قال وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي المهندس خالد الفالح أن تبادل الاستثمار مع الولايات المتحدة الأميركية يعد عاملاً مهماً في التنمية الاقتصادية للسعودية، إذ كانت التنمية الوطنية في العقود الماضية مبنية على الطاقة، وتطورت إلى مجالات أخرى في الوقت الحاضر. وأوضح أن الولايات المتحدة هي أكبر مستثمر في المملكة في مجالات الطاقة والرعاية الصحية والبتروكيماويات وغيرها من المجالات. وأوضح الوزير أن مُنتجات الاستثمارات الأميركية تتحول مع مرور الوقت، إلى صناعات قوية تستمر في تعزيز الشراكة بين السعودية والولايات المتحدة، لافتاً إلى أن ذلك يشمل صناعات البتروكيماويات، وحلقات سلسلة الإمداد الخاصة بالطاقة، إذ سيكون هناك استثمارات ببلايين الدولارات في المملكة، وهذا يُعزز مكانتها كأكبر مزود للطاقة في العالم. جاء ذلك في مؤتمر صحافي عُقد اليوم (الأحد) في مقر المركز الإعلامي للقمة العربية - الإسلامية - الأميركية في الرياض. أكد فيه الفالح أن اقتصاد المملكة مبنيٌ بشكل متين، ويمتلك الكثير من المقومات التي تعزز متانته، مُشيراً إلى أن هناك العديد من الموارد التي تُنتَجُ وتُطوَّر في السعودية بالاستفادة من الشراكات الدولية. واستعرض الوزير، متانة واستراتيجية العلاقات السعودية - الأميركية في مجالات الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، مبيناً أن العلاقة الاقتصادية بين المملكة والولايات المتحدة تمتد لأكثر من ثمانية عقود. وقال الفالح إن «رؤية المملكة 2030 تتطلب تنوعاً في الاقتصاد السعودي، وتركز على التوطين والتصدير للصناعات المختلفة، كما تتطلب أن يكون لدينا قائمة صناعية تنمو بشكل كبير من خلال جهود كبيرة، الأمر الذي يتطلب استثمارات هائلة في البنية التحتية الصناعية». وأشار إلى أن السعودية تحظى بالعديد من الشراكات الناجحة والمشاريع المشتركة والاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي تُشكل جزءاً جوهرياً من المكونات الرئيسة للإسراع بخطى النمو، مبيناً أن شركتي «أرامكو السعودية» و«سابك» تعملان على زيادة استثماراتهما في «صندوق الاستثمارات العامة» لضمان اقتصاد قوي وراسخ ومتنوع، وخلق بيئة استثمارية أفضل للمستثمرين، وهناك العديد من مذكرات التفاهم والاتفاقات التي تم توقيعها تغطي النطاق الكامل لـ «رؤية 2030». وفيما يخص الاستثمار المُتبادل مع الجانب الأميركي، أوضح الفالح أن هناك استثمارات هائلة من الجهات الأميركية تُسهم في دعم بناء القاعدة الاقتصادية للمملكة، للوفاء بمتطلبات تحقيق الرؤية، ومثلها أيضاً استثمارات هائلة من الكيانات السعودية في الولايات المتحدة، لزيادة قاعدة الاستثمارات هناك، مشيراً إلى أن من تلك الاستثمارات استحواذ شركة «أرامكو السعودية» على المصفاة النفطية الأميركية في مدينة بورت أرثر. وقال: «الولايات المتحدة تسعى إلى أن يكون لديها استثمارات في المملكة بما يفوق 250 بليون دولار، وهذا يزيد وتيرة وحجم الاستثمارات بين البلدين، التي تسارعت في السنوات الأخيرة، تحقيقاً لرؤية المملكة 2030 التي كان من أهم أهدافها زيادة وتيسير تدفق الاستثمارات. وبيّن الوزير أن العلاقات التي تربط المملكة والولايات المتحدة ارتقت إلى مرحلة جديدة اقتصادياً، إذ بلغت القيمة الإجمالية لجميع الاتفاقات الموقعة مع الجانب الأميركي 280 بليون دولار، الأمر الذي يسهم في تعزيز وترسيخ الشراكة بين البلدين، ويزيد تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى السعودية. وقال الفالح إن أحد العناصر الأساس لـ «رؤية 2030» هو تفعيل وزيادة المحتوى المحلي في القطاعات الأساس، وذلك بهدف أن يفوز المحتوى المحلي بأكبر نصيبٍ ممكن من حجم الإنفاق العالي جداً في قطاع الطاقة، وغيره من القطاعات. وأشار إلى أن «أرامكو السعودية» انطلقت في تحقيق الرؤية من اليوم الأول، وأطلقت برنامجاً يهدف لقياس المحتوى المحلي بطريقة مبتكرة، بما في ذلك عدد الوظائف التي يشغلها سعوديون أو المُتاحة لهم، ومجموع ما يصرف داخل المملكة من قبل الجهة التي تُمد «أرامكو» بالمواد والالتزامات، بما يضمن تحقيق الفائدة القصوى للاقتصاد الوطني، مبيناً أنه في إطار هذا التوجه نحو تعزيز المحتوى المحلي وُقّعت أمس، عشرة اتفاقات مع عدد من الشركات. وأشار الوزير أن شركة «معادن» وقّعت أمس ثلاثة اتفاقات لمصانع ومشاريع عملاقة، في سلسلتي صناعة الفوسفات والألمنيوم، مع شركة «غو»، فيما أعلنت «أرامكو» مع شركة «جيكوبس» عن إنشاء شركة مستقلة للقيام بإدارة مشاريع «أرامكو» مع شركة سعودية، سعياً للوصول بها إلى مستوى الشركات العالمية الكبرى. وفي شأن تطوير قطاع الكهرباء، قال الفالح: «حالياً، في طور إعادة الهيكلة»، والأشهر الماضية شهدت حراكاً قوياً جداً تمثّل في إطلاق مبادرات عدة، منها توقيع اتفاقات مع شركة «جنرال إليكتريك» لتوطين صناعة تروبينات توليد الطاقة من الرياح، إضافة إلى تقنيات أخرى مهمة ومعقدة، لتكون عنصراً أساساً في منظومة الطاقة في السعودية التي تشمل طاقة الرياح والطاقة الشمسية. وأشار إلى توقيع اتفاقٍ آخر مع شركة «داو»، مشدداً على أهمية هذه الاتفاقات لخلق فرص وظيفية للشباب في المملكة. وأكد وزير الطاقة أن ما تشهده المملكة من حراكٍ تنموي هو نتاج الجولات الناجحة التي أجراها خادم الحرمين الشريفين في آسيا، وما أسفرت عنه من توقيع اتفاقات مع الصين واليابان والدول الأخرى. وفي معرِض حديثه عن استقرار أسواق الطاقة العالمية، قال إن انتظام إمداد الأسواق العالمية بالطاقة يتطلب عملية تنظيمية خاصة في أوقات النقص، بما يضمن استقرار السوق، ليس فقط في الولايات المتحدة بل في العالم بأسره. وأبدى ترحيبه بالموقف الروسي الخاص بالدعوة إلى خفض الإنتاج لتسعة أشهر أخرى، مشيراً إلى أن توقف التعامل النفطي مع إيران يعود إلى العقوبات التي فرضت منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وأوضح الفالح أن منظمة «أوبك» تسعى إلى سد العجز الناتج عن الأوضاع في كل من ليبيا ونيجيريا عبر التزام جميع الدول بالحصص المقررة لها. لافتاً إلى أن أحد أهم أسباب الاتزان في السوق هو الاتفاق، بين المنتجين من داخل وخارج «أوبك» الخاص بخفض الإنتاج الذي أبرم في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، والذي انعكست قراراته الجيدة على استقرار الأسواق النفطية العالمية. مبيناً أن هناك إجماعاً على قرار تمديد خفض الإنتاج، وسط ترحيب كثير من الدول خارج وداخل المنظمة، مع الأخذ في الاعتبار مصالح الجميع في فتح حوار تسعى المملكة عبره إلى الوصول إلى صيغة مناسبة ترضي الجميع. وأفاد الوزير أن المملكة تُنتج ما يقارب 10 ملايين برميل من الزيت الخام يومياً، مشيراً في هذا إلى تحسن المؤشر المالي للمملكة وفق ما أعلنه وزير المال الأسبوع الماضي، إذ ارتفعت العائدات بنسبة 80 في المئة في الربع الأول من العام 2017مقارنة بالفترة نفسها من العام 2016، ما يؤكد تحسن الطلب والاستمرار في التوازن وارتفاع الأسعار. وفيما يخص طرح حصةٍ من ملكية شركة «أرامكو السعودية» للاكتتاب العام، أكد الوزير أن العمل يسير حسب الخُطة ليتم هذا في العام 2018م، مؤكداً أن الشركة مستعدة لهذا، وأن الإجراءات تسير في المسار الصحيح لإدراجها في سوق الأوراق المالية التي سيتم اختيارها.
مشاركة :