بقلم : فاطمة البشري - أم عامر فهد أن يسير الإنسان في حياته دون هدف فهذا يعني دقائق وساعات عمره تُهدر دون أن يكون له منجز يذكر، لقد خلقنا الله عز وجل لهدف محدد قال تعالى: ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)) آية (56) سورة الذاريات، بالإضافة للهدف الأسمى الذي خلقنا من أجله هناك أهداف أخرى كعمارة الأرض، فكيف نعمُر الأرض إن لم يكن لدينا علم، وكيف يكون لدينا علم إن لم يكن لدينا رغبة وهمة تحفزنا لطلبه!. إن الهمة خلق رفيع جم تعشقها القلوب وتهفو لاكتسابها، ذوي الهمم العالية يكون لديهم تصور واضح لما يريدون، ولا شك أن وجود أهداف في حياة الإنسان يجعل لحياته معنى، بل يشعر بلذة تغمره عند تحقق هدف من أهدافه، إن من المؤسف حقًا أن ترى بعض الشباب يتخبط في الحياة فلا يعرف إلى أين يتجه ولا إلى أين يسير؟، إذا حصل على اليسير من علم أو عمل رضي به واقتنع، والبعض تراه طامحًا ومجتهدًا، لكن إذا واجهته مشكلة تعيق تحقيق ما يحلم به، رأيته يبكي على ماضيه ويندب حظه وينظر لتلك العقبات كأنها سور عظيم يقف في وجهه، أو أن أحلامه قد تحطمت على صخرة، ولن يستطيع النهوض مرة أخرى. إن ذي الهمة العالية لا يركز على المشكلة، بل على حل المشكلة، فهذا توماس آديسون يكتشف أن هناك (99) محاولة والمحاولة المائة كانت هي الناجحة، لم يقل أنا أخطأت، بل قال اكتشفت (99) طريقة لا تعمل بها الكهرباء، إذن ما تقع فيه من أخطاء أو ما يواجهك من مشاكل هي خبرات تضاف في سجلاتك تستفيد منها في حياتك فلا تكرر الخطأ ولا تقف عند المشكلة، كرر نفس المحاولة بطريقة أخرى وحاول إيجاد حلول بديلة، ليس العيب أن تخطئ، ولكن العيب ألا تستفيد من أخطائك. اجعل روحك تواقة للمحاولة والتجربة والمنافسة والنجاح، واجه تحدي الحياة بالابتسامة والأمل، فالحياة أمل من فقد الأمل فقد الحياة، لا تتوقع أن تحصل على ما تريد دون مجاهدة ومكابدة وإصرار وتحدٍ، قال تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ) آية (4) سورة البلد، أي أن الإنسان خلق وهو يكابد مضايق الدنيا، فلا سبيل لتجاوز تلك المشاق والهموم والعوائق إلا بالاستعانة بالله، ثم كثرة الاستغفار، يقول ابن تيمية: (إن المسألة لتغلق علي، فاستغفر الله ألف مرة أو أكثر، فيفتحها الله علي). ذلك الاستغفار، فماذا غير الاستغفار يمنحك الهمة والأمل، قوانين الطبيعة حيث إن فيها ما يعلمنا الكثير من الدروس، فإذا نظرت إلى الأرض في الشتاء وهي عارية تراها تكتسي خضرة في الربيع وتستمر في العطاء، فترى الأزهار الباسمة والعصافير السارحة والبلابل المغردة، عيونُ ناظرة ونفوسُ آسرة بجمال ذلك الروض وأيد قاطفه لثمار يانعة، تلك الثمرة التي مرت بمراحل كثيرة حتى نضجت، وعلى ضفاف الإصرار يضرب لنا النمل وعمله الدؤوب أروع ضروب التحدي، ما يمنحنا الحكم على طبق من ذهب، فهلا فهمنا قوانين الطبيعة واستفدنا منها؟. إذن بيدك أنت وأنت وحدك فقط من يزرع الهمة العالية في ذاتك لطلب العلم والعمل دون كلل أو ملل ضع نصب عينيك ما حددته من أهداف، أجعل أهدافك واقعية وليست مستحيلة قسمها على مراحل قريبة المدى وبعيدة المدى، كل يوم أسأل نفسك ماذا حققت اليوم وحاسب نفسك بالرفق ولا تكن جلادًا، عندما تحقق هدف ما كافئ نفسك ولو بعبارات بسيطة (كم أنا رائع، كم أنا شخص ناجح وطموح إلخ) أو بخروج إلى نزهة أو ما بما تحب وبما يرضي الله عز وجل. أيها الطالب المبتعث أنت ابن الوطن وأنت الثمرة اليانعة المرجوة فحقق الأمل فيك وأرفع رأس محبيك وعلى رأسهم والديك وأمتك ووطنك. أيقظ همتك.. واجه التحدي مع مصاعب الحياة.. اشعل رغبتك في النجاح، فالنجاح ثمرة لن تحصل عليها إلا بالهمة العالية والصبر والاجتهاد والمثابرة.
مشاركة :