تلقت أوروبا تحذيرات جديدة من خطر عودة الدواعش، وما يمكن أن يشكله الأمر من تهديد للأمن الأوروبي ومخاوف من اعتداءات إرهابية جديدة، تستهدف المدنيين الأبرياء وبطرق مختلفة، وذلك في ظل مؤشرات على تدفق متزايد للمقاتلين من مناطق الصراعات وخاصة في سوريا والعراق، إلى دول الاتحاد الأوروبي، بحسب تحذيرات صدرت عن الأمم المتحدة، وقال جان - بول لابورد رئيس لجنة مكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة إن أوروبا ستواجه هذا العام تدفقا لمقاتلي تنظيم داعش الذين انهزموا في سوريا والعراق والذين يعتبرون أكثر خطورة من العائدين السابقين وأكثر خبرة بالحروب والمعارك. وقال لابورد في حديث إلى الصحافيين عقب اجتماع مع مسؤولين بالاتحاد الأوروبي مساء الخميس، إن عدة دول أوروبية تُقدر أن معدلات تدفق المقاتلين العائدين من مناطق النزاعات ازدادت بنسبة الثلث خلال العام الأخير. ومستويات التهديد مرتفعة في غرب أوروبا بعد موجة هجمات أسفرت عن مقتل العشرات خلال العامين الأخيرين وتشعر عدة دول بالقلق حيال قدرتها على حماية حدودها. وقال لابورد إن المقاتلين الأجانب الذين يسعون إلى العودة لأوروبا الآن «أكثر خطورة» بكثير من العائدين السابقين إذ يملؤهم السخط بعد سنوات من المعارك. وفقد «داعش» مساحات كبيرة من الأراضي خلال حملات عسكرية من ضمنها حملة جيش النظام السوري المدعومة من روسيا وكذلك عمليات الفصائل المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة. وقال لابورد «هؤلاء الأشخاص عادة أكثر التزاما بكثير وأكثر خبرة واحترافا»، وأضاف: «على الرغم من قيود السفر، سيبقى لدينا عدد من المقاتلين الإرهابيين الأجانب الذين سيتسللون على الأرجح عبر الحدود ويعودون، يعودون إلى هذه الدول، وبخاصة مع شبكات تهريب». إلا أنه قال إن القيود نجحت في المساعدة على الحد بدرجة كبيرة من أعداد المقاتلين الإرهابيين الأجانب الذين يسافرون للانضمام إلى «داعش». وتقول الأمم المتحدة استنادا لتقديرات حكومية إن ما بين 40 و50 في المائة من نحو 30 ألف مقاتل أجنبي، ليس جميعهم من أوروبا، غادروا بالفعل أراضي خاضعة لسيطرة «داعش». والشهر الجاري تعددت التصريحات التي صدرت من عدة عواصم أوروبية، تحذر من وجود مخاطر عالية بوقوع هجمات إرهابية جديدة في أوروبا، ودعا رئيس البرلمان الأوروبي، أنطونيو تاياني إلى تشكيل وكالة استخبارات أوروبية على غرار الـ(سي آي إيه) الأميركية لمواجهة تحدي الإرهاب في القارة العجوز، وقال تاياني: «نحن بحاجة إلى مزيد من التعاون بين أجهزة المخابرات، ربما تنسيق مخابراتي من نوع (سي آي إيه) أوروبية، بوسعها تجميع كل البيانات لأنه لا توجد حدود (جغرافية) بالنسبة للإرهابيين، وبالتالي لا ينبغي وجود حدود للذين يكافحون الإرهاب». وشدد رئيس الجهاز التشريعي الأوروبي على أن «مكافحة الإرهاب لا تعني إغلاق الحدود، لأن الكثير من الإرهابيين لديهم جوازات سفر أوروبية»، في معرض رده على الذين يتذرعون بالإرهاب لإغلاق الحدود الوطنية. وجدد تاياني التذكير بأن «هناك حاجة للتعاون وأيضا مع دول خارج أوروبا، يجب علينا أن نولي اهتماما كبيرا بمنطقة البلقان لأنها يمكن أن تصبح برميل بارود: فلدينا معلومات بأن كثيرا من المقاتلين الأجانب الفارين من الرقة (سوريا) والموصل (العراق) بدأوا الوصول إلى البلقان»، على حد تعبيره. ومن جانبه قال فيليب لامبرتس زعيم كتلة الخضر في البرلمان الأوروبي، إن التعاون الأمني بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لم يصل بعد إلى الشكل المطلوب. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أضاف المسؤول الأوروبي، أن التعاون الأمني بين الدول الأعضاء في الاتحاد، لم يصل بعد إلى الدرجة المطلوبة لا من حيث جمع المعلومات الأمنية أو تبادل تلك المعلومات، ويجب أن يكون التعاون أعمق في هذا الإطار سواء بين الدول الأعضاء أو بين المؤسسات الأمنية والقضائية، وتسهيل عمليات أمنية مشتركة والتنسيق بين الأجهزة المعنية في إجراء تحركات وملاحقات للمشتبه في علاقتهم بالإرهاب، ويجب بشكل إجمالي تعزيز العمل المشترك في مجالات مختلفة. وحول تصريحات رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاياني مؤخرا، بشأن وصول أعداد من المقاتلين الأجانب من مناطق الصراعات وخاصة من سوريا والعراق، أجاب لامبرتس بالقول: «بالفعل هذا حقيقي، المقاتلون على أعتاب أوروبا، ويجب أن نحتاط لهذا الخطر ولكن للأسف الشديد لا يمكن معرفة أعداد هؤلاء بشكل محدد، ولا يستطيع أحد أن يتحكم في هذا الأمر، لأن هؤلاء عندما سافروا لم يعلنوا مسبقا أنهم ذاهبون بغرض القتال، ومن هذا المنطلق لا يمكن حصرهم بشكل محدد، ولا يمكن أيضا القول بالتحديد كم عدد الذين عادوا من هناك، ولكن على أية حال يجب أن نكون حذرين، ونكثف من إجراءات مراقبة الحدود، ونستعد لعودتهم وذلك نظرا لما يمكن أن يشكلوه من خطر على المجتمعات الأوروبية». وفي سويسرا قال وزير الدفاع غي بارميلين إن السؤال المطروح الآن ليس هو هل ستقع هجمة إرهابية هنا في سويسرا ولكن السؤال هو متى سيحدث ذلك؟ وفي نفس الوقت قالت وسائل الإعلام البلجيكية في بروكسل إن الحكومة السويسرية ووكالة الاستخبارات السويسرية تتوقع حدوث مزيد من الهجمات الإرهابية في أوروبا وترى السلطات السويسرية أن هناك مخاوف من وقوع هجمات إرهابية بوسائل مختلفة منها استخدام السيارات لدهس المواطنين أو السكاكين للاعتداء على أشخاص.
مشاركة :