أقل ما يمكن قوله بعد مشاهدة هذه التحضيرات والترتيبات لزيارة الرئيس الأميركي إلى المملكة العربية السعودية، هو شكر الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده، وولي ولي عهده، والشعب السعودي، لأنهم كانوا -وبكل فخر- خير ممثل لأمتنا العربية والإسلامية في استقبال الرئيس ترمب والإدارة الأميركية، بكرم وحفاوة يعكسان الصورة الحقيقية للمسلمين والعرب، هذه الحفاوة وهذا الكرم شدّا الإعلام الغربي للحديث أكثر عن الزيارة وعن طبيعة العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين الولايات المتحدة الأميركية والعالم العربي والإسلامي من بوابة السعودية «قبلة المسلمين» ومركزهم الديني. إن زيارة دونالد ترمب للمملكة العربية السعودية كان لها الفضل في تسجيل عدد كبير من النجاحات على مستويات عدة، فهذه الزيارة كانت نجاحا بالدرجة الأولى للدبلوماسية السعودية التي قادها الملك سلمان بن عبدالعزيز، وأدت إلى اختيار الرئيس ترمب للمملكة كأول وجهة يزورها خارج الولايات المتحدة الأميركية، ورؤية القيادة لمستقبل المملكة شجع الرئيس ترمب أكثر على زيارتها والانفتاح عليها وإصلاح العلاقات الأميركية السعودية التي أصابها شيء من الفتور في عهد باراك أوباما، والتعرف عليها عن قرب، مما شكل عنده نظرة مختلفة لم يخفها الرئيس عندما غرد على حسابه في تويتر من الرياض معبرا عن فرحه لوجوده في العاصمة السعودية. يضاف إلى النجاح الذي حققته الزيارة توقيع عدد كبير من الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية، والاتفاق مع الجانب الأميركي على أن إيران عدو مشترك للمملكة والولايات المتحدة الأميركية، ومطالبتها بتفكيك شبكاتها الإرهابية في اليمن وسورية ولبنان، ووقف دعم الإرهاب الذي أكدت المملكة أن لإيران دورا في دعم تنظيمات كداعش والقاعدة. بالنسبة للموضوع اليمني كان الرئيس ترمب واضحا ومباشرا بدعمه خطوات القيادة السعودية لمواجهة الإرهاب هناك، وإعادة الاستقرار والشرعية لليمن، ورفض تمادي الحوثي بالانقلاب واستهداف المملكة بالصواريخ الباليستية، وتقديم كافة الدعم المطلوب لتأمين الحماية اللازمة للمملكة. من جهة أخرى، لا يمكن للقارئ لهذه الزيارة إلا أن يتوقف عند اللقاءات التي أجراها الرئيس ترمب مع العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة والتي أكد خلالها عن أن العلاقات الأميركية البحرينية لن تشهد أي توتر بعد الآن، ورغبته في إقامة علاقة طويلة الأمد بين إدارته والبحرين، وهذا يعني صراحة رفض إدارة ترمب المساس بأمن البحرين والتدخل في شؤونها الداخلية، ودعم قواتها الأمنية بفرض الأمن والنظام وملاحقة ومحاسبة الإرهابيين والمخربين التابعين لإيران داخلها. نعم في هذه الزيارة كان هناك رابح وخاسر، فقد ربحت المملكة العربية السعودية قلوب الملايين مجددا ومبايعتهم لها قائدا للأمتين العربية والإسلامية، ومركزا لمكافحة التطرف والإرهاب، وحجر الأساس لحماية الاستقرار والسلم العالمي ضد الإرهاب والتطرف بكافة أشكاله ومسمياته، لقد فتحت المملكة أبوابها وقلبها للضيف الأميركي وقادة الدول العربية والإسلامية، فكانت أرض الحرمين ومنبع الإسلام ومهد محمد -عليه الصلاة والسلام- هي الأرض التي جمعت قادة العالم برئيس أقوى دولة في العالم، لإرساء أسس جديدة في العلاقات على كافة المستويات، كيف لا ننحني احتراما وتقديرا لهذه القيادة الحكيمة التي غيرت الصورة النمطية للعلاقات بيننا وبين أميركا؟ كيف لا نشكر الشعب السعودي الوفي الذي فتح ذراعيه مستقبلا ضيوف المملكة بكل كرم وطيبة، ناقلين لهم الصورة الأروع عن السعودية والعرب والمسلمين. أما الخاسر الأكبر فكانت إيران التي عزلت نفسها وتحولت من دولة جارة إلى دولة مارقة راعية للإرهاب والتطرف، منبوذة على المستويين الدولي والإسلامي، فلم يذكر اسمها إلا وقد جمعته التصاريح بمطالبتها بوقف دعم الإرهاب والتطرف والتدخل في شؤون الدول، ووقف تصدير الثورة الإرهابية الخمينية، ومطالبتها بالاستيقاظ من حلمها الذي لن تحقق منه شيئا، لأنه وبوجود المملكة العربية السعودية سيتحول هذا الحلم إلى كابوس يلاحق خامنئي حتى نهايته، وأن عليها أن تعي أن نقل المعركة إلى الداخل الإيراني لن يكون بعيدا عن التنفيذ، وأن ما فعلته في عهد أوباما لن تستطيع تحقيق 1% منه في عهد دونالد ترمب وحزم وعزم سلمان بن عبدالعزيز. إن حكمة القيادة في المملكة العربية السعودية نقلتنا خلال سنوات من عاصفة الحزم إلى إعادة الأمل، وها هي تصل بنا إلى بر الأمان والسلام والعلاقات الاستراتيجية في قمة الرياض «العزم يجمعنا»، وهنا نستطيع أن نؤكد كعرب ومسلمين أننا نبايعكم في حزمكم وأملكم وعزمكم على السمع والطاعة لمواجهة ودرء المخاطر الإيرانية والتطرف والإرهاب، وحماية أرض الحرمين وبلاد المسلمين، وبكم نسامر، ومعكم ننتصر لحقوقنا وتاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا.
مشاركة :