طرابلس - أعربت الامم المتحدة الجمعة عن أسفها حيال سقوط "عدد كبير من القتلى" في هجوم ضد قاعدة تسيطر عليها قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في جنوب ليبيا، ما قد يعيد إحياء النزاعات في البلاد. وقالت مصادر عسكرية إن القوة الثالثة، المجموعة المسلحة التي تتمتع بنفوذ كبير في مدينة مصراته والموالية بشكل شبه رسمي لحكومة الوفاق الوطني، شنت الخميس هجوما على قاعدة براك الشاطئ التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي. وقال عميد بلدية براك الشاطئ إبراهيم زمي إن 74 جنديا من اللواء 12 قتلوا في الهجوم وجرح 18 آخرين. وتوعدت القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية بأن ردها على مقتل جنودها من اللواء 12، سيكون "قاسيًا وقويا". وندد المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بالهجوم الغادر، نافيا في الوقت ذاته أي صلة له بالاعتداء. ونفي المجلس الرئاسي ما يتردد بشأن إصدار تعليمات لوزارة الدفاع بحكومة الوفاق مثلما يردد "دعاة الفتن"، مؤكدا أنه لن "يتورط أبدا في إراقة دماء الليبيين". ودعا الجمعة في بيان نشره على صفحته بفايسبوك إلى وقف فوري للاشتباكات في الجنوب الليبي، فيما تقدم بالتعازي والمواساة لأُسر ضحايا الهجوم على قاعدة براك الشاطئ. وقال إنه بصدد فتح تحقيق عاجل في ملابسات الاعتداء، مؤكدا أنه سيعمل بكل الجهد والإمكانيات لـ"مواجهة خطر التصعيد العسكري الذي يستهدف استقرار الوطن كله"، معبرا عن أمله في أن يسود العقل والحكمة ويعود الوئام بين جميع الليبيين. وقال إن "ما جرى في براك استمرار للعبث بالاستقرار"، مشيرا إلى أنه حذر مرارا من استغلال البعض لعدم الاستقرار. وأكد أن هذا التصعيد "يجهض الجهود المبذولة لحقن الدماء والمصالحة الوطنية، وإنه أمر مؤسف أن يقتل الليبيون بعضهم بعضا". وهاجمت القوة الثالثة وكتائب مساندة لها الخميس، قاعدة براك الجوية في عملية مفاجئة من ثلاثة محاور، ما أسفر عن تدمير بعض الآليات وسقوط قتلى وجرحى. وقال ممثل الامم المتحدة لدى ليبيا مارتن كوبلر "أشعر بالغضب إزاء التقارير التي تفيد عن وقوع عدد كبير من القتلى وبينهم مدنيون والتقارير التي تفيد عن احتمال وقوع إعدامات بإجراءات موجزة". وأضاف أن "عمليات الإعدام بإجراءات موجزة واستهداف المدنيين تشكل جريمة حرب يمكن ملاحقتها أمام المحكمة الجنائية الدولية". وأكد كوبلر أن "هذا الهجوم الشرس يجب ألا يدفع إلى المزيد من الصراع الخطير"، مؤكدا أنه "لا يوجد حل عسكري لمشاكل ليبيا". وأضاف "أناشد جميع الأطراف أن تدين هذا الهجوم وألا تسمح له بتقويض الجهود المكثفة التي ترمي إلى إيجاد حلول سياسية". وتقع قاعدة براك الشاطئء على مسافة 650 كلم جنوب طرابلس، في منطقة صحراوية ومهمشة حيث الدولة غائبة تقريبا منذ سقوط ليبيا في الفوضى بعد سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. وتدور اشتباكات بشكل منتظم بين الميليشيات والقبائل للسيطرة على كل انواع التهريب المربح مع تشاد والنيجر والسودان. وأصدرت حكومة الوفاق ووزارة الدفاع بيانا يدين الهجوم مؤكدا عدم اصدار أوامر بهذا الاتجاه. وكتب السفير البريطاني لدى ليبيا بيتر مييت على حسابة في موقع تويتر أنه يشعر "بالاشمئزاز من هجوم براك الشاطئ والتقارير عن اعدامات جماعية. يجب احالة منفذيه إلى القضاء". وتأتي هذه المجرة في صفوف القوات الليبية والتي تجمع الآراء في ليبيا على أنه هجوم غادر على اثر لقاء تاريخي بين المشير حفتر وفايز السراج في أبوظبي حيث نجحت وساطة اماراتية في جمع الرجلين على طريق المصالحة وانهاء الانقسام السياسي. وقد اتفقا على وقف التصعيد العسكري في الجنوب. ومنذ مطلع أبريل/نيسان، شنت القوات الموالية لحفتر عدة هجمات على قاعدة تمنهنت الجوية التي تسيطر عليها القوة الثالثة. ولهذه القاعدة الواقعة قرب مدينة سبها، على بعد 600 كلم جنوب طرابلس موقع استراتيجي. لكن بعد لقائه السراج، أمر المشير حفتر بتعليق هجومه في الجنوب. وأدان رئيس البرلمان المنتخب عقيلة صالح "الهجوم الغادر للمليشيات الإرهابية على قاعدة براك الشاطئ الجوية"، وأعلن الحداد ثلاثة أيام "على أرواح شهداء القوات المسلحة العربية الليبية الذين سقطوا" هناك. وندد بـ"الهجوم الإرهابي الذي ارتكبته ميليشيات القوة الثالثة وحلفاؤها" معتبرا أن ذلك يشكل "انتهاكا خطيرا لاتفاق وقف إطلاق النار في أبوظبي". وأوضح صالح أنه أصدر توجيهات إلى القوات المسلحة لتتخذ الاجراءات اللازمة من أجل الرد على هذا الهجوم والدفاع عن الجنوب وتطهيره من كل "الميلشيات الخارجة عن القانون". وحملت وزارة الدفاع في حكومة الوفاق المسؤولية إلى "أولئك الذين بدأوا قصف قاعدة تمنهنت بالطائرات والدبابات"، في اشارة إلى قوات حفتر. ولم تتمكن الحكومة التي تشكلت بموجب اتفاق تم التفاوض بشأنه برعاية الأمم المتحدة، من بسط سلطتها رغم اتخاذها طرابلس مقرا منذ مارس/اذار 2016. ومن المتوقع أن تقوض المذبحة في صفوف اللواء 12 جهود المصالحة الوطنية الليبية، فيما يعتقد محللون أن هناك أطراف دفعت بالفعل نحو نسف تلك الجهود من أساسها. وترفض ميليشيات مسلحة معظمها مؤيدة لجماعة الاخوان المسلمين في ليبيا أي تقارب مع المشير خليفة حفتر الذي يحارب جماعات اسلامية متطرفة في شرق البلاد ونجحت قوات الجيش الليبي تحت قيادته في بسط الأمن والاستقرار.
مشاركة :