ناقشت في زاوية الأسبوع الماضي محاور ندوة «أهمية الحماية الاجتماعية في سوق العمل» والتي نظمتها مؤسسة الملك خالد الخيرية ضمن دورتها السادسة لحوارات تنموية لعام 2017م، وكان من ضمن المحاور الهامة التي تم مناقشتها هو «تحفيز فرص العمل اللائق في القطاع الخاص» والتي تقوم على تعزيز مشاركة الفئات الأقل حظاً في سوق العمل وتشجيع مفهوم التعلُّم مدى الحياة، والسلوكيات في سوق العمل! فالعمل اللائق برز مفهومه في الآونة الأخيرة كأحد أهم ضمانات الحماية الاجتماعية في سوق العمل وهذا المصطلح يجمع المكونات التالية «الفرص الوظيفية العادلة ، والأجر الكافي وإنتاجية العمل، وبيئة العمل الآمنة ، والتأمين الاجتماعي»، وقد أفرد للعمل اللائق هدف مستقل ضمن أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030م «الهدف الثامن، العمل اللائق والنمو الاقتصادي»، حيث ترى الأمم المتحدة أنه من غير الممكن تحقيق النمو الاقتصادي الذي يخدم جميع شرائح المجتمع من دون توفير فرص العمل اللائقة ، كما أن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية التزمت بهدف استراتيجي في برنامج التحول الوطني 2020م على «توفير فرص عمل لائقة للمواطنين من الجنسين»، وإذا استعرضت واقع عمل المرأة السعودية ونسبة مشاركتها الاقتصادية في سوق العمل السعودي، فإنها مازالت ضعيفة ! حيث لاتزال الفجوة واسعة ما بين المرأة والرجل في نسب البطالة والمشاركة الاقتصادية، حيث تشارك 22.8 % من النساء اقتصادياً مقارنة 79.5 % من الرجال، وتعاني ما نسبته 21.3 % من النساء من البطالة مقارنة بمعدل بطالة نسبته 2.6 % بين الرجال (إشارة لتقرير مسح القوى العاملة للمملكة الربع الرابع 2016م)، إلى جانب اتساع فجوة الأجور بين السعوديين والسعوديات خلال السنوات القليلة الماضية، حيث ارتفعت لثلاثة أضعاف بين عامي 2014 و2016م من 3.4 وبمقدار 324 ريالاً ، إلى 10 % وبمقدار 1077 ريالاً! وبالرغم من أن المشاركين تطرقوا إلى غياب اهتمام أصحاب العمل بتوظيف النساء بسبب ضعف الحوافز المقدمة للمرأة العاملة وخصوصاً تلك المتعلقة بالتأمين الصحي لها ولعائلتها، وتسهيل المواصلات، بالإضافة إلى عزوف أصحاب العمل عن الاستثمار في بيئة العمل الملائمة للمرأة من حيث توفير الحضانات لأطفالهن ودورات المياه المستقلة عن الرجال! وإن كانت كثير من النساء المُعيلات لأسرهن تقبل بكثير من المهن غير اللائقة بهن، فهذا ليس بسبب عدم الوعي بحقوقن القانونية فقط، بل بسبب حاجتهن الماسة لتأمين مصدر رزق ولو مؤقتاً لهن ولأسرهن! فالتمييز الذي يمارسه أصحاب العمل ضد المتزوجات والأمهات والاقتصار على الشابات فقط للخلاص من توفير البيئة الملائمة والعمل اللائق، يحتاج لتدخل أقوى من وزارة العمل للحدّ من هذا التمييز ورفع شأن النساء المُعيلات في سوق العمل، حتى يتم الحدّ من ازدياد الأسر الضمانية من جانب آخر، ودفعهن للإنتاجية الكريمة!
مشاركة :