في الأردن والقدس، والتزامه بالحفاظ على المدينة المقدسة مكان عبادة للجميع، وأن يبقي عليها «بيتا آمنا لكل الطوائف عبر الأجيال». كما أكد ضرورة مساعدة سوريا على استعادة مستقبلها، ووضع نهاية لإراقة الدماء، وإيجاد حل سياسي سلمي هناك، متمنيا أن يواصل العمل مع البابا في الأيام المقبلة لتخفيف أزمة اللاجئين السوريين والعبء على البلدان المضيفة المجاورة، مثل الأردن. وعبر عن تقديره لجهود ومساعي البابا لصون كرامة الإنسان وتعزيز التعايش السلمي، والتزامها بالحوار، وخاصة مع الإسلام، مضيفا أن المسلمين يقدرون ما يصدر عن البابا من رسائل الاحترام لهم، وسعيه لكسب صداقتهم. وكان البابا فرنسيس قد وصل أمس إلى الأردن أولى محطات رحلته إلى الأراضي المقدسة التي ستقوده أيضا إلى مدينتي بيت لحم والقدس تحت شعار الحوار بين الأديان والحركة المسكونية في منطقة تشهد اضطرابات. وكان الأمير غازي بن محمد، كبير مستشاري الملك عبد الله الثاني للشؤون الدينية، على رأس مستقبليه في المطار، بالإضافة إلى الكثير من المسؤولين ورجال الدين، حيث قدم طفلان يلبسان الزي التقليدي الأردني باقتين من زهور السوسنة السوداء (الوردة الوطنية للأردن) للبابا في حين اصطف حرس الشرف الأردني على مدرج المطار. وترأس البابا في استاد عمان الدولي في وسط العاصمة عمان قداسا حضره أكثر من 30 ألف شخص منهم لاجئون مسيحيون سوريون وفلسطينيون وعراقيون أكد خلاله على التآخي والعيش المشترك في الأردن، وعبر عن قلقه من هجرة الشباب المسيحيين من منطقة الشرق الأوسط، ووفقا للمركز الكاثوليكي الأردني فإن نحو مليوني مسيحي هاجروا المنطقة خلال السنوات العشر الماضية. وحظي 1400 طفل بسر المناولة الأولى خلال مشاركتهم في القداس وقد عقبها بجولة بين الجماهير على متن سيارته الجيب المكشوفة. وتوجه البابا إلى المغطس، وهو الموقع الذي قام فيه يوحنا المعمدان بتعميد السيد المسيح على بعد 50 كلم غرب عمان، حيث التقى 600 معوق ولاجئ جاء كثير منهم من سوريا والعراق المجاورتين. وقد تخلل هذه المناسبة التحدث عن هجرة مسيحيي الشرق وأدى صلاة من أجل المصالحة في سوريا وكذلك من أجل لبنان والعراق. والبابا فرنسيس هو رابع حبر أعظم يزور الأراضي المقدسة، حيث سيتوجه اليوم الأحد إلى بيت لحم بالضفة الغربية بعد زيارة البابا بولس السادس عام 1964 والبابا يوحنا بولس السادس عام 2000 والبابا بنديكتوس السادس عشر عام 2009. وكان البابا قد قال: «هذه الرحلة محض دينية» حتى لو اعترف وزير دولة الفاتيكان بيترو بارولين بأنها ستأخذ طابعا «سياسيا»؛ لأنها تأتي في وقت يشهد حربا بشعة في سوريا وجمودا في عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وتصاعدا للتطرف في المنطقة. ودعما لندائه للحوار بين الأديان فقد رافق البابا في رحلته صديقاه القديمان حاخام بوينوس آيرس أبراهام سكوركا والبروفسور المسلم عمر عبود رئيس معهد الحوار بين الأديان في العاصمة الأرجنتينية. وهذا ما يرمز إلى أهمية الحوار الديني في نظر هذا البابا الذي يأمل أن يؤدي التفاهم بين الأديان التوحيدية الثلاثة إلى تقريب السياسات.
مشاركة :