بقلم - كولين لويس: تتزايد الدعاية حول الروبوتات التي من شأنها أن تتوّلى وظائف، في أعقاب صدور كتاب جديد هام بعنوان «عصر الآلة الثاني» بقلم إريك برينجولفسون وأندرو مكافي، ودراسة من إعداد «أكسفورد مارتن سكول» بعنوان «تاريخ الوظائف: ما مدى تأثّر الوظائف بالحوسبة الإلكترونية»؟ أمّا الكتاب، فيفيد بأنّ التكنولوجيا الرقمية والروبوتية تتقدم بوتيرة سريعة، إلى حدّ أنّ «المهن على أنواعها - بدءاً بالمحاماة ومروراً بقيادة الشاحنات - ستنقلب إلى الأبد رأساً على عقب. أما الدراسة، فتشير إلى أن وظائف أميركية بنسبة تصل إلى 47 في المئة قد تخضع للأتمتة في غضون السنوات السبع إلى العشر المقبلة. وعلى الرغم من الآفاق القاتمة، تنطوي التطورات في مجال الروبوتية والتكنولوجيا ذات الصلة على تأثير إيجابيّ، يطال الصناعة المحلية والخدمات. إلى ذلك تُعتبر الروبوتيّة قابلة للاستدامة، وتسمح باستحداث وظائف، حتى أنّها سمحت، في الاقتصاديات المتقدمة، بعودة التوجّه نحو استعادة وظائف كانت تُعهَّد إلى الخارج (بفضل تعهيد الأعمال للروبوتات). وبالتالي، نتج عن مزيج من التطورات في مجال الأتمتة، ومن ارتفاع الأجور في الدول المتقدمة، إخلال بالوعد الذي يقضي بالحدّ من التكاليف من خلال تعهيد الأعمال إلى الخارج. وفي هذا السياق، تلفت شركة «ساذرلاند غلوبال سرفيسز» للتعهيد، الواقع مقرها في روتشستر، نيويورك، إلى قدرتها على خفض التكاليف التي يتكبدها العملاء، بنسبة تتراوح بين 20 و40 في المئة، من خلال تعهيد العمل الذي تحتاج إليه في مجال تكنولوجيا المعلومات إلى اقتصاد نامٍ. ولكنها تضيف أنّها قادرة على خفض التكاليف، بنسبة قد تصل إلى 70 في المئة، إن لجأت إلى برنامج مؤتمت، وإلى موظّفين في الولايات المتحدة، بهدف إنجاز مهام تتطلب أحجاماً كبيرة من البيانات المنظّمة. وليس من المفاجئ أن يكون موقع «أمازون» الإلكتروني رائداً في مجال تعهيد الروبوتات. ففي آذار (مارس) 2012، أعلنت مجموعة البيع بالتجزئة على الإنترنت عن استحواذها على شركة «كيفا سيستمز» للروبوتيات، المتخصصة بأتمتة المخازن، مقابل 775 مليون دولار عدّاً ونقداً. وبحلول تشرين الأول (أكتوبر)، لفت الرئيس التنفيذي جيف بيزوس أنّ الموقع «وزّع 1382 روبوتاً من طراز «كيفا» على ثلاثة مراكز تلبية الطلبات». إلا أنّ عدد الموظفين في هذه المراكز يواصل نموه - حيث استقدمت الشركة 20 ألف موظف بدوام كامل في الولايات المتحدة السنة الماضية. وخلال السنة الجارية، وعندما أعلن موقع «أمازون» أنه سيوظف 2500 موظف إضافي في مجال تلبية الطلبات داخل الولايات المتحدة، شدّد على أن الوظائف المذكورة تنطوي على علاوة دفع بنسبة 30 في المئة على وظائف التجزئة التقليدية. وبالتالي، نرى أنّ حسن استعمال التكنولوجيا لا يسمح فقط باستبدال العاملين - بل يجعلهم أيضاً أكثر إنتاجيةً. وبالنسبة إلى المديرين، سيتطلب التوجه نحو التعهيد للروبوتات نقلة نوعية في طريقة التفكير. فبدلاً من نقل العمليات إلى أي موقع تسجل فيه تكاليف عمالة أقل، يجدر التفكير في الأدوات التي يمكن أتمتتها، واكتشاف أفضل طريقة للجمع بين الخبرة البشرية والروبوتية. - (كولين لويس خبير اقتصاد سلوكيات وعالم بيانات يوفر بحوثاً وخدمات استشارية في مجالات الأتمتة، والروبوتية، والذكاء الاصطناعي).
مشاركة :