الخطاب الإعلامي الساخر مقاومة سلمية في مواجهة القمع السياسي بقلم: محمد الحمامصي

  • 5/22/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

محمد حسام الدين إسماعيل يكشف أن الخطاب الساخر ظهر امتدادا لفكرة المقاومة السلمية غير العنيفة للقهر السياسي وهو أمر اعتاد أن يلجأ إليه الشعب المصري عبر تاريخه.العرب محمد الحمامصي [نُشر في 2017/05/22، العدد: 10640، ص(18)]الفروق الصارخة بين خطاب الإعلام الرسمي والخاص القاهرة – خلال فترة زمنية قصيرة شهدت الصحافة المصرية زيادة كمية، وتحولا نوعيا في الكتابة الساخرة، وتزامنت مع نهاية عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، التي ازداد فيها عدد الأقلام الناقدة، والخطاب الساخر كنوع من المقاومة السياسية غير العنيفة، وهو ما رصده الدكتور محمد حسام الدين إسماعيل في كتابه “ساخرون وثوار.. دراسات علاماتية وثقافية في الإعلام العربي”. وبدأ إسماعيل التفكير في دراسة الخطاب الساخر، مع بزوغ نجم كتاب شباب مثل بلال فضل وعمر طاهر وغيرهما الكثير، وبرزت نجومية البعض من جيل الوسط بانتقال الصحافة المصرية من الصحافة الحزبية المتدهورة إلى الصحافة الخاصة الزاهرة وعلى رأس هذه الأقلام الكاتب الراحل جلال عامر. قدم إسماعيل في كتابه مجموعة من الدراسات أنجزها خلال أربعة أعوام امتدت من 2008 وحتى 2012، وتفاعلت مع أحداث المنطقة عموما ومصر خصوصا من تحولات اقتصادية وسياسية وإعلامية. وجاءت الدراسة الأولى عن “علاقة استخدام السخرية في الأعمدة الصحافية بالمقاومة السياسية”، وعالج فيها الخطاب المكتوب. ثم تزامن اهتمام الباحث بالنص المرئي الساخر متمثلا في الكاريكاتير مع تصاعد اهتمامه بالدراسات العلاماتية والثقافية، فقرر أن يخوض “مغامرة بحثية” بتطبيق مفاهيم هاتين المدرستين على الكاريكاتير الصحافي المصور لرجال الأعمال في مصر. وجاءت الرسوم الكاريكاتورية امتدادا لفكرة المقاومة السياسية السلمية بالخطاب، ونتيجة لهذا الاهتمام أصدر دراسة عن “رجال الأعمال في خطاب الكاريكاتير: دراسة علاماتية وثقافية للصحف اليومية المصرية”، وهي الدراسة التي اقترب فيها من فن صحافي يجمع بين النص المكتوب والصورة المرسومة. ورأى المؤلف أن يختم ثلاثيته البحثية بعمل يدرس “تمثلات وسائل الإعلام التقليدية والجديدة في كاريكاتير الصحف العربية: دراسة حالة لثورة 25 يناير المصرية”، والذي أضاف فيه الجديد في الدراسات العلاماتية والثقافية في سياق إعلامي عربي وليس مصريا فقط. وخلص إسماعيل إلى أنه في الدراسة الأولى “ظهر الخطاب الساخر امتدادا لفكرة المقاومة السلمية غير العنيفة للقهر السياسي وهو أمر اعتاد أن يلجأ إليه الشعب المصري عبر تاريخه القديم والوسيط والحديث والمعاصر في مواجهة السلطات الغاشمة”. وفي الدراسة الثانية “ظهرت الثقافة المصرية العربية الإسلامية في خطاب الكاريكاتير المرسوم والمكتوب على حد سواء لتؤدي دوراً رئيسيا هو المقاومة بالخطاب، إذ يؤسس الكاريكاتير خطابا مناهضا لخطاب النخبة السياسية المصرية المتحالفة مع نخبة اقتصادية قبل ثورة 25 يناير، هذا الخطاب المقاوم المناهض لرجال الأعمال يتمثل في أوجه عدة منها: تشبيه رجال الأعمال بالمماليك الجدد، وهجاء زواج السلطة بالثروة، وإظهار الثنائيات المتعارضة بين رجال الأعمال وبقية الشعب المصري، وأخيرا خلق أسطورة توحش رجال الأعمال بالمعنى الذي يستخدمه رولان بارت في التعبير عن الأسطورة، وهو أن تتحول العلامات إلى معان طبيعية منطقية لا تحتاج لنقاش أو مراجعة”. وفي الدراسة الثالثة، حاول المؤلف أن يحدد نقاط التشابه التي يستعير منها الكاريكاتير العربي الحالي أقنعة تاريخية تعكس ما تأسس عبر قرون طويلة من ثقافة عربية متجذرة، وليجد فيها الرسامون من المشابهات ما يحملهم على اختيار علامات معينة تعكس هذا التشابه التاريخي. وهذا الخطاب الذي ظهر في سياق معالجة الثورة المصرية يتمثل في أوجه عدة منها: تبيان عجز وسائل الإعلام الرسمية العربية، وإظهار الثنائيات المتعارضة بين قوة الإعلام الجديد وخور الإعلام الرسمي، وأخيرا خلق أسطورة قوة وسائل الإعلام الجديدة خاصة شبكات التواصل الاجتماعي بالمعنى الذي يستخدمه رولان بارت في التعبير عن الأسطورة كما تقدم.

مشاركة :