مسلسل عن الفساد يضرب على وتر صيني حساس

  • 5/19/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

نادراً ما يحظي رئيس مدينة صينية بمعجبين أكثر من لي داكانغ، رئيس الحزب الشيوعي المتفاني والمخلص لمدينة جينغتشو. وكما يردد دائما «أريد التنمية، أريد السرعة وأريد الناتج المحلي الإجمالي. ولكني أريده أن يكون ناتجا محليا اجماليا حديثا وعصريا، الناتج المحلي الاجمالي الذي يأتي من دون تلوث». على مدى الشهر الماضي، عشرات الملايين من الصينيين تابعوه وهو يسعي جاهدا لتحقيق هذه الوعود. ويتشاركون على هواتفهم الذكية صور الرجل بعينيه المتعبتين وابتسامته السلسة، ويتناقلون كلماته ويهللون له. بل إن سياساته خلدت في عمل موسيقي يحمل اسم «أغنية الناتج المحلي الإجمالي». لي داكانغ ليس حقيقيا ولا حتى جينغتشو. هما موجودان فقط في مسلسل يحمل عنوان «باسم الشعب»، وهو مسلسل تلفزيوني شهير من 55 جزءاً حول معركة الصين ضد الكسب غير المشروع. منذ أول بث له في مارس، اجتذب المسلسل الانتباه لتصويره الفساد الرسمي، وهو أمر غير عادي في سياق الرقابة الصينية، إضافة إلى الرؤية التي عرضها المسلسل لمجموعة المشاكل الاقتصادية في الصين، ليس فقط في سياق سيناريو المسلسل، ولكن في رد فعل الرأي العام. ويتطرق هذا المسلسل إلى الموضوعات الاقتصادية التي غالبا ما تكون ساخنة جدا بالنسبة لوسائل الإعلام الصينية. ومنها على سبيل المثال، اشتباك عمال المصنع مع الشرطة بعد أن تسبب إفلاس المصنع بمحو قيمة أسهم الشركة، وجمع ابن أحد كبار القادة حصصا كبيرة في الشركات المحلية لمصلحة عائلته، مما يؤدي إلى أن يصبح صاحب مشروع صغير رهينة أحد أباطرة القروض. ويعرض المسلسل أيضا كيف يطلب المصرفيون المحليون «رسوم استشارات» عند تقديم القروض ويضعونها في جيوبهم. المسلسل واقعي جدا لدرجة أن الصحافة الصينية أفادت في تقاريرها بأن غوشوغينغ، وهو أكبر منظم للمصارف في البلاد، أشار إلى المسلسل في تحذير للبنوك أثناء اجتماع عقد مؤخرا. إن القصة الاقتصادية الأكثر اتساقا هي السعي الحثيث الذي يبذله لي لتحقيق النمو والمشاكل التي يجلبها هذا التركيز الضيق. هو نفسه يبدو نظيفا، ولكنه يغض الطرف عن الفساد حوله. إصراره على التحرك بسرعة يسبب ضررا حقيقيا. عندما كان مسؤولا شابا، أدى تحرك متهور ومسعور لبناء طريق ريفي إلى وفاة رئيس القرية. وفي وقت لاحق من حياته المهنية، يثير قراره المتسرع بتفجير مصنع احتجاجا يؤدي إلى إصابة أكثر من 30 شخصا. هذا السجل المؤسف يبدو سببا للاعتراض على لي. بدلا من ذلك، هذه الشخصية الممتلئة بالعيوب تحظي بإعجاب كبير يفوق ما يحظى به المسؤولون الذين يقودون معركة الحزب ضد الكسب غير المشروع. وبدأ التجار على الإنترنت بيع نسخ من سترة من دون أكمام وترمس الشاي اللذين يفضلهما. جولات لي وتعهده «بالدفاع عن الناتج المحلي الإجمالي» اللذين يملآن الإنترنت، وتقليده الذي ينتشر بسرعة بين الناس، هو في جزء منه مزاح ودعابة، ولكنه يكشف عن دعم الرأي العام للموظفين الحكوميين ممن هم على شاكلته. لماذا يحظي لي داكانغ بكل هذا الإعجاب؟ يرجع ذلك جزئيا إلى أنه أكثر قابلية للتصديق من المسؤولين الذين يظهرون بمظهر القديسين الساعين إلى التخلص من الفساد. إلا أن هناك ما هو أكثر من ذلك. حتى عندما يرتكب لي أخطاء، فإن هوسه بالنمو يلقى استقبالا حسنا جدا. بينما لا ينظر إلى المسؤولين الحذرين النظيفين الذين يخطئون إلى جانب التقاعس عن العمل، هذه النظرة الجيدة. في السنوات الأخيرة، بدأت الصين في التأكيد على أهداف أخرى للسياسات العامة تتجاوز الناتج المحلي الإجمالي، من تعزيز الثقافة وحماية البيئة. الهوس بلي داكانغ يظهر أن هناك حدودا لهذا التحول، وهذه الحدود مصدرها ليس الحكومة فقط، فالنمو السريع لا يزال له شعبية كبيرة عند الصينيين.   ذي إيكونوميست

مشاركة :