أكدت وزارة التجارة والاستثمار السعودية، أن تراخيص الاستثمار التي منحتها الهيئة العامة للاستثمار لـ23 شركة من كبرى الشركات الأميركية ستسهم في توطين الوظائف، وتوفر آفاقاً مهنية قيّمة للشباب السعودي.في هذا الشأن، كشفت وزارة التجارة والاستثمار، عن أن الشركات الأجنبية ستكون ملتزمة بنسب التوطين المحددة وفق أنظمة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ويتوجب عليها تعيين مواطنين سعوديين في مناصب قيادية خلال السنوات الخمس الأولى من عملها في السوق السعودية، كما ستلتزم بتدريب أكثر من 30 في المائة من المواطنين السعوديين.وأكدت وزارة التجارة والاستثمار السعودية، أن شروط التراخيص الممنوحة لهذه الشركات تلزمها خلال السنوات الخمس الأولى بتحقيق واحد أو أكثر من الشروط التالية: تصنيع 30 في المائة من منتجاتها الموزعة محلياً في المملكة، وتخصيص 5 في المائة حدا أدنى من إجمالي المبيعات لتأسيس برامج بحثية وتطويرية، وتأسيس مركز موحد لدعم الخدمات اللوجيستية والتوزيع، وتقديم خدمات ما بعد البيع. وتعمل الشركات الأميركية التي مُنحت تراخيص الاستثمار بملكية كاملة في السعودية، في قطاعات حيوية عدة، منها قطاع المواصلات، والخدمات اللوجيستية، والمصارف، والصناعات التحويلية، وغيرها.وتأتي هذه التأكيدات التي أعلنتها وزارة التجارة السعودية يوم أمس (الأحد)، في وقت أعلن فيه وزير التجارة الأميركي ويلبور روس، أول من أمس، أن بلاده ستعمل مع السعودية على خفض القيود التشريعية المفروضة على الاستثمارات، وقال: «إنني متشوق لرؤية الخطوات التي تعمل عليها السعودية لخفض القيود التشريعية المفروضة على الاستثمارات الأميركية، ونحن في واشنطن نعمل على خطوات مماثلة أيضا لتخفيض القيود التشريعية أمام الاستثمارات السعودية».وتأتي هذه التصريحات، في الوقت الذي نجح فيه منتدى «الرؤساء التنفيذيين» السعودي - الأميركي في استشراف فرص الاستثمار، وتعزيز الشراكة الوثيقة بين البلدين في قطاعات حيوية عدة، منها قطاعات النفط والغاز، والطيران، والرعاية الصحية، والتكنولوجيا والتصنيع، والصناعات والبنية التحتية.ويأتي انعقاد منتدى «الرؤساء التنفيذيين» بالرياض أول من أمس، في خطوة جديدة تأتي عقب إطلاق المملكة لـ«رؤية 2030»، وهي الرؤية الطموح التي تستهدف نقل اقتصاد البلاد إلى مرحلة ما بعد النفط، عبر تنويع مصادر الدخل، وزيادة فرص الصناعة، وتعزيز مستوى الاستثمار في التكنولوجيا والتقنية.وأمام هذه التطورات، رسمت «رؤية السعودية 2030» خريطة طريق نحو تنويع اقتصاد البلاد، ونقله إلى مرحلة ما بعد النفط، وهي الرؤية التي برهنت نجاحاتها المتوقعة من خلال سلسلة من الاتفاقيات والعقود الكبرى التي تمت مساء أول من أمس بين السعودية والولايات المتحدة الأميركية. ومن الواضح تماماً أن بعض المشروعات الجديدة التي من المنتظر إتمامها عقب الاتفاقيات الموقعة أول من أمس، سيتم توجيهها لبناء البنية التحتية الحديثة في المملكة، في حين أن جميع هذه المشروعات تم اختيارها في إطار تحقيق «رؤية السعودية 2030».ويأتي التوجه الجديد الذي على إثره تم توقيع الاتفاقيات الضخمة، ضمن «رؤية السعودية 2030»، التي تستهدف تحويل جزء من العقود والمشتريات الاقتصادية المدنية والعسكرية إلى بناء مراكزها ومصانعها ووظائفها داخل المملكة، ففي مجال تقنية الطيران - مثلا - تم التوقيع على اتفاقيات، إحداها لتجميع وتصنيع طائرات مروحية عسكرية، تتضمن استحداث أربعة آلاف وظيفة.في الوقت ذاته، هناك اتفاقيات موجهة لخدمة استراتيجية المملكة لتوطين التقنية المتقدمة، تشمل بناء مصانع لأنظمة الدفاع الحديثة، تهدف إلى توفير نحو 15 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة للسعوديين.وتعمل الاتفاقيات الموقعة على استهداف خلق وظائف للشباب السعودي بما يلبي حاجات السوق المحلية، كما هو الحال مع الاتفاقية الموجهة لتطوير صناعات متعلقة بالطاقة المتجددة للسوق السعودية، والتي تستهدف خلق ألف وظيفة للشباب السعودي.وفي نفس مجال خدمة احتياجات السوق السعودية، هناك مشروعات مدنية تم توقيع مذكرات تفاهم بشأنها، إحداها للتصوير الإشعاعي، وأخرى للسحابة الإلكترونية للخدمات الصحية، وثالثة لتصنيع الأجهزة الطبية، وجميعها ستتم إقامتها في المملكة، ومن المتوقع أن تخلق وظائف ذات نوعية متطورة لألف شاب وفتاة.ومن المتوقع أن تلعب الاتفاقيات الكبرى الموقعة، أثراً واضحاً على صعيد تعزيز المحتوى المحلي الذي يعنى بتطوير القطاعات الخدمية والصناعية؛ إذ إن هناك تفاهمات في هذا المجال، إحداها تدرس تطوير عدادات شركة الكهرباء وربطها بالألياف الضوئية، وأخرى لتفعيل نظام معلوماتي متطور لمستشفى الملك فيصل التخصصي.وتؤسس هذه الاتفاقيات لمشروعات متقدمة ونوعية، تتميز بأنها آخر ما توصلت إليه الصناعة والعلم، كما أن هنالك اتفاقيات تم التوقيع عليها تتعلق بتصنيع بعض مكونات الذخائر الذكية وأنظمة الدفاع المتطورة، وهي المشروعات التي سيشارك في تصنيعها داخل المملكة أربعة آلاف موظف سعودي.ومن المؤكد أن الاتفاقيات الموقعة بين السعودية والولايات المتحدة الأميركية، ستلعب دوراً محورياً على صعيد نقل المعرفة والتقنية من أكثر أسواق العالم تطوراً إلى المملكة.وستفعل عدد من هذه المشروعات الجديدة الميزة الجغرافية الاستراتيجية للمملكة، كما أن جزءا من أهمية هذه المشروعات يرتكز في أنها ستساعد على جذب الاستثمارات إلى الأسواق السعودية.وتعتبر الشراكات مع الشركات الأميركية الكبرى شهادة على جدية التطور وأهميته، الذي يشمل الأنظمة والمرافق المختلفة في المملكة، فعلى سبيل المثال هنالك اتفاقيات تتضمن سلسلة من المشروعات المتعلقة بالتوطين في مجالات السلع والخدمات الموجهة لحقول النفط، ضمن برنامج «اكتفاء»؛ مما سيخلق آلاف الوظائف للشباب السعودي.ومن المتوقع أن يثمر دخول شركة «آي بي إم» للسوق السعودية في خلق آلاف من فرص التوظيف للشباب والفتيات السعوديين ضمن نقل التقنية، في حين ستساهم شركة «جنرال إلكتريك» في تهيئة 4 آلاف وظيفة متقدمة للسعوديين والسعوديات. ومن المؤكد، أن هذه الاتفاقيات والمذكرات التي تشملها اللقاءات السعودية - الأميركية تستهدف أيضا تمكين الشباب من المهارات لإدارة الوظائف المستقبلية، كما أنها تعكس بشكل واضح أن العلاقات الاقتصادية بين السعودية وأميركا، باتت أعمق وأشمل من النفط... حيث تغطي التعليم والتدريب ونقل التقنية وإقامة المصانع الحديثة والاستفادة من قدرات وتجربة السوق الأميركية.ومن الواضح أن السعودية تركز على المستقبل والتطور من خلال الشراكة مع الولايات المتحدة، التي تعتبر شريكا رئيسيا لتحقيق الأهداف الاقتصادية للمملكة، في حين يعكس ذلك عدد وحجم ونوعية الاتفاقيات ومدتها الزمنية الطويلة، حيث إنها ليست مشتريات، بل إنها نشاطات وأعمال مشتركة ومتعددة.
مشاركة :