أكد فضيلة الدكتور محمد حسن المريخي أن الشعور بقيمة الأيام والأوقات من أكبر المنن الربانية على العباد .. مشيرا الى أن استشعار الأشياء والوقوف على قيمتها ومكانتها هي نعمة جليلة يوفق لها المخلصون من عباد الله. وقال، في خطبة صلاة الجمعة أمس بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب، إن الله تبارك وتعالى أمر عباده المؤمنين باستشعار ما يعرض عليهم من خير أو شر بأن يتبينونه ويتحققوا منه حتى يفوزوا بخيرات ما يعرض إن كان خيراً أو ينجو من الشرور والخسارة إن كان شراً. وأوضح أن من رزقه الله استشعار أيامه ومواسمه وأوقاته، فاز بخيري الدنيا والآخرة .. مصداقا لقوله تعالى (فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب). ونبه الى أن عدم استشعار الأوقات ومواسم الخيرات والنعم الحسية والمعنوية ودعاة الخير وأهل النصح هو البلاء الكبير .. مبينا أن الله وبخ أقواماً لم يلتفتوا إلى نصح ربهم ورسلهم فخسروا منافع الدنيا ومنازل الآخرة، وصفهم الله بأنهم لا يعقلون .. لا يشعرون .. لا يعلمون. وقال إن خسارة الآخرة أكبر، فقد جهلوا مقام رسول الله وما جاءهم به لنجدتهم وفوزهم ولكنهم لم يوفقوا للاستشعار لكفرهم ومعصيتهم فإنهم كانوا مفسدين في الأرض ولكنهم لا يشعرون وكانوا سفهاء لا يعلمون. قيمة الاخوة وأضاف "كم من الناس لم يستشعروا مقام ومكانة من جاءه وأرسله الله إليه فخسره، وكم من الناس لم يستشعر الأخوة فباعها برخص، وكم من الناس لم يستشعر أخوة إخوانه فأهملها فضاعت حياته، وكم من لم يستشعر خطورة أكل الحقوق فتعدى الحدود فيها وكم من الناس فوت على نفسه الخير والفلاح لما لم يستشعر النعم. ولفت الى أن القرآن يقص علينا أخبار أقوام لم يستشعروا النعم الحسية والمعنوية فتضرروا وخسروا وهلكوا، ووصف حالهم بأنهم لم يستشعروا بسبب مكرهم واستعلائهم وبطرهم وإهمالهم وركونهم إلى الدنيا وإهمال جانب الله تعالى (ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون، فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنّا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ان في ذلك لآية لقوم يعلمون). حال المستكبرين ودعا الى النظر في حال أبي طالب الذي لم يوفق ليستشعر مقام رسول الله ابن أخيه ودينه الذي جاء به، يقول له ويناشده ( يا عم قل لا إله إلا الله أحاج بها لك عند ربي) فلم يستشعر المناشدة النبوية بفعل أبي جهل الذي كان بجواره يقول له : أترغب عن ملة عبدالمطلب، فمات وهو يقول : على ملة عبدالمطلب). وذكر أن فرعون لم يستشعر مقام موسى عليه السلام ودينه بل استعلى واستكبر حتى راى أن موسى عليه السلام سيفسد في الأرض ويبدل دين الفراعنة يقول (إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد). وأضاف : ما أكثر الذين لا يستشعرون اليوم، فتأخذهم أنفسهم وجهلهم ذات اليمين وذات الشمال ، يفوتون على أنفسهم الخيرات والبركات والمنافع ، وتسجل عليهم مواقف وأخلاق سلبية يعرفون بها وينبزون بها بسبب عدم استشعارهم لخطورة تصرفاتهم وسلوكياتهم. وقال خطيب الجمعة إن الله وفق السلف الصالح لهذه النعمة، نعمة استشعار الأوقات والأزمان والمعروضات فنجدهم يستغلون الأوقات بما يعود على أنفسهم بالنفع الدنيوي والأجر الأخروي ، فها هم يدعون ربهم ستة أشهر ليبلغهم رمضان ليقينهم أن رمضان مغفرة ورحمة وفوز بالدرجات والرضوان فإذا بلغوا الشهر قاموا وصاموا وعبدوا ربهم واستغلوا أيامه ولياليه حتى يودعوه فإذا رحل الشهر دعوا ربهم أن يتقبل منهم ستة أشهر ليقينهم أن من صام الشهر إيماناً واحتساباً غفرت له ذنوبه، وكانوا يستشعرون قيمة صلاة الليل بعد المفروضة وقراءة القرآن وصلة الأرحام والعمل للأخرة وكان همهم الشاغل العمل على مرضات الله ولقائه بدينه القويم وعقيدته السمحة والإيمان الصحيح والعمل بهذا الإيمان. مقام رمضان ودعا الى استشعار مقام رمضان، وقال إن شهر الصيام يستشعر مقامه بالوقوف على ما أودعه الله فيه من الأجور والخيرات والوعد الكريم لمن صامه وقامه واتقى ربه.. وقال إن رسول الله كان يستشعر أصحابه مقام الشهر ، ببشارته لهم ببلوغهم إياه يقول ( جائكم شهر رمضان شهر مبارك كتب الله صيامه....) وكان صلى الله عليه وسلم يشمر عن سواعد الجد والعمل فيه ويتفرغ للعبادة واستثمار الوقت كما يستشعر مقام الشهر بمطالعة ما قال الله ورسوله في هذا الشهر وما أودع الله فيه من الأجور.
مشاركة :