تتنوع مواجهة الإرهاب ما بين دينية وسياسية وأمنية وفكرية، والحق: أن الإرهاب لا يمكن أن يهزم إلا بمنظومة متكاملة من هذه العناصر المذكورة: (الديني والسياسي والأمني والفكري)، إلا أن عنصراً أخر مهماً لا يأتي ذكره حين تذكر مواجهة الإرهاب إلا لماماً وفي لمحات خاطفة، ذلك: هو العنصر "الاقتصادي". فهل فعلاً له أهمية توازي أو تقارب العناصر الأخرى ؟ أستطيع أن أجيب بــ: نعم، وأن أبرهن على ذلك، باعتبار أن الاقتصاد بما يعنيه من علاقات تجارية، ومصالح مشتركة، يفتح آفاقاً من التعارف، والتعارف يؤدي إلى التفاهم، والتفاهم يحل كثيراً من الإشكالات، بل وتؤدي هذه المصالح المشتركة إلى ربط مصائر الشعوب بعضها ببعض، وهي نتيجة مهمة لمحاربة الإرهاب ومكافحته الذي لا يعيش إلا في مناطق الأذى والأحقاد والفوضى وتضارب المصالح. نحن نعرف: أن فكرة: "الربح من التجارة" إحدى أهم الأفكار في علم الاقتصاد "وهي ليست فكرة جديدة"، وأن الناس والدول في عالم اليوم يميلون إلى التخصص في حقل معين، ثم مبادلة ما ينتجونه مع ما يحتاجونه من الدول الأخرى، فعلى سبيل المثال: حققت اليابان نمواً إنتاجياً هائلاً بالتخصص في صناعة سلع السيارات والالكترونيات، وهي تصدر الكثير من مخرجاتها الصناعية لدفع قيمة وارداتها من المواد الخام. كما نعرف: أن الدول التي جربت "استراتيجية الاكتفاء" الذاتي لم تنجح، وأن التجارة تغني جميع الأمم، وترفع من مستوى معيشة كل شخص، كما يقول أ. سامويلسون ويليام و د. نورد هاوس هذا المشهد الاقتصادي في التبادل التجاري عند تطويره بإدخال بعض العناصر الثقافية، التي تنقل العلاقات الاقتصادية من علاقات مادية بحتة إلى علاقات ذات بعد حضاري يؤسس للحوار والنقاش الهادف البناء الذي يسهم في فهم الآخر وخصوصياته وثقافاته، لا شك أنه سيسهم في مواجهة الإرهاب وإضعاف حججه ومنطلقاته. ونتطلع أن تولي القمة العربية الإسلامية الأميركية هذا المحور الاهتمام والتطوير.الأمين العام لهيئة كبار العلماء عضو المجمع الفقهي الإسلامي
مشاركة :