هذه المرة لم تبدل وزارة الصحة طفلا فتسلم لأبوين غير ما أنجبا، هذه المرة بدلت وزارة الصحة جثة، فسلمت لذوي متوفاة غير ابنتهم المتوفاة، وإذا كان اكتشاف تبديل الأطفال ممكنا ولو بعد عشرات السنين، فإن اكتشاف تبديل جثة متوفى يصبح مستحيلا لو تأخر بضع ساعات، فكما تخفي الأرض الأخطاء الطبية، فإنها تخفي كذلك الجثث التي تم تبديلها، وإذا كانت جميع الجثث سوف تتشابه تماما بعد بضع شهور من الدفن، فإن من حق وزارة الصحة ألا تعتبر تبديل جثة ميت قضية تستحق الوقوف عندها طويلا، ومن حقها أن تحاصر المسألة في زاوية واحدة وأن تؤكد أن موظف ثلاجة الموتى هو من اكتشف التبديل وليس ذوو المتوفاة، ويا دار ما دخلك شر ويا ثلاجة الموتى ما خرجت منك جثة بالغلط. حادثة تبديل جثة متوفاة في القصيم تؤكد أننا ــ معشر الكتاب ــ مدانون لوزارة الصحة بدين يتوجب علينا شكره، ذلك أنه ما من وزارة توفر لنا ما توفره وزارة الصحة من موضوعات للكتابة على نحو أصبحنا نتوهم فيه أنه لو استقامت أمور وزارة الصحة و«انعدل» حالها، فإننا سوف نقع في مأزق كبير نضطر معه لأن نعتذر عن مواصلة الكتابة، أو نصرف نصف مقالاتنا للكتابة عن مردود اتفاق حياة الفهد وسعاد عبدالله على تطور الدراما الخليجية وتأثير ذلك على الإنتاج السينمائي في هونولولو. وزارة الصحة لا تقدم لنا موضوعات تتصل اتصالا حميميا باحتياجات المواطن وحياته وموته فحسب، بل تعمل هذه الوزارة الرائعة على تنويع هذه القضايا تنويعا مدهشا ومفاجئا سيجعل من أخبارها مادة جذابة للقراء تتسابق عليها الصحف ووسائل الإعلام المختلفة، على نحو يجعل من المحتمل أن تكون هذه الأخبار مادة لرسالة علمية في الإعلام تحت عنوان (أثر أخبار وزارة الصحة على تطور الصحافة وتوسيع دائرة توزيعها). ووزارة الصحة لا تنوع في أخبارها وأحداثها فحسب، بل تعمد إلى تغيير دائم في مسرح الحوادث ومواقع العرض، بحيث تنال كل منطقة ومحافظة ومدينة وقرية ومركز نصيبه من هذه الحوادث، وقد نجحت وزارة الصحة في هذا المجال نجاحا لم تستطع أن تحققه التنمية الشاملة رغم حرص المسؤولين وسعيهم لتحقيق ذلك. وزارة الصحة تمكنت من خلال مستشفياتها ومراكزها الصحية ومبانيها ومختبراتها وموظفيها أن تقدم لنا باقة متنوعة من الأخبار والأخطاء والكوارث المتنوعة الممتدة من تبديل المواليد، والمنتهية بتبديل الجثث، وما يمكن أن يقع بينهما من أمور تتصل بصحة الإنسان وحياته وموته. Suraihi@gmail.com
مشاركة :