البعيجان: الصوم من أفضل القربات وأجّل الطاعات وقد خص الله الصائمين بباب من أبواب الجنة

  • 5/19/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

صراحة – نواف العايد : ذكر فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبة الجمعة اليوم أن لله نفحات وهبات ، ومواسم للخير والطاعات تنزل فيها وتعم البركات ، ومن تلك المواسم والأوقات الزاكيات الطيبات ، شهر تغلق فيه أبواب النيران وتفتح فيه أبواب الجنان ، وقد دنى أجله واقترب موعده ولم يبق بينكم وبينه إلا أياما معدودات ، فحيهلا بكم إلى الطاعات ومضاعفة الحسنات وتكفير السيئات . وأوصى فضيلته : شدوا المئزر ، وإياكم والتسويف وإياكم والخور ، إنما هي أيام معدودة وساعات محدودة ، لامجال فيها للهو واللعب ، ولا مجال فيها للكسل والخمول ، ولا مجال للمعاصي والسيئات ، فالأعمال مضاعفة . وحذر فضيلته : من يبخل فإنما يبخل عن نفسه ومن كفر فعليه كفره ، ومن يكسب إثماً فإنما ينكث على نفسه ، فأروا الله من أنفسكم خيراً فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله . ونوه فضيلته : لا بد من التأهب والاستعداد ، والتوبة والتقوى فإنها خير الزاد . قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) وبيّن فضيلته : أن الله عز وجل شرّع صوم رمضان وفرضه عليكم لا للجوع والعطش ولا للظمأ والنصب ، ولكن لعلكم تتقون ، فالتقوى غاية مطلوبة ورب صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش ، وقائم ليس له من قيامه إلا التعب والسهر ، ومن لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه . وتابع فضيلته : والصيام جنة ، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم ، فصوموا رمضان وصونوه ، واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه . عباد الله : رمضان شهر مغفرة ، تعتق فيه الرقاب فتعرضوا لنفحات الله ، وابذلوا الأسباب فإنه جواد كريم وهاب ، عن أنس رضي الله عنه قال : (ارْتَقَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ دَرَجَةً فَقَالَ : آمِينَ ، ثُمَّ ارْتَقَى الثَّانِيَةَ ، فَقَالَ : آمِينَ ، ثُمَّ ارْتَقَى الثَّالِثَةَ ، فَقَالَ : آمِينَ ، ثُمَّ اسْتَوَى فَجَلَسَ ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ : عَلَى مَا أَمَّنْتَ ؟ قَالَ : أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ : رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ ، فَقُلْتُ آمِينَ ، فَقَالَ : رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ ، فَقُلْتُ : آمِينَ ، فَقَالَ : رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ ، فَقُلْتُ آمِينَ ) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) .(مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) .( مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدَّم من ذنبه) . الصوم من أفضل القربات وأجل الطاعات وأعظم المثوبات ، وهو عبادة الصابرين ، وزاد المتقين ، وذخرا للفائزين ، أجره كبير وخيره كثير ونفعه ليس له نظير ، شفاء للأسقام ، وصحة وقوة ودواء للنفوس والأجسام ، وتربية وراحة للبدن ، وفوق هذا طاعة للرب ، ومغفرة للذنب ، ويكفي أن الله قسم عمل ابن آدم إلى قسمين ، وجعل الصوم قسماً مستقلاً أضافه لنفسه ، وجعل بقية أعمال ابن آدم قسماً واحداً . فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمئة ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجــَلَّ: إِلا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ، فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ). وقد خص الله الصائمين بباب من أبواب الجنة لا يزاحمون عليه ، وخص لهم نزلاً لا يشاركون فيه ، جعلني الله وإياكم من الصائمين المقبولين . وفي الخطبة الثانية ذكر فضيلته : أن المصيبة في الدين من أعظم المصائب ، قال السفاريني : المصائب تتفاوت ، فأعظمها المصيبة في الدين – نعوذ بالله من ذلك – فإنها أعظم من كل مصيبة والمسلوب من سُلب دينه . وتابع فضيلته : فإذا رأيت إنساناً لا يبالي بما أصابه في دينه من ارتكاب الذنوب والخطايا ، من فوات للجمعة والجماعة وأوقات الطاعة ، من ولوغ في المحرمات ، من انتهاك للحرمات ، ومن انتهاك لحدود الله وتجاوز لها ، فاعلم أنه المصاب حقاً ، وأنه ميت لا يحس بألم المصيبة ولا يشعر ، وقد عظمت مصيبته وتفاقمت فاجعته ، وجل عزاؤه ، وطالت حسرته وندامته من ضيع فرصة رمضان ، وفات عليه الأوان . وأخيراً عباد الله : أن الله قد أسبغ علينا النعم ، وأكرمنا بالأمن والأيمان ، والحمد لله الذي بلغنا رمضان . كما أوصى فضيلته : يجب علينا أن نقف صفاً واحداً أمام من تخول له نفسه أن يهدد أمننا وأن يزرع الفتنة في صفوفنا ووحدتنا ، وأن يفت في عضدنا ، فالمستهدف معشر الأخوة ، إنما هو عقيدتنا وديننا ، وكل من تهيأ المسلمون لموسم من مواسم دينهم حيكت لهم المكائد للصد عنه ، وأبرمت عليهم مؤامرات الفتنة . وإيماناً بالله وثقة بقيادتنا الرشيدة ، وعقيدتنا الراسخة فإن بضاعة الخائنين هي الخسران ، وحظهم هو الخذلان ، وكيدهم في نحورهم (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) ولن تتزحزح دولتنا عن عقيدتها ووحدتها وسيحفظ الله لها أمنها ودينها (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ) واختتم فضيلته الخطبة بالدعاء : اللهم احفظ هذه البلاد بحفظك ورعايتك ، اللهم أدم عليها أمنها ووحدتها واجتماع كلمتها ، اللهم احفظها من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، اللهم من أراد بها سوءا فأشغله في نفسه ورد كيده في نحره ، اللهم بلغنا صيام شهر رمضان واغفر لنا وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم .

مشاركة :