عبد الله بالليث: »أصحاب الهمم« قادرون إذا هُيّئت لهم الظروف

  • 5/19/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

حوار: هديل عادللديه حلم كبير بدأ في تحقيقه، وهو تغيير واقع أصحاب الهمم، من خلال المساهمة في تغيير نظرة المجتمع لهم، بما يحققه من نجاحات تثبت للجميع أنهم يتمتعون بقدرات كغيرهم من أفراد المجتمع، ومن أهم قدراته التحلي بروح التحدي والإرادة، ولعل التحدي الأكبر في حياته كان في إعاقته البصرية، لكنها لم تمنعه يوماً من تحقيق النجاح والتميز، فلا يفوت عبد الله عوض بالليث، فرصة إلا ويثبت من خلالها أنه أهل للنجاح، وأنه يستطيع أن يخدم وطنه كغيره من الأصحاء. ويعمل عبد الله بعد حصوله على بكالوريوس إعداد معلم لغة عربية وتربية إسلامية، كاختصاصي إعاقة بصرية في وزارة التربية والتعليم في إمارة الشارقة، ويتطلع إلى إكمال دراسته العليا في المجال التربوي، ولديه نجاحات أخرى سيحدث عنها. وعن رسالته في الحياة، يقول ل«الخليج»: } بداية.. حدثنا عن نجاحاتك في الحياة؟- ولدت كفيفاً، ولكني اعتدت على ذلك، وأشعر أنني كغيري من الأسوياء، وفي الوقت الذي لم تتوقف فيه محاولات عائلتي لعلاجي على أمل أن أبصر الحياة، كانوا دائماً يرددون على مسامعي، أن المؤمن مبتلى، وقبل أن أكمل عامي الأول، التحقت بمركز التدخل المبكر في الشارقة، ووجدت لديهم كل ما يحتاجه الطفل الكفيف من اهتمام ورعاية وتأهيل، على أيدي متخصصين، وتعلمت منهم كيف أهتم بنفسي وأتعامل مع محيطي. وفي سن الخامسة التحقت بالصف الأول بمركز دبي لرعاية وتأهيل أصحاب الهمم، وتعلمت طريقة «برايل»، وواصلت دراستي فيه حتى الصف الثالث، بعدها قررت مع عائلتي أن أخوض تجربة جديدة من خلال دمجي في إحدى المدارس الحكومية في الشارقة، ولم تكن هذه الخطوة سهلة، خاصة أن إدارة المدرسة، لم تتشجع في قبولي بين طلبتها، خشية فشل التجربة، مما زاد من حماسي ورغبتي في تحقيق النجاح، لأثبت لنفسي ولإدارة المدرسة أنني كغيري من الطلاب الأصحاء، القادرين على النجاح والتفوق، والحمد لله حققت النجاح الذي طمحت له، ولم أتوقف عن تطوير نفسي وزيادة تحصيلي العلمي. ومع بداية المرحلة الثانوية، انتقلت مع عائلتي إلى مدينة العين، وأردت أن أتحدى نفسي بالالتحاق بإحدى المدارس النموذجية، التي تحتاج لجهد إضافي من الطالب، وشجعني والدي على هذه الخطوة، والحمد الله كرمت في نهاية العام الدراسي من منطقة العين التعليمية، لحصولي على المركز الأول في الصف العاشر، وأنهيت دراستي الثانوية بحصولي على نسبة 93.5%، وحصلت على بكالوريوس إعداد معلم لغة عربية وتربية إسلامية.ويتابع: «أهم وأعظم نجاح حققته بالنسبة لي، أنني ختمت كتاب الله حفظاً وتلاوة، بسند متصل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأيضاً أعتبر انفتاحي على العالم إنجازاً ونجاحاً، لأن أكثر أصحاب الهمم يلجؤون إلى الانغلاق على أنفسهم، وأحدث إنجازاتي زواجي وإنجابي لطفلي الأول، وأعتبره إنجازاً كبيراً بسبب عدم تقبل المجتمع لفكرة الزواج من كفيف، والصعوبات التي واجهتها لإتمام هذه الخطوة في حياتي». } ما رسالتك التي تسعى لتحقيقها من خلال نجاحاتك في الحياة؟- رسالتي وهدفي أن أثبت للمجتمع أن أصحاب الهمم قادرون إذا هُيّئت لهم الظروف، وأن أكون جزءاً من أي تغيير إيجابي في المجتمع، خاصة في المجال التربوي.} من يقف بجانبك لتخطي الصعاب؟- لوالدي الفضل الكبير في وصولي لأعلى درجات الرضا النفسي، والتعايش مع حالتي، وتجاوز إعاقتي، حيث التحقت وأمي بمركز التدخل المبكر في الشارقة، الذي احتضنني وكان عمري لا يتجاوز اثني عشر شهراً، وتعلمنا معاً كل ما يتعلق بحالتي، أيضاً كان ومازال والدي يدعمني بكل ما لديه من إمكانات، ويقف بجانبي في كل ما أقوم به، وأنا بدوري كنت أبذل كل ما بوسعي لأكون فخراً لهم، خاصة أنني ابنهم البكر، واليوم أصبح لزوجتي دور كبير في دعمي معنوياً، ولن أنس دور والدة زوجتي في الوقوف إلى جانبي، وكان لها دور كبير في موافقة عائلتهم على زواجي من ابنتهم. } ما سر تميز وقوة شخصية عبد الله باليث؟- التحدي من أهم صفاتي، ولا أعتبر أن هناك شيئاً يصعب عليّ ما دمت أمتلك الإرادة والعزيمة والثقة بإمكاناتي وقدارتي، والإيمان بالله هو سر قوتي، فلم أشعر يوماً بقصور بسبب إعاقتي، وشعوري بالمسؤولية تجاه مجتمعي، فأنا أنتهز كل فرصة لأثبت لمن حولي أنني قادر على الإنجاز والعطاء. } موقف تحديت فيه نفسك وغيرك، لتثبت أنك تستطيع أن تخدم وطنك كغيرك من أفراده الأصحاء..- ضمن إحدى مبادراتي لخدمة وطني، ذهبت للانضمام لإحدى الفرق التطوعية، وقوبل طلبي بالاستغراب، وسئلت حينها: ماذا ستضيف وأنت كفيف للفريق؟ قلت لهم: امنحوني الفرصة لأريكم ماذا سأقدم لكم، وبفضل الله استثمرت مواهبي وإمكاناتي في المشاركة معهم في أنشطتهم التطوعية، وقد تكون مشاركتي عبارة عن قراءة القرآن في حفل افتتاح إحدى الفعاليات، أو تقديم الحفل، أو المشاركة مع اللجنة التنظيمية في التخطيط والتجهيز للفعالية، وغيرها من المشاركات.} وما تطلعاتك للمستقبل؟- الحصول على الدراسات العليا في المجال التربوي، وأن أربي أبنائي تربية صالحة، تؤهلهم لأن يكونوا قادرين على خدمة مجتمعهم، وأن أؤدي واجبي تجاه مجتمعي، وأواصل عطائي له بأفضل صورة ممكنة. استفدت من وسائل التواصل الاجتماعي يقول عبدالله باليث عن أدواته لتوصيل رسالته للمجتمع: أتواصل مع المؤسسات المعنية بتأهيل أصحاب الهمم، لتقديم دورات وبرامج تحفيزية، لمساعدتهم في الخروج من العزلة النفسية التي يعاني منها الكثيرون، وبفضل الله نجحت في التأثير إيجابياً على الكثيرين منهم، وأيضاً أسعى إلى التواصل مع أولياء الأمور، الذين لم يتقبلوا ظروف أبنائهم، وأحاول مساعدتهم في التعامل إيجابياً مع حالاتهم، من خلال نقل خبراتي الشخصية لهم، ومساعدتهم على التواصل مع المؤسسات التي ستساعدهم على القيام بدورهم تجاههم، ومن الآليات الفعالة التي تساعدني في توصيل رسالتي للمجتمع، الاستفادة من التجارب الناجحة في كل ما يختص بواقع أصحاب الهمم، محلياً وعالمياً، ونقلها إلى مجتمعنا لتطبيقها والاستفادة منها، ولا شك أنني استفدت كثيراً من وسائل التواصل الاجتماعي، في إيصال رسائلي لمجتمعي، حول كيفية التعامل مع هذه الفئة، والتعريف بإمكاناتهم ونجاحاتهم والقضايا التي تتعلق بهم.

مشاركة :